الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مزاد الأعضاء

إعادني مقال في موقع الأتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الأمريكية , بعنوان " تجارة الأعضاء البشرية تثير قلقاً شرق العراق " ,  اعادني لعام 1996 . يومها كنت استمع لراديو لندن يقول : طردت الشرطة العراقية في بغداد , مجموعة من الشباب العراقيين , من باب مستشفى الكرامة , ممن حضروا لبيع كلاهم . وقتها بكيت منتحباً , جاءت زوجتي على صوت بكائي , مستفسرةً, فاعتذرتُ بأنني تذكرتُ الوالد وبكيتُ . يومها بدأت بكتابة هذه القصيدة , وأسميتها  " مزاد الأعضاء  " .

بعْ كليتيكَ ودعْ صغارَكَ يأكلوا       فلقد عرفتُكَ واهباً لا يبخلُ

بعْ قلبَكَ المهمومَ , بعْ خلجاتِهِ         فإذا اكتوى بالجوعِ قد يتململُ

بعْ  فكرَكَ الوهاجَ , واستبدلْ بهِ       خبزاً , إذا وجِدَ  الذي يستبدلُ

بعْ كفَكَ الموهوبَ , ما عادتْ لهُ        بزمانِنا من حاجةٍ  تتعطلُ

فمواهبُ الزمنِ الردئِ كثيرة ٌ        والناجحونَ  مزمرٌ  و مطبلُ

بعْ كلَ عرقٍ من عروقِكَ نابضٍ       خيرُ العروقِ  الصامتُ  المترهلُ

واغمضْ عيونَكَ , بعْهما , كي لا ترى       ما كنتَ تحسبُ ثابتاً  يتبدلُ

واقطعْ لسانَكَ , وارمِهِ , عشْ أبكماً       كي لا يعاودَ قولَ ما لا يُقبلُ

بعْ قطعةَ الكبدِ التي  بقيَتْ  , فقد       أسرفتَ  تقطيعاً  وجارَ المنجلُ

بعْ ماءَ وجهِكَ , فالوجوهُ كما ترى       جفَّتْ وصارَ زمانُنا  لا يخجلُ

بعْ شاربيكَ  , فلم يعودا  منبعاً        للكبرياءِ  بها تقولُ  و تفعلُ

بعْ خصيتيكَ , فلستَ تُنجبُ بعدما      قتلوا الرجولةَ  عندنا  واسترجلوا

بعْ سيدَ الأنجابِ , لا تزرعْ بهِ       طفلاً يدورُ على الورى يتسولُ

ودعِ الفحولةَ  والرجولةَ  جانباً        ما دمتَ عن تاريخِها  تتنصلُ

واخلعْ  عقالَكَ , لم يعدْ بكَ راضياً       ما اعتادَ رأساً ينحني  ويقبلُ

بعْ كُلَ ما وهَبَ الألهُ  لعاقلٍ          فالعيشُ في وطني  لمنْ لا يعقلُ

هذي كنوزُكَ  , إرثُ جنسِكَ كلُها       ولكَ الخيارُ , فأيها  تستأصلُ

****

 بعْ ذكرياتِ العمرِ , لا تسترجعْ--الذكرى , فلا ماضٍ ولا مستقبلُ

بعْ ريشةَ القلمِ النظيفِ , فقد مضى       زمنُ النظافةِ, واعتلاهُ الأرذلُ

بعْ ريشةَ القلمِ النظيفِ وكُلْ بها       ما دامَ ما أبدعتَهُ  لا يؤكلُ

******

يا مَنْ ينامُ على الطوى متصابراً      هيهاتِ يشبعُكَ الكلامُ الأجملُ

هيهاتِ يرحمُكَ اللئامُ   تعفُفاً           ما دمتَ  تركعُ  خانعاً تتوسلُ

هيهاتِ يسمعُكَ الذينَ  تجبروا        إنْ  كنتَ  لا تشكو  ولا تتململُ

ياابنَ العراقِ وأنتَ أولُ من وعا       إنَّ الحياةَ لمنْ يجودُ  ويبذلُ

فابذلْ  كريمَ دماكَ , فهي مباحةٌ        للوالغينَ بها  وأنتَ  مكبلُ

والناعقونَ تورمتْ أوداجُهم        من فرطِ ما نعقوا وصوتُكَ مهملُ

والمتخمونَ , كلابُهمْ شبعتْ دماً       ووجوهِ أهلِكَ  تستغيثُ وتذبلُ

ماذا ستخسرُ غيرَ جوعِكَ والضنى       وكلابِ  صيدٍ تقتفي وتقتّلُ

فاكسرْ قيودَكَ , وارمِ خوفَكَ جانباً      إنَّ القنوطَ مع المجاعةِ حنظلُ

همام عبد الغني

بغداد  كانون الثاني 1996

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 26-12-2017     عدد القراء :  2184       عدد التعليقات : 0