الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
سعدون... كسرت ظهر!

لا اجد، في ذكرى رحيله، من الكلمات، اكثر و ابلغ مما كتبه عنه رفيقه صادق محمد( نشر في صحيفة "طريق الشعب" و على الموقع الألكتروني للحزب الشيوعي العراقي)، و لا ادعي انه كان لي معه الكثير من اللقاءات و المواقف، لكن لعلها ذكرى او اثنتين تركت لدي اعمق الأنطباع، عن خلقة، تواضعه الجم و نبله.

كنت اسير في شارع رخيته ( كراده’ داخل ) متوجها الى مقر " طريق الشعب " عندما التقيته، و جها لوجه. لعله كان عائدا منها متوجها الى مقر الحزب في الأندلس.

راعني انه كان يمشي وحده، من دون حراسة، في وقت نشطت فيه عصابات الاغتيال،

قلت له: هكذا! وحدك! من دون حراسة! يصير يارفيق؟ دعني ارافقك على الأقل!"

ابتسم. لعله كان يفكر: ما الذي يمكن ان يفعله هذا الكاتب، ال" سلاح سز "! اذا جد الجد؟" و لعله كان محقا. فسلاحي الوحيد قلمي! لا اجيد، و لا اريد، استخدام غيره .

رفض. " طيب" قلت " دعني اسير خلفك!"

ازدادت ابتسامته اتساعا. فهمت. لكني تبعته من بعيد. لعله ارضاءً لنفسي...

****

الموقف الثاني لي معه، الأعمق تأثيرا، كان رايي في طريقة معالجته لمشكلة، لم اتفق فيها مع طريقته، سمعت عنها. فاتحت احد الرفاق. قال: اذهب انت اليه و فاتحه!"

ذهبت. فاتحته. شرحت له المخاطر التي قد تنجم عن طريقته. كان يستع لي بانتباه. مطرقا، و في عينيه شعور بالذنب، كطفل ضبط متلبسا.

لم ينافش، لم يدافع. تفهم. وعد بمعالجة الأمر بطريقة اخرى.

و لقد فعل!

*****

كنت اعتقد انه رجل عمل. رجل تنظيم، فحسب. حتى قدر لي ان اشارك في اجتماع موسع اداره.

ذهلت ( اقولها معترف، معتذرا )ا لطريقته في ادارة الأجتماع، وضوح افكاره ، تسلسلها، عرضها المنطقي، الأستنتاجات التي خلص اليها...

هنا تكشف لي سعدون الأخر، سعدون القائد، بكل معنى الكلمة...

****

اعرف انه كان حريصا ان يوفر لي ظروف عمل و حياة مريحة في الجريدة، و قدم لي ما لم يقدمه لغيري، و اتخذ في ذلك " اساليب " مختلفة، مباشرة و غير مباشرة. و ان ذلك لم يكن بدون علم ابو داود.

اعرف. لكننا لم نتحدث مباشرة في الأمر، نوع من "اتفاق جنتلمان" كما يسمى.

****

كنت اتناول افطاري في العمادية عندما قرات، في شريط اخبار احدى القنوات التلفزيونية، الخبر،

ضربت راسي بكلتا يدي ( طريقة للتعبير عن الحزن لم استطع التخلص منها )

ركبت الى بغداد. قصدت مقر الحزب في الأندلس.

كان ثمة، في مكتب سعدون، عدد من الرفاق بينهم ابو داود. عانقتهم معزيا. قال ابو داود:

سعدون كسرت ظهر!"

انتحيت جانبا. اجهشت، انا الهش، بالبكاء...

  كتب بتأريخ :  السبت 18-11-2017     عدد القراء :  2121       عدد التعليقات : 0