الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
خطيئة المقاطعة مجدداً

مع اقتراب كل موسم انتخابات تتصاعد الدعوات الى المقاطعة، الذرائع تتنوع بين اليأس من الطبقة السياسية وأدائها، وسوء الخدمات، وقانون الانتخابات الذي يكفل بقاء الطبقة السياسية ذاتها بأحزابها وأشخاصها، رغم ما يلاحق كثيرا منهم من تهم بالفشل أو الفساد.

الذرائع حقيقية وإن كانت بدرجات متفاوتة، فلا يمكن لاحد الادعاء بان الوضع مثالي أو أنه يقترب من مستوى الطموح، كما أن فساد البعض معروف للجميع، ومستوى أغلب النواب أقل مما يتطلّبه بناء بلد مثل العراق بكثير، ولابد من إصلاح هذا الخلل لكن السؤال هنا: هل معالجة كل ذلك تتم بالمقاطعة؟. فقط لنراجع المرحلة السابقة، ففي كل انتخابات كانت نسبة المشاركة أقل من سابقتها، وفي كل دورة برلمانية كنا نحصل على برلمان أقل كفاءة ونواب جهلة أكثر عدداً.

هذه نتيجة طبيعية للمقاطعة.

من يعترض ويرى الخطأ، عليه أن يصحح ولا يكتفي بالشكوى وانتظار قدرة غيبية للتغيير. اعتكاف الراغبين بالتغيير والإصلاح يفسح المجال أمام الوجوه غير الكفوءة والمسؤولة عن كثير من الفشل لان تبقى، فهؤلاء لهم جمهورهم، وأساليبهم التي يكسبون بها الجمهور، فينتخبونهم ويفوز مرشحوهم بأصواتهم ويصلوا الى البرلمان، فيما الكفوء والنزيه لا يصل لان الناخب النظيف أو المطالب بالإصلاح الذي يمكن ان ينتخبه، غاب عن صندوق الانتخاب باسم المقاطعة.

لا تقولوا انهم متشابهون، لا تقولوا ان النزيه والكفوء لا يصل، لا تقولوا ان الكفوء غير موجود، فهم موجودون لكنهم لن يصلوا الى البرلمان إذا اخترنا المقاطعة والاكتفاء بالتذمر واللعن.

كثيرون ينساقون الى دعوات المقاطعة مدفوعين بإحباطهم ونظرتهم السوداوية الى الوضع. الحق مع هؤلاء في ما يشكون منه، لكن بين المروجين للمقاطعة من يتحركون بأغراض غير سليمة. المروّجون للإحباط والساعون الى إظهار كل شيء بلون قاتم، وكل مسؤول على انه فاسد، يجهدون منذ 2003 في إشاعة هذا الاحباط، وللأسف ساعدهم في مهمتهم سياسيون فاسدون، وضعوا مصلحتهم وأحزابهم فوق مصلحة الوطن وأهله ككل.  هكذا يكون هؤلاء شركاء في خلق بيئة مساعدة لمن يستهدفون الوضع السياسي الجديد بعد، خصوصا وأن المقاطعة ستكون من مصلحة هؤلاء، الذين يـريـدون البقـاء في مواقعـهم والاحتـفاظ بنفوذهم وامتيـازاتـهـم.

هل نكافئهم ونساعدهم في تحقيق هدفهم بمقاطعتنا للانتخابات أم نشارك بكثافة وندقق في المرشحين ونختار من نتأكد من نزاهته وكفاءته من دون تأثر بخطاب ديني أو طائفي أو سياسي؟

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 16-01-2018     عدد القراء :  1488       عدد التعليقات : 0