الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
القوى والشخصيات المدنية والوطنية أمام تحديات كبيرة!

بدءاً يجب الاقرار ان الانتخابات تشكل مستوى متقدما من المعارك السياسية السلمية الكبيرة، التي يسعى كل طرف من اطرافها الى استثمار رصيده و استنفار قدراته وترتيب اوراقه كي ينتصر فيها.

اغلب المشاركين في هذه المعركة لا يتورع عن استخدام كل ما تقع يده عليه من ادوات، شرعية كانت ام غير شرعية. وهذا ديدن المتنفذين القابضين على السلطة غالبا.

اما الآخرون “القابضون على الجمر” فهم يواصلون تحديهم مهما كانت شراسة المعركة، زادهم وزوادتهم مراهنة مشروعة على وعي الشعب وصحوة ابنائه، وقدرتهم على بناء إئتلاف وطني عريض، وقناعتهم الراسخة بعدالة قضيتهم.

قراءة أولية لملامح الانتخابات القادمة تشير الى ان الغلبة حتى اللحظة الراهنة هي لصالح المتنفذين، حتى قبل ان يأذن الحكم ببدء ماراثون الانتخابات.

لماذا..؟ لانهم:

أولا: قابضون على السلطة بما تعنيه من ادوات للترغيب والترهيب.

ثانيا: قابضون على المال، الذي كدسوه بطرق باتت مكشوفة.

ثالثا: قابضون على الاعلام بفضائياته وصحفه واذاعاته.

رابعا: حققوا اول انتصار لهم اخيرا باقرار الرقم 1.7 لمعادل سانت ليغو، كي يتمنكوا من تفصيل عملية الانتخابات وقواعد ادارتها وفق مقاساتهم.

كل ما قيل مهم في حسم النتائج الاخيرة للمعركة الانتخابية. لكن هل انتهى الامر بالنسبة للحيتان؟ كلا بالطبع، لم ينتهِ.

فهؤلاء لن يرتاح لهم بال الا بعد تحقيق انتصار آخر على الجبهة الاهم، وهي جبهة اشاعة وباء الاحباط والقنوط في نفوس اوسع فئات السكان، لدفعها الى العزوف عن التوجه الى صناديق الاقتراع.

نعم هذا ما يراهنون عليه ويعملون من اجله اليوم.

فهم يعرفون ان مقاطعة الانتخابات ليس فقط لن تؤثر عليهم، بل ستوفر لهم فوزا مريحا يبقيهم في مقاعدهم. فجمهورهم لن يقاطع، وهو جاهز ومبرمج بانتظار الاشارة، سواء قاطعنا نحن ام لم نقاطع. وفوزهم سيكون مضمونا حتى اذا شاركت في التصويت نسبة لا تتجاوز 20 في المائة من الـ 20 مليون عراقي، الذين يحق لهم التصويت.

سيلجأ الساسة الحاكمون الى كل ما يعمق الاحباط وينشر اليأس ويشيع فقدان الثقة في كل شيء. فهم يدركون عميقا ان اوسع فئات السكان قد سئمت منهم بعد ان ذاقت الامرين من سياساتهم، وان الملايين الرافضة لهم هي اوسع كثيرا ممن سيذهب ويصوت لهم، لهذا يجب تيئيسها بأي ثمن.

علينا ان ندرك هذه الحقائق بعمق، ونكون على قدر المسؤولية التاريخية الثقيلة التي ارتضينا حملها والتصدي لها.

فرهاننا سيكون على قدرتنا في اقناع هذه الملايين بضرورة نفض غبار الاحباط والاستسلام، والتوجه للمشاركة الواسعة في التصويت. وهذه مهمة شاقة بكل تأكيد، وبقدر نجاحنا فيها سيكون نجاحنا في المعركة الانتخابية القادمة مضمونا وكبيرا وفاعلا، وقادرا على خلق موازنات سياسية واجتماعية جديدة، تفتح آفاقا رحبة لتراكم إنتصارات اكبر واوسع، قادرة على اصلاح الواقع وتغييره..

اشارك الكثيرين رأيهم حين يقولون ان الغالبية من الجمهور الغاضب والمحبط ،لا تشعر بحضور فاعل لبديل وطني مدني نزيه يمكن المراهنة عليه. هذه حقيقة لا تخلو من مرارة، وتشكل التحدي الاكبر امام القوى المدنية والوطنية. التحدي الذي يصعب كسب الرهان فيه الا عبر بناء ائتلاف انتخابي واسع، سِمتُه الاساسية هي الهوية الوطنية وعبور الطائفية، وبرنامجه الانتخابي يحدد ملامح التغيير و يلامس احتياجات الناس ومطالبهم في ضمان حياة كريمة آمنة ومستقرة. ائتلاف يضم في صفوفه اوسع القوى الوطنية من مدنيين ومتدينين متنورين، تنظيمات وتجمعات وأفرادا.

من دون ذلك ستكون نتائح الانتخابات واضحة حتى قبل بدئها، وحينها سيكون لكل حادث حديث.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 21-08-2017     عدد القراء :  2073       عدد التعليقات : 0