الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الأوضاع القائمة بمحافظة نينوى وتلكؤ معالجتها والعوامل الكامنة وراء ذلك! 2-6

المجموعة الأولى من المشكلات القائمة

تشير المعطيات المتوفرة والرسمية إلى أن الفترة الواقعة بين منتصف عام 2014 ومنتصف عام 2017، أي بعد اجتياح داعش للموصل وأثناء تحرير الموصل من قبضة داعش، تصاعد حجم النزوح داخل العراق. ففي تصريح للدكتور سعد الحديثي، الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، أكد إن عدد النازحين بالعراق بلغ 4,3 مليون نسمة في الفترة بين 2014 والشهر الثاني من 2017. (أنظر: سعد الحديثي، عدد نازحي العراق 4,3 مليون نسمة. موقع اليوم السابع بتاريخ 23 أذار/مارس 2017). ثم صرح وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف إلى نزوح أكثر من 670 ألف نازح من الموصل حتى شهر أيار/مايو 2017. (أنظر: جاسم محمد الجاف، عدد نازحي الموصل 670 نسمة، موقع الجزيرة بتاريخ 26/02/2017). أما تقارير الأمم المتحدة فقد أشارت إلى الآتي: "بلغ عدد النازحين الكلي 854,327 نازحاً منذ بدء العمليات في الموصل في 17 تشرين الأول/أكتوبر2016. إن تقدير المستوى الأعلى للشركاء في المجال الإنساني فيما يتعلق بعدد الأشخاص الذين سيتضررون من القتال في مدينة الموصل كان مليون شخص." (أنظر: الأزمة الإنسانية في الموصل، الأمم المتحدة-العراق، 14 حزيران/يونيو 2017). وهو الرقم الأكثر صواباً والأقرب إلى الواقع.

وكما أشير، سوف لن يكون في مقدور الحكومة العراقية، ببنيتها وطبيعتها الراهنة، تجاوز المشكلات التي نشأت والمصاعب الاجتماعية والنفسية التي نشأت أو تراكمت عبر الاحتلال، الذي استمر أكثر من ثلاث سنوات للموصل ولسكان المناطق الأخرى من محافظة نينوى، في حين عانت محافظات أخرى من هيمنة وتأثير مباشرين وفعليين لفترة أطول، وإيجاد الحلول العملية لما سيواجهه سكان تلك المحافظات من مشكلات اجتماعية ونفسية. فهذه المناطق التي تعرضت للاغتصاب والسبي والعنف المستمر والتربية الدينية المتطرفة والدمار الواسع تعاني اليوم ولفترة قادمة من مشكلات البنية التحية والخدمات الأساسية والأوضاع النفسية والعلاقات العشائرية المعقدة والمتشابكة والعلاقات الدينية والقومية التي ازداد تعقيدها.

أولاً: مشكلات السكن والبنية التحتية والخدمات : تشير المعطيات المتوفرة إلى الواقع التالي:

** دمار واسع النطاق لأغلب المناطق السكنية التي تعرضت للقتال والتدمير المتعمد من جانب عصابات داعش، وبالتالي يصعب إعادة هؤلاء النازحين إلى مناطق سكناهم دون توفير الحد الأدنى من إمكانية السكن الآدمي لهذا العدد الغفير من النازحين. ويقدر حجم الدمار بما يتراوح بين 70 - 80% من المناطق السكنية. (أنظر: مدينة الموصل المدمرة. طائرة من دون طيار تصور أحياء الموصل المحررة،

https://arabic.rt.com/videoclub/886736-%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88-%D9%8A%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%AD%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B5%D9%84/.).

وفي مناطق أخرى يصل إلى 90 %.  وقد تسنى لي زيارة مدينتي تلسقف (تل أسقف) وباطنايا، وسكانهما من أتباع الديانة المسيحية، برفقة أعضاء المؤتمر الثاني لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق،  للاطلاع على حجم الدمار الذي حلّ بناس وبمباني هذه المدينة وشوارعها ودور عبادتها ومدارسها والخدمات الأخرى فيها، إضافة إلى ما كتب على جدران كنائسها من الداخل والخارج وعلى جدران بيوتها من جمل عنصرية وعدوانية مناهضة للمسيحيين ووجودهم بالعراق. والرؤية المباشرة للمدينة تؤكد أن 85 % من المباني ودور السكن قد هُدّمت بالكامل، وأن ما تبقى منها لم يعد قابلاً للسكن فيه، وهو حال الكثير من المدن الأخرى في سهل نينوى، مثل تلسقف، وسنجار، وبرطلة، وقرَقوش (بغديدا)، وكرمليس، وتلكيف وغيرها. (ملاحظة: في يومي 1 و2 من الشهر الخامس (أيار) 2017 عقد المؤتمر الثاني لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق في مدينة عنكاوا التابعة لمحافظة أربيل في يومه الأول، في حين التم أعضاء المؤتمر في مدينة تلسقف في سهل نينوى في يومه الثاني احتفاءً بتحريرها من عصابات داعش وتضامناً مع سكانها المسحيين الذين عانوا الأمرين على ايدي وحوش داعش، حيث تم فيها انتخاب الأمانة العامة للهيئة. كاظم حبيب).

** دمار شامل للبنية التحتية كالمستشفيات والمستوصفات والمدارس والكليات والمعاهد ومياه الشرب والكهرباء...الخ. وبهذا الصدد أشار "مدير بلدية الموصل، عبد الستار خضر حبو إبراهيم الحبو، في تصريح له اليوم، إن أكثر من 90% من البنى التحتية والخدمات العامة في المدينة دمرت خلال الحرب مع "داعش"، كما أن حوالي 70% من الملكيات الخاصة تم إتلافها.. مشيرا إلى أن قيمة الخسائر التي شهدتها الموصل تقدر بمليارات الدولارات. ولفت إلى أن تحقيق "الاستقرار" في الجانب الغربي من المدينة، وما سيرافقه من عودة توفير خدمات المياه والكهرباء والخدمات العامة بشكل جزئي للمواطنين يتطلب بين ثلاثة وأربعة أشهر على الأقل.. مشددا على أن ملامح الموصل، ثانية كبريات المدن العراقية، تغيرت بالكامل و"أصبحت دمارا". (أنظر. دمار في الموصل، 90% من البنى التحتية في الموصل تعرضت للدمار، تقرير، موقع بوابة الشرق الإلكترونية، بتاريخ 19/07/2017)

.

** وجاء في تقرير لقناة بغداد حول مياه الشرب ما يلي: "يواجه الآلاف من أهالي الموصل أزمة صحية بسبب استخدامهم المياه الملوثة من نهر دجلة بعد توقف محطات التصفية المدمرة. ويقول سكان محليون إن مياه النهر تتسبب في حالات تسمم كل يوم باعتبارها ليست صالحة للشرب، كما أن هناك المئات من حالات الإسهال، مبدين مخاوفهم من زيادة الحالات مع حلول فصل الصيف. وقال مسؤولون في مديرية ماء نينوى إن الأسباب التي أدت إلى انقطاع الماء عن أحياء في الموصل، تعود إلى توقف مشاريع الضخ لانقطاع التيار الكهربائي وتوقف مولدات عمل الطاقة الكهربائية بعد نفاد الوقود المخصص لها." (أنظر: تقرير: دمار البنية التحتية يجبر سكان الموصل على شرب المياه الملوثة، موقع موجز العرب، عن قناة بغداد، بتاريخ 13 أيار/مايس 2017). كما إن دماراً واسع النطاق تعرضت له شوارع وطرق وأزقة وساحات مدينة الموصل وبقية المدن التي تعرضت لإرهاب داعش والتي سوف تستغرق وقتلاً طويلاً للتخلص من الأنقاض وإعادة الإعمار.

** المصاعب الكبيرة التي تواجه توفير المواد الغذائية لهذا العدد الكبير من السكان، في وقت تعاني الزراعة من تخلف شديد وشحة في المياه، وليست هناك صناعة فعلية وخراب واسع النطاق، إضافة إلى تكاليف الحرب وصعوبة توفير الموارد المالية لتأمين الغذاء للمجتمع وقواته المسلحة، لاسيما وقد تراجع سعر البرميل الواحد من النفط الخام في أسواق النفط العالمية، مما أدى إلى انخفاض شديد في إيرادات الدولة التي تعتمد على النفط الخام بنسبة عالية في تكوين دخلها القومي من جهة، وإلى ارتفاع المديونية الخارجية للدولة العراقية من جهة ثانية، وإلى تراجع شديد في معدل حصة الفرد الواحد من الدخل القومي من جهة ثالثة، والتي اقترنت بدورها في انخفاض القدرة الشرائية للغالبية العظمى من السكان، لارتباطه بالتضخم المرتفع في أسعار السلع وال

خدمات، إضافة إلى تدهور قيمة صرف الدينار العراقي امام الدولار الأمريكي من جهة رابعة.

إضافة إلى كل تلك المصاعب الناتجة عن الخراب الشامل تقريباً الذي حلَّ بالموصل وبقية المدن والقرى التابعة لمحافظة نينوى، فأن هناك عوامل أخرى تعرقل عودة النازحين إلى ديارهم، إذ "لا يزال الخوف والقلق موجود في صفوف العائدين .. الى جانب الاهمال التام بموضوع اعادة بناء ما دمره الارهابيون والعمليات العسكرية .. كما أن هناك اعداداً كبيرة تخاف من العودة لا سيما في الجانب الايمن (المنطقة القديمة) .. وبيوتهم مدمرة للغاية.. اما مناطق سهل نينوى برطلة قره قوش كرمليس رجعت الكثير من العوائل المشكلة الان الحشد الشبكي الذي يقوده النائب حنين القدو بدأوا بممارسة اساليب استفزازية + تحرش + اسلوب جاف في السيطرات + رفع رايات مذهبية بشكل غير طبيعي الخ .. الناس جدا مستائين منهم ومنهم من يفكر بالرجوع الى عنكاوا" (راجع: كاظم حبيب، وماذا يجري بالموصل ونينوى بعد الانتصار المعلن على داعش؟ الحوار المتمدن).

انتهت الحلقة الثانية وتليها الحلقة الثالثة

  كتب بتأريخ :  الخميس 21-12-2017     عدد القراء :  2496       عدد التعليقات : 0