الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
طلعت مسيحية !!!
بقلم : شاكر جواد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

بمرحلتنا الي دخلنا كلية الطب عام 1975 و تخرجنا عام 1981 كان اكواثنين بس اسمائهم تبدأ بحرف الشين .. شاكر و شذى.

و بما انه كلية الطب كانت تتبع طريقة المجاميع الصغيرة في التدريب (كنا نسميها كروبات) فكانت الاسماء تتقسم حسب التسلسل الابجدي و الشخص الي اسمه يبدي بنفس حرف اسمك يلزك بيك بنفس الكروب لمدة 6 سنوات.

و طبعا صار واضح الكم انه بسبب هذا كضيت 6 سنوات ويه شذى بنفس الكروب، بالمختبرات و بالتدريبات السريرية و بالزيارات الميدانية وغيرها ..

شذى كانت طالبة متميزة جدا في دورتنا و تميزها كان في انها كانت غاية في الرقة و لم يكن لها مثيل في هدوئها و خفرها و خجلها و صوتها ذو النبرة المنخفضة ، كانت نسمة هادئة تبرد اعصاب مجموعتنا من يصيبنا التوتر بسبب ضغط الدروس، كانت الوحيدة التي لا تنفعل ولا تتأثر بالظروف و المحن الي يمر بيها الطلاب بشكل كان يثير استغرابي بل و يجعلني احسدها بسبب هذا الصفاء و الهدوء الداخلي المزمن..

انقطعت اخبار شذى الحلاوية منذ التخرج قبل 37 سنة و لم اسمع بها و لا باخبارها الى ان ظهرت صور سيدة لم استطع تمييزها على صفحات الانترنت اسمها شذى.. لم تثر الصورة انتباهي اول الامر و حتى بعد انتشار الخبر المؤسف بمقتل عائلة عراقية مسيحية في بغداد طعنا بالسكاكين لم اربط بين صورة الطبيبة ضحية هذه الجريمة البشعة و بين زميلتي شذى ببساطة لأني و خلال ست سنوات من علاقة الزمالة الوثيقة بشذى مالك حنتوش لم اعرف انها كانت مسيحية..

نعم .. تخيلوا لم اعرف الا الان بعد مقتلها انها كانت مسيحية .. عرفت بعد ان اصبحنا نصنف العراقيين حسب اديانهم و مذاهبهم في هذا الزمن العاهر..

لروحك الجميلة عزيزتي شذى و لروح عائلتك الشهيدة كل المحبة و لتنعم هذه الروح الملائكية بالسلام الابدي و الراحة الدائمة بعيدا عن قذارة هذا العالم التعس.. اكتب هذا الرثاء و عيناي دامعتان و ما ازال غير مصدق بأن شذى الوديعة الطيبة الجميلة تطعن بسكين و تموت .. شذى التي جعلني موتها بهذا الشكل الدراماتيكي فقط اعرف انها مسيحية بعد ان انقطعت اخبارها 37 عاما ..

و أرجو ان تبريني الذمة عزيزتي شذى فطالما قلدت صوتك المنخفض و حركاتك البريئة لاضحاك طلاب مجموعتنا و لكنك كنت تفاجئيني دائما بانك اكثرهم ضحكا على ما افعل و ليتني ما فعلت فلربما جرحت مشاعرك بتصرفاتي الخرقاء تلك و لكني لم اكن فاهما لمشاعر الناس كما انا الان... فعذراً

الوداع

  كتب بتأريخ :  السبت 17-03-2018     عدد القراء :  1899       عدد التعليقات : 0