الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
باكَـلـّـــه لوز

العنوان يعيد في ذاكرتنا جميعاً صوت بائعي الباقلاء في العربات المتجولة والذين كانوا غالبا ما يقفون قرب أبواب المدارس والشوارع الرئيسية وفي أسواق المدينة، ولا يمكن اختزال دور هذا الصوت في تحفيز شهيتنا للوقوف والاستمتاع بصحن الباقلاء ، الذي يفاجئك من الوهلة الأولى وبغض النظر عن عدم نظافة الصحون يفاجئك بما تضمه الباقلاء بين فلقتيها ، لو كنت ذا جـَـلدٍ واصلت مشوارك في استساغتها وإفراغ الصحن بعد مراقبة كل واحدة وتفحصها، أو أن ترمي بما في الصحن وتمضي نادماً على إذعانك لشهيتك التي كنت تعرف مسبقاً إن هذه الوقفة لا تخلو من المحاذير ، الباكَله لوز هذه ذكرتني بها الحملات الدعائية الانتخابية والتي تقوم على قدم وساق لتجعل من ( الهور مركَـ والزور خواشيكَـ ) ، فكل جهة وكل ممثل قائمة يظهر ليحكي لنا عن أحلامه وطموحاته وما سوف ينجزه وما سيحققه وووو.... ولكن لمن قصب السبق سيكون بعد هذا العناء ، هذا ما يهمنا أمره ،وكيف يتم توظيف الدعاية الانتخابية بشكل نظيف ومن دون تشويه الحقائق وتكفير من لا نتفق معه في النهج حتى بات العلماني عاصياً كافراً جهاراً واليساري ملحدا ، في الانتخابات السابقة مورست الكثير من الأمور السلبية لاستقطاب أكبر عدد ممكن من شرائح الشعب التي تريد أن تركب في سفينة نجاة لا تغرق موصلة وإياها إلى شاطئ الجنان والأمان وما تزال هذه السفينة تغرر الناخب "الخام" مستغلة تعاطفه الديني والعشائري تحت مسميات شتى " السيد ، الشيخ، الحاج..ـة ، العلوية".

أظهرت الحقبة القريبة السابقة من الحياة السياسية العراقية أن هناك اتجاه لبعض القوى والأفكار،التي تم توظيف مفهومها للديموقراطية بناءً على ما حصلت عليه من أكثرية بطمس حق الأطراف الأخرى، والسعي لإنهائها من الساحة السياسية وإلغاء دورها النضالي في مقارعة الظلم والدكتاتورية لحقب زمنية طويلة شهد لها الشعب العراقي ، مما حدا لظهور بعض الائتلافات التي التقت في هذه المرحلة رغم اختلاف أيديولوجياتها وفقا لما تقتضيه مصلحة الشعب المرحلية ، وللأسف إن ظاهرة إلغاء الآخر ما تزال تعشش في عقلية بعض قادة الأحزاب والحركات السياسية في العراق ، حتى أنك لتشهد مقولة عدو عدوي صديقي تسفر عن وجهها طائفياً وفكرياً . يجب النضال وبقوة لتثبيت مفاهيم أن العراق للعراقيين والدولة للعراقيين وهذه الحكومة هي مؤقتة ينتهي مفعولها بعد سقف زمني محدد ، والقوانين هي التي تسود وتتسيد، وبغض النظر عن اتجاهات وأفكار العاملين في أجهزة إدارة الدولة.

القوائم الانتخابية تعرض برامجها عبر طرح مرشحيها التي تكفلت قناة الدولة الرسمية "قناة العراقية" بتقديمهم الواحد تلو الآخر، فكل يصوغ مشروعه وحلمه الوردي لجميع أبناء العراق ولكن الواقع لا يدلل على ذلك والساحة تشهد على تجاوزات وتسقيطات واضحة للعيان بشتى الممارسات وأشير هنا إلى طبيعة الدعاية الانتخابية وحيثياتها اليومية ، وها نحن ما نزال نسمع ونرى هذه التجاوزات سواءً بتمزيق صور وإعلانات القوائم المنافسة حتى وصلت إلى درجة محاولات القتل العمد والاغتيالات في وضح النهار .

ما الذي يضمره لنا مستقبل العراق السياسي بعد هذه الدورة الانتخابية والتي تحمل الرقم "5" وخمسه وخميسه بعين العدو !

الكل ينادي باكَله لوز ولا ندري أية نار ستنضج هذه الباقلاء وما ستحويه بين فلقتيها ! فهل نأكل ونحن مطمئنون أم سنبقى على ريبة من أمرها وأمرنا !!.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 08-05-2018     عدد القراء :  1803       عدد التعليقات : 0