الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
محنة الرموز!

مر شعب العراق بمحن مؤلمة كثيرة، كانت بداياتها مع اندلاع معارك الحكومات العراقية المتعاقبة على دفة الحكم ضد الشعب الكردي، ولم تنته بالحرب العراقية - الإيرانية التي راح ضحيتها أكثر من مليون مواطن من جانب العراق، وربما ضعف هذا العدد في الجانب الإيراني. وتوالت المحن بعد سقوط النظام، حيث تم إسقاطه من قبل أصدقائه المقربين الذين لم يدخروا جهدا لمساعدته في حربه ضد الجارة ايران!

واذا كان الشعب قد وقف موقفا واضحا، في السنوات العشر الاخيرة، مما يدور حوله من مشاكل و" إشكاليات" فإن حكومات الأحزاب المتنفذة بقيت محتارة في أمرها اتجاه "رموز" وطنية، كان يفترض ان تتغير منذ الأيام الأولى لسقوط الدكتاتورية، ومن هذه الرموز العلم العراقي الحالي الذي لم يكن عراقيا! وقد تم تبني هذا العلم بعد الانقلاب الدموي الذي قاده حزب البعث في 8 شباط 1963، وكان بنجمتين تمثلان الوحدة العربية بين مصر وسوريا في نهاية خمسينيات القرن الماضي، والتي سرعان ما فشلت.

ثم جاءت حكومة البعث لتضيف نجمة أخرى، على أمل قيام وحدة ثلاثية بين هذه الدول الثلاث: مصر وسوريا والعراق، وعلى اعتبار أن النجمات الثلاث ترمز لشعار البعث: وحدة، حرية، اشتراكية.ولكن حكم البعث الأول لم يستطع أن يصمد إلا اشهرا معدودة. والجميع يعلم حجم الخلافات بين هذه الدول بعد ان استولى البعث ثانية على السلطة عام 1968.

رغم تغير الحكومات في بغداد بعد 1963 إلا أن العلم لم يتغير فقد بقي كما هو. ومر بعد ذلك بتغييرات معدودة، كان أهمها، بعد غزو العراق للجارة الكويت في مطلع تسعينيات القرن المنصرم، إذ تم إضافة كلمة "الله اكبر" الى العلم، وكانت بخط صدام حسين شخصيا، كما قالت الأخبار في حينها، محاولة منه للحصول على تأييد من قبل الدول العربية والإسلامية، ولكن لم تنفع كل الاعيبه!

جاء الحكم الجديد ولم يجرؤ على تغيير جذري لعلم صدام وحزبه، بالرغم من عِلم الجميع بأن هذا العلم الذي تبنته حكومة البعث في 1963، وما زال حتى الان العلم الرسمي للعراق، قد حدثت تحت ساريته جرائم يندى لها الجبين، من التطهير العرقي إلى التهجير وهدم قرى كاملة، أما المقابر الجماعية فلم تكن سوى شاهد آخر على دموية النظام الدكتاتوري الذي كان ينفذ أفعاله تحت علم العراق.

لا ينفع تغيير شكل الخط لكلمتي " الله اكبر"! فلا ايمان لدكتاتور استخدم القتل وسيلة لتثبيت أركان حكمه.

أفلم يئن الأوان لتغيير علم الدكتاتور؟!

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 29-11-2017     عدد القراء :  2169       عدد التعليقات : 0