الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
إجراء الحوار الجدي مع الإقليم والحل المركون

- بعد أن انتهت مشكلة الجريمة الكبرى للاستفتاء!! ( هكذا يصورونه الذين يتصيدون في المياه الكرة ) وأصبح سطراً في التاريخ مازلنا نحس بهاجس التوغل في تعقيد الأمور ابعد من الاستفتاء باقترابه من نهج معاداة الآخر بحجة مصلحة ووحدة الوطن التي كانت أس البلاء في السياسات السابقة التي ابتلى بها الشعب العراقي في السابق، ولهذا نحن عندما نسأل ـــ متى يتحرك السيد رئيس الوزراء وحكومته ليبدأ في الحوار مع الإقليم وتحديد المستلزمات ووضع النقاط على الحروف لحل ما ترتب عليه التعنت والمواقف السلبية طوال سنين ؟ نريد أن يدرك الذين يستغلون مسؤولياتهم في السلطة، أن النهج الموما إليه هو اللعنة التي سيدفع ثمنها كل من يريد إعادة عجلة التاريخ للوراء.

- لماذا هذا الإصرار على معاقبة كل الشعب الكردي؟ وفرض إجراءات قاسية على الإقليم وكأنها طويلة الأمد عقب أجراء الاستفتاء في أيلول/سبتمبر 2017

يبدو أن البعض من الكتل الكبيرة المتنفذة ماضية في طريق معاقبة الشعب الكردي كما كانت الحكومات السابقة، فإغلاق المطارات والمنافذ الحدودية التي أشارت لها مونيكا نورو منسقة مكتب إقليم كردستان للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بان هذا الإجراء " يحول دون وصول المساعدات الإنسانية إلى اللاجئين." وقطع حصة الموازنة والتهجيرات الجديدة والتهديدات العلنية والمبطنة باستعمال القوة العسكرية لا تقل عدوانية عما قامت به الحكومات العراقية قبل السقوط وبالأخص النظام الدكتاتوري البعثي العراقي من جرائم ضد الكرد وعموم الشعب العراقي ومن حرق الحقول والبساتين وإغلاق عيون المياه وحرق وتدمير آلاف القرى الكردية والأنفال مع استخدام السلاح الكيماوي والتهجير القسري وسياسة التعريب...الخ، لسنا بصدد المقارنة لكن على يبدو أن هؤلاء المسؤولين الجدد لا تهمهم المآسي القديمة وقد يعتبرونها من استحقاقات الشعب الكردي لأنه رفض التسلط وإرهاب الدولة، وهم يواصلون الاستمرار لإنتاج مآسي جديدة بما فيها خوض حرب بحجج مثل ما مضى وهي "وحدة التراب العراقي والعمالة لدول أجنبية " (هذه المرة لا يقصدون إيران الحليفة ) لكنهم مستعدون لكيل أي تهمة ، ولديهم جهاز إعلامي يستطيع خلق الحوادث ونشر الأخبار وحتى الأكاذيب والإشاعات الوسخة على الحبال، الحديث يطول والوقائع كثيرة لكن ما يهمنا الآن بالذات قضية العودة لطاولة الحوار والنقاش والتخلص من الركود المفتعل من قبل رئيس الوزراء والبعض من الحاشية، والتخلص من التصريحات الضارة وامتطاء مقولة النصر على داعش للهجوم على الآخرين والتنكر لقوى شاركت في القتال ضد داعش وقدمت شهداء ومصابين بالآلاف ولها مآثر يشهد لها البعيد قبل القريب، وفبركة الأمور بشكل مقلوب كتصريحات البعض وفي مقدمتها تصريح رئيس الوزراء يوم 6/12/ 2017 بخصوص الانتصار على داعش عسكرياً ولم يذكر حيدر العبادي البيشمركة ضمن القوات العراقية المسلحة التي شاركت في قتال داعش حتى انه لم يذكر دور قوات التحالف الدولي المعروف بطيرانه ومشاركته وتدريباته للقوات العراقية، وَشَبه ما جرى بعد انسحاب والبيشمركة من المناطق المتنازع عليها سلمياً كأنها لا تقل عن الانتصار على داعش كقوله " بأن توحيد العراق ومنع تقسيمه نصر آخر لا يقل عن الانتصار على عصابات داعش الإرهابية)"مما أثار استنكارا لدى كل من يعرف الحقيقة، فهل من المعقول برئيس وزراء كل العراق أن يغبن ويساوي بين الصالح والطالح؟ وهل يعتقد إن البيشمركة على الرغم من كل الأخطاء والنواقص " وسبحان من لا يخطأ" مثل داعش ؟ ( للعلم عاد مكتب رئيس الوزراء بعد الضجة ليصلح خطاب النصر بخصوص مشاركة البيشمركة )

- كيف يفهم من يريد أن يوحد العراقيين ويبني علاقات وطيدة ودولة مدنية ديمقراطية أن يصرح مثل هكذا تصريح منافي لما قاله حول توحيد البلاد ومحاربة الإرهاب والفساد؟

- وكيف يمكن أن ندعي بضرورة وحدة البلاد وتكاتف الشعب بالضد من الإرهاب والفاسدين ونحن نماطل حتى بعقد طاولة حوار مع الإقليم والقوى الوطنية المخلصة لتحديد الأزمة ومعالجات تداعياتها التي تراكمت بفعل التعنت وفقدان الثقة بالآخر

- كيف يمكن إعادة الثقة وهناك نباح متواصل من قبل أعداء ليس الشعب الكردي فحسب إنما لعموم الشعب العراقي تنبح في كل لحظةٍ وثانية والإساءة بالأسماء في كل شاردة وواردة لزيادة الشقاق وتعميق الخلاف وتهويل الأمور وبث الإشاعات وتصوير الشعب الكردي العدو الرئيسي .

- لماذا يستمر التهويل بخصوص الاستفتاء المنتهي وكأن القيامة قامت بينما نجد أن الكثير من الأمور عولجت بشكل مسؤول حتى انسحاب البيشمركة من المناطق والمدن المتنازع عليها بما فيها كركوك، والموافقة على قضايا المنافذ الحدودية ومسالة المطارات

- لماذا تغلق الآذان حول دعوات الإقليم للحوار والتفاهم ووضع شروط تعجيزية بما فيها الحديث على انتصارات هلامية وإطلاق التهديدات والممارسات اللاقانونية واللاشرعية في المناطق التي عادت تحت سيطرة القوات الحكومية والحشد الشعبي وأسماء أخرى ما انزل الله بها من سلطان في وسط فوضى من الاعتداءات والتهجيرات والاستيلاء على البيوت والممتلكات وتهجير أصحابها وهم بالآلاف ؟

إن التخلص من النظرة الضيقة والاستعلائية بدون الاستفادة من تجارب الماضي المريرة وعدم الاستفادة من عمق العلاقات ذات الفائدة لمصلحة جميع العراقيين والحفاظ بعد الانتصار على داعش عسكرياً وفكرياً مع إدراك أن المعركة الفكرية لا تقل صعوبة وخطورة إذا لم تجر وضع معالجات علمية مضادة لأفكار التطرف والطائفية، ومعالجة آثار داعش والإرهاب وآثار ما خلفته الحكومات العراقية ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري، فسوف تبقى الأوضاع على حالها ولن تستطيع الحكومة العراقية النجاح في محاربة الفساد الذي يُحبط في كل لحظة أي انتصار على الإرهاب والميليشيات المسلحة الطائفية التي لا تخضع للدولة، وهنا يتحتم التخلص من حالات اللامبالاة أو المعاقبة أو الإذلال والتوجه للحوار الوطني الموضوعي مع حكومة الإقليم، ولعل الانتباه لما طرحته القوى الوطنية والديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي " الشروع بالحوار على أساس الدستور، خطوة ايجابية على الطريق نحو إطلاق الحوار حول الأزمة القائمة والقضايا العالقة بين السلطة الاتحادية وحكومة الإقليم، على أساس من التزام الدستور." ودعا الحزب الشيوعي منذ البداية وحتى قبل الاستفتاء ضرورة إجراء حوار يعتمد عل فهم مصالح الشعب العراقي بجميع أطيافه وحل المشاكل التي تفاقمت بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم ومخاطر استمرار التعنت والإهمال واتخاذ مواقف لا تخدم الوحدة الوطنية في ظروف بالغة الخطورة التي تحيط بالعراق أرضاً وشعباً ومنها استغلال القوى الخارجية هذه الخلافات لصالحها ومن اجل مصالحها الخاصة وأكد أخيراً وليس آخراً الحزب الشيوعي العراقي في 27/10/2017 " لا بد من التنبيه إلى حقيقة إن الإجماع الإقليمي والدولي على تأييد الحكومة الاتحادية في رفضها إجراء الاستفتاء، لا ينسحب تلقائيا على موقفها الراهن إزاء المباشرة بالحوار. الأمر الذي عكسه خصوصا وبجلاء البيان الصادر أمس الخميس عن مجلس الأمن الدولي، والذي دعا إلى بدء الحوار بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، ووفقا لجدول زمني محدد"

بدورنا نشدد بضرورة الإسراع في عقد حوار جاد مع حكومة الإقليم وإنهاء سلسلة العقوبات الاقتصادية الملموسة وغير الملموسة وإنهاء قضية المطارات التي أضرت أساساً بالشعب الكردي قبل غيره ولعل التاريخ يذكرنا بالحصار الاقتصادي الذي عاقب الشعب العراقي وليس النظام الدكتاتوري، ولعلنا نستفيد أيضا من نتائج اجتماع هيئة الرئاسة يوم الأربعاء 13 كانون1/ 2017 الذي خلص بنقاطه الثلاث في مقدمتها " الدعوة إلى بدء حوار فوري بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان على أن يكون برعاية رئاسة الجمهورية والدعم الفني للأمم المتحدة ويهدف إلى إحلال العلاقات الطبيعية بين الجانبين على أساس الدستور وقرارات المحكمة الاتحادية" ثم أشارت النقاط الأخرى بالدعوة لاجتماع الرئاسات الثلاث وممثلي الكتل السياسية وكذلك قضايا تخص مكونات كركوك، وهي دعوة للوصول إلى حلول منطقية وعدم اعتبار الدعوة لإجراء الحوار من قبل الإقليم ضعفاً واستغلال الدعوة وكأنها انتصاراً بل دعوة لحل المشاكل والأزمة التي تفاقمت بسبب الاستفتاء، فالدعوة إلى الحوار الجدي لمعالجة الكثير من الملفات منها اعادة بناء ما خربته الحرب الذي يقدر بـ (47) مليار دولار حسب ما أعلن عنه وزير التخطيط سلمان الجميلي وأكد "لإعادة اعمار المناطق المحررة تقدر الكلفة بـ ( 100) مليار دولار خلال العشرة سنين القادمة "، وملف عودة النازحين والأضرار التي لحقت بهم إلى جانب ملف الفساد المالي والإداري والملف الذي يخص الموقف من حقوق المكونات العراقية حسب الدستور للتخلص من المحاصصة الطائفية والنظرة القومية الشوفينية تجاه القوميات الأخرى والتأكيد على إقامة دولة المواطنة المدنية الاتحادية، ولهذا نؤكد أن طاولة الحوار الجدي بمشاركة جميع القوى الوطنية والديمقراطية هي مفتاح الطريق لمعالجة الكثير من الأزمات التي أنتجها نهج المحاصصة المدمر ولا حاجة إلى المماطلة والحل أمام الأبصار مركون .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 20-12-2017     عدد القراء :  2862       عدد التعليقات : 0