الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل نذمُّ الحلوى الفاسدة.. أم الحلواني؟

هذه المفوضية (العليا للانتخابات) غير صالحة، ليست كفوءة، متلاعبة، منحازة، وحتى فاسدة... هذا هو رأي المُعترضين على نتائج الانتخابات الأخيرة الذين تتراوح مطالبهم بين إعادة الفرز والعدّ جزئياً أو كلّياً، وإعادة الانتخابات برمّتها.

ولنفترض أنّ المفوضية هي كلّ هذا، أو بعضه في الأقل، لكن السؤال: مَنْ صنع هذه المفوضية؟ مَنْ شكّلها وسوّاها بهذه الصيغة؟ مَنْ أسّسها على هذا النحو لتصبح غير صالحة، ليست كفوءة، متلاعبة، منحازة، وحتى فاسدة؟

جملة المُتحمّسين للاعتراض على نتائج الانتخابات هم مِن الذين فشلوا في بلوغ العتبة الانتخابية التي تؤهّل لعضوية مجلس النواب. معظم هؤلاء المُعترضين هم نواب سابقون، لم يتخيّلوا أنهم يُمكن أن يخسروا في الانتخابات، إنْ بالتزوير أو من دونه. وربما ما كان كلّ النواب الخاسرين المُعترضين أو أغلبهم سيعترضون لو أنهم فازوا وكانت الخسارة من نصيب غيرهم، الفائزين حالياً، وإنْ كان فوزهم وخسارة غيرهم بالتزوير والخروق التي يتحدثون عنها الآن. وربما أيضاً هؤلاء المعترضون كلّهم أو أغلبهم هم ممّنْ لم يؤيدوا، عند تشريع قانون المفوضية، أن تكون المفوضية مستقلّة تماماً على وفق ما نصّ عليه الدستور.. ربما هم جميعاً لم يقفوا إلى جانب مَنْ طالبوا بتعديل الصيغة التي تتشكّل بها المفوضية، فلا يكون اختيار أعضاء مجلسها وحتى موظفيها من اختصاص الكتل والأحزاب المتنفّذة في البرلمان على وفق نظام المحاصصة.. بُحّتْ أصوات الناس المطالبة باحترام أحكام الدستور وضمان أن تكون وأن تبقى الهيئات" المستقلة" مستقلة بحقّ وبتشريع قانون عادل ومُنصف للانتخابات وآخر مثله للأحزاب، بيد أنّ هؤلاء النواب الخاسرين المُعترضين على نتائج الانتخابات والذّامّين المفوضية ومجلسها وأداءهما، كانوا ممّنْ لم يرفعوا يداً في مجلس النواب للاعتراض على تشكيل المفوضية على وفق نظام المحاصصة أو على قانوني الانتخابات والأحزاب.

إذن هذه المفوضية هي صنيعتكم، أيها السادة النواب المعترضون.. هي ما نضحت به آنيتكم.. هي نتاج توافقات أحزابكم وكتلكم.. وإذا ما بدت لكم الآن أنّها غير صالحة، ليست كفوءة، متلاعبة، منحازة، وحتى فاسدة، فإنّما لأنها جاءت من صُلبكم.. فأنتم إذن لستُم صالحين أو أكفاء لتمثيل الشعب، وأنتم منحازون ومتلاعبون وحتى فاسدون.

تريدون إقالة مجلس المفوضين أو تغييره؟.. ليكن ذلك.. لكنّكم الأولى بالإقالة والتغيير، جزاء لكم عن سوء التقدير والتدبير بتشريعكم قانون للمفوضية لا يضمن استقلالها التام ومهنيتها. مَنْ يَضمن، إذا ما أقلتم مجلس المفوضية، أنكم لن تشكّلوا مجلساً جديداً محاصصاتيّاً هو الآخر؟

أنتم الآن مثل صانع حلوى فاسدة أو طبّاخ طبخة" خربانة" .. تريدوننا أن نلعن الحلوى الفاسدة والأكلة" الخربانة" بدل أن نلعن مَنْ صنع هذه الحلوى وأعدّ الطبخة... أنتم صنّاع هذه الحلوى أو الطبخة..!

المدى

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 30-05-2018     عدد القراء :  1761       عدد التعليقات : 0