الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
زواج القاصرات.. اغتصاب.. واختلاط أنساب

لا أعرف سِر هذا الهوس وهذا السعار الجنسي بالبنات الصغيرات، عنقود من الحصرم لم ينضج بعد، وإناء فارغ من طعامه لا يغني لحسه أو لعقه من الجوع من شيء، وطفولة ليِّنة ناعمة تسترحم وتستعطف الوحوش فترق لها وتميل إليها، هل رأيتم يومًا وحشًا كاسرًا يأكل طفلة؟ فعلوها وأكلوها وبلعوها وكذلك يفعلون.. فلا طعم للفراخ الزغب في أكلها إلا عند الوهابيين، والفراخ الزغب هي صغار الفراخ التي لم ينبت ريشها بعد، كُنا نحملها برفق ونحن صغار حين ننقلها مع أمهاتنا إلى عِشِّها ليلًا، مخافة التهامها من خفافيش الظلام، وخشية أن نكسر عظامها أو نخلع ونجزع مفاصلها، إخواننا من السلفيين يقرقشون عظامها الرقيقة تحت دهسهم ودعسهم كالضباع حين تسقط على حمل صغير فتأكله حتى آخر لعقة من دمائه.

مفتاح شخصية الرجال المهاويس من المسلمين، تفتح أبوابها وخزائن أحكامها وجه سافر مكشوف، أو صدر مفتوح، أو بنطلون ممزق، أو طفلة صغيرة أو رضيعة تطل براءتها من وداعة عينيها، وحيرة سؤالها ماذا أنت فاعل بي؟ حين تخور قوى الرجل وتتوه ويجن عقله، ويشمر عن ساعديه ويظهر عن ساقيه، وتقبل عليه المسكينة تفتح ذراعيها لأب يحن، وهو يفتح صدرها لوحش يغتصب.

الفقهاء ليس لديهم دليل على زواج القاصرة إلا زواج النبي بعائشة، عقد عليها في ستة ودخل بها في التاسعة، وآية في القرآن تحدد عدة المرأة تقول: «وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ». وبهذا فإن عقد النكاح يجوز على الصغيرة والكبيرة، واللائي لم يحضن حسب تفسير الفقهاء، هي الطفلة الصغيرة التي لم تحض بعد، وتمتد وتسحب حتى الرضيعة منهن، وهن حسب الآية اللائي طلقن بعد زواج، فلا عدة للمرأة إلا بعد طلاق، ولا طلاق إلا وكان له عقد نكاح ودخول. أما الدخول بالصغيرة فقالوا حتمًا وغصبًا عند التاسعة، بلغت الحلم أو لم تبلغ، تأسِّيًا بالسيدة عائشة، وقبل هذه السن إذا كانت ممتلئة اللحم والدهن أو تطيق الجماع. هذا رأي الفقهاء لن يتنازلوا عنه حتى يوم الدين. فقد مللنا الحديث في هذا وفندناه نحن وغيرنا مئات المرات، بل وقلنا ليس لزامًا على المسلم الأخذ بسنة النبي في أمور الدنيا، فالرسول كان على عصمته عشر زوجات في وقت واحد، فهل نتأسى بسنته في هذا الشأن؟ وعصمة الأنبياء فيما يُوحى إليهم فقط، وهذا رأي ابن تيمية «إن الآيات الدالة على نبوءة الأنبياء دلَّت على أنهم معصومون فيما ينقلون عن الله، أما أمور الدنيا فهو مثل سائر البشر، كأمور الزراعة والطب والتجارة، لأن الله لم يقل لنا إنه أرسل لنا تاجرًا أو مزارعًا أو نجارًا أو طبيبًا، فالخطأ (صغار الذنوب) هنا لا يقدح في رسالته». وهذا الإمام محمد عبده «أما فيما عدا ذلك "الاتصال بالسماء والتبليغ عنها" فهم بشر يعتريهم ما يعتري سائر أفراده، يأكلون ويشربون ويسهون وينسون».

فليس زواج الرسول بعائشة في سنها هذا تنزيلًا وجب اتباعه، لكنه سلوك بشري وعادة من العادات الاجتماعية، يفرض القانون تحريمها إذا رأى فيها ضررًا أو عائقًا اجتماعيًّا. أما اللائي لم يحضن فليس القصد هنا الصغيرات من البنات التي لم يحضن لصغر السن كالأطفال، بل يقصد البنات اللائي تعدين سن الحيض ولم يحضن، ويكون هذا سببًا في طلاقها لعدم القدرة على الحمل، ولا نضم هؤلاء إلى اللائي يئسن من المحيض كما قال المشايخ، فمن يئست من المحيض هي التي كانت تحيض، ثم انقطع عنها الحيض وانتظرته، ويئست من عودته، أما اللائي لم يحضن فهن اللائي لم يحضن من الأصل، وإلا كيف يُقبل الرجل على الزواج بطفلة صغيرة ثم يطلقها وهو يعرف أنها لن تشبعه جنسيًّا فهي ليست مؤهلة لهذا، ولا تحمل ولا تلد فهي لا تملك أمرها ولا تقدر عليه، فكيف يتزوجها وهو يعلم من اليوم الأول أنها صغيرة لا تقدر على هذا أو ذاك؟ أما الأقرب إلى العقل فهي من تزوجها وكانت كبيرة ولم تحض فطلقها لعجزها عن الحمل والولادة.

القانون المصري لا يُعاقب على جريمة الاغتصاب هذه، ولو قدمنا أحدًا بتهمة الزواج من قاصر أو بتسهيله هذا لما عُوقبوا عليها، ربَّما يعاقبون بتهمة التزوير في الأوراق الرسمية، عقوبة الزواج من قاصر ليس منصوصًا عليها في القانون، ولا عقوبة ولا جريمة إلا بنص. الجريمة الأكثر بجاحة في القرى والأماكن الشعبية هي هؤلاء المزورون من المأذونين الذين يعقدون عرفيًّا على القاصرات، ويتقاضون منهم مبالغ باهظة بحجة استلام أوراق التسجيل بعد إتمام الثامنة عشرة، ولا تجد الأم المسكينة الصغيرة حلًّا إلا بكتابة اسم المولود باسم أبيها، ويكون الطفل شرعًا ابنها ورسميًّا أخاها، إن هذه كارثة أخلاقية وإنسانية، تُدمِّر العلاقات الأسرية مستقبلًا، وتختلط فيها الأنساب بعد زمن، وتتوه من الناس بوصلة الخريطة الأسرية، وتضل معالم الأنساب ودرجات القربى، فإذا بدأت الرواية بأن صغيرة ابنها أخوها، فلا ندري أي خاتمة مصيرهما، وأي ضلال نهاية روايتهما. رسالة إلى المأذون عضو مجلس النواب الذي تقدم بمشروع قانون تخفيض سن الزواج إلى ستة عشر عاما، حتى يُدر على نفسه الخير الوفير هو وزملاء مهنته، اللي اختشوا ماتوا.. والثانية إلى أعضاء مجلسنا افعلوا شيئًا واحدًا نشكركم عليه، وهو التصدي لهذه الظاهرة بحسم وحزم، وتشريع عقوبة رادعة لكل أطراف تسهيل هذا الاغتيال وهذه الدعارة. نكمل الأسبوع القادم بلوغ النكاح.

adelnoman52@yahoo.com

"مصراوي" القاهرية

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 10-10-2017     عدد القراء :  2460       عدد التعليقات : 0