الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
واحسرتـــــــــــــــــــــــاه

منذ الإعلان عن التحالفات الإنتخابية في وطننا والسجال الحامي بين المؤيدين والمعارضين لهذه التحالفات يسير بوتائر تتصاعد يومياً نحو الخروج عن اطار النقد وطرح الفكرة المؤيِدة او المعارِضة بالحجج التي تتبلور على الساحة السياسية العراقية وكل ما تجره من تعقيدات وتناقضات لم يمر بها تاريخ العراق السياسي الحديث . لا بل ونستطيع القول ان هذه التجربة العراقية فريدة من نوعها بحيث لا يمكننا الإستفادة من نتائج تجارب مماثلة لها في معالمها المطروحة اليوم امام القوى السياسية العراقية التي تتهيأ لخوض معركة " الإنتخابات " التي يراها البعض محسومة النتائج ، وذلك بالنظر لسريان اخطبوط الفساد المالي والإداري في الدولة العراقية بشكل جعل من هذا الفساد مؤسسة تديرها مافيات خرجت عن اطار السيطرة الرسمية للدولة العراقية بكل اجهزتها التنفيذية والتشريعية والقضائية . ومن الثابت والأكيد  ان  الكثير من هذه الأجهزة بالذات هي الفاعلة الأساسية في هذه المافيات ، وما الثراء الفاحش الذي اصبح ظاهرة لا غبار عليها لدى السياسيين العراقيين ومعظم منتسبي البرلمان وكثير من الأجهزة القضائية والتنفيذية إلا الدليل القاطع على ذلك . وحينما تلجأ بعض القوى السياسية العراقية إلى الولوج في ما تعتقد فيه او تأمل منه كمنافسة ديمقراطية على المقاعد الإنتخابية ، بالرغم من قناعتها بتشويه المبدأ الأساسي للديمقراطية من قبل احزاب الإسلام السياسي ومؤازريها ، فإن هذه القوى تنطلق من دراستها للواقع السياسي العام على الساحة العراقية بكل ما يحمله من تناقضات وتجاذبات ، تحاول ان تضعها كمؤشرات لبرنامجها الإنتخابي الإصلاحي الذي يرمي اول ما يرمي إلى التخلص من الفساد والفاسدين في المرحلة الأولى من نشاط هذه التحالفات على الأقل .

لا يختلف اثنان على وقوع الشارع العراقي ، بكل تجلياته الفكرية والسياسية والإقتصادية وطبيعة تركيبته الإجتماعية ،بين براثن قوى الإسلام السياسي وحلفاؤها في الحكم منذ قضاء الإحتلال الأمريكي لوطننا على اعتى دكتاتورية مجرمة عانى منها الشعب والوطن لعقود كثيرة سوداء من تاريخه . لقد اوغلت هذه القوى الحاكمة في تنكرها للشعب بحيث اصبحت السمة البارزة للمرحلة السياسية التي يمر بها وطننا العراق الآن تتبلور من خلال انتشار الفوضى وغياب الدولة مع غياب القانون الذي اصبح العرف العشائري بديلاً عنه في الخصومات التي تقع في المجتمع . اضافة الى انعدام كل ما يمكن ان يقع في مجالات وسائل العيش الكريم في بلد غني بكل شيئ كالعراق . وتحت هذه الظروف التي بدأ فيها الشارع العراقي يردد انشودته العتيدة " باسم الدين باكونا الحرامية " والتي تعكس واقعه المُعاش فعلاً ، تنادت بعض القوى السياسية التي ترجو ، ونرجو معها ايضاً ، ان يعكس الناس استياءهم من احزاب الإسلام السياسي الفاسدة وكل من يشاركها في ادارة العملية السياسية في العراق سواءً من بقايا البعث المختبئ خلف بعض العمائم او خلف بعض التجمعات القومية الشوفينية او التكتلات المناطقية والعشاءرية ، على صناديق الإقتراع التي يجب ان تخضع لرقابة دولية صارمة ، إذ ان حيَل لصوص العملية السياسية المتربعين على الحكم في هذا المجال عجز ابليس نفسه عن اكتشاف كنهها وإدارة ملفاتها .

من هذا المنطلق ينبغي لنا مناقشة هذا الواقع المرير الذي يعيشه شعبنا ووطننا إتفاقاً او إختلافاً ، وتبادل الآراء بكل شفافية وروح رفاقية لا ينبغي ان تنال منها العواطف والعلاقات الشخصية. هذه الروح الرفاقية التي ليس من السهل التفريط بها وهي حصيلة عقود طويلة من النضال المشترك الذي تقاسم ويلاته كل الذين قدموا مختلف التضحيات في سبيل المبادئ الإنسانية والفكر الثوري التقدمي . لقد جرت مثل هذه النقاشات الهادئة بالفعل وطرح الكثير من الصديقات والأصدقاء ما يفكرون به سلباً او إيجاباً حيال هذه التحالفات الإنتخابية ، وهذا امر طبيعي في حياة مناضلين يحملون تجارب عشرات السنين من النضال الثوري التقدمي . إلا ان ما يحز في القلب حقاً ان نرى وحدة اللصوص والفاسدين ولا نواجهها بوحدة الفكر اليساري التقدمي ، بالرغم من كل ما يحمله هذا الفكر من إمكانيات الوحدة تحت هذه الظروف العصيبة التي تتكالب فيها قوى الشر عليه ، وبالرغم  من اختلاف في وجهات النظر التي ينبغي لها ان تشكل فسيفساء هذه الوحدة التي لا يمكنها ان تسير نحو تحقيق الأهداف التقدمية لمجتمعات اليوم التي تكثر فيها الطموحات وتتشعب فيها الوسائل إلا بطرح البديل في الفكر التقدمي الموحد وكل ما يحمله من برامج سياسية يظل النقاش حولها مستمراً وخاضعاً للتجديد  .

أملي وامل كل من يسعى للتخلص من زمر الفساد واللصوصية في وطننا ان نتعامل مع واقعنا المرير بتوظيف كل ما نملكه من تجارب نضالية وكل ما نكنه في دواخلنا من علاقات رفاقية عمدتها تضحيات عقود العمل في سبيل الوطن والشعب في العهود المختلفة من تاريخ وطننا الحبيب ، وكلي قناعة باننا اهل لذلك .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 07-03-2018     عدد القراء :  2634       عدد التعليقات : 0