الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
وداعاً أبا قاعدة، وداعاً ايها المناضل العنيد

نعت لنا الأخبار في 17/9/2018 , رحيل المناضل الباسل كاظم فرهود " أبو قاعدة " , القائد الفلاحي الكبير, وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي .

إلتقيته للمرة الأولى , في الأجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب , في تشرين الثاني عام 1965, حيث كان الفقيد ابو قاعدة , ضمن مجموعة الكادر المتقدم الذي دُعيَ لحضور الأجتماع , وكانت له آراؤه السديدة الواضحة في ذلك الأجتماع , وانتخبَ عضواً في اللجنة المركزية , مع مجموعة من الرفاق , من بينهم الرفيق الشهيد شاكر محمود , الذي اغتالته المخابرات الصدامية قرب مستشفى اليرموك .

وفي ضوء قرارات الأجتماع الموسع , تم تشكيل خط " حسين " المدني المسلح . وأُنيطت مسؤوليته بالرفيق الفقيد كاظم فرهود , ونفذ آنذاك مجموعة عمليات ناجحة...ومع ارتفاع المعنويات وتصاعد النشاط الحزبي , وجهت للتنظيم ضربتان موجعتان ومتقاربتان , حيث أعتقل الفقيد ابو قاعدة , في أوائل عام 1966 , ولا اعرف ظروف اعتقاله, ولم يتحدث هو عنها حين التقينا في سجن نكَرة السلمان. أما الثانية فهي اعتقالي والمناضل أ . أ . عباس عضو اللجنة المركزية والمناضل الفقيد خضير عباس ( ابو ماجد ) وكنا نعمل في تنظيمات "هاشم".

تعرض الفقيد أبو قاعدة لتعذيب  وحشي في الأستخبارات العسكرية لعدة أشهر , وخلعوا احدى يديه , وبقي يعاني منها باستمرار . خلال وجودي في الأمن العامة , كان الفقيد ابو قاعدة في معتقل الفضيلية , وصادف ان نُقل احد الموقوفين الموثوقين الى الفضيلية , فكتبت رسالة واضحة للرفيق ابي قاعدة , اوضحتُ فيها سير التحقيق ونتائجه.

بعد فترة التحقيق التي استمرت ثمانية عشر يوماً في انفرادي الأمن العامة , غادرتُ الى سجن نكَرة السلمان, حيث كنت محكوماً غيابياً بعشرة سنوات , واكتسب الحكم الدرجة القطعية . بعد وصولي بفترة قصيرة , وصل ابو قاعدة الى سجن نكَرة السلمان , رغم انه لم يصدر ضده حكم آنذاك . وبحكم مركزه الحزبي , كعضو لجنة مركزية , استلم مسؤولية منظمة السجن, وكنت عضواً فيها , لم نشعر يوماً ان هناك نظرة او تصرف أو فجوة بينه وبين أصغر وأبسط سجين . وفي بعض الأيام كنا نقوم بحملات تنظيف وترتيب السجن , كان يلبس " الكانة " وهذا اسم بدلة السجن , التي لا نلبسها إلا لهذا الغرض , , ويعمل معنا , رغم اعتراضنا على ذلك بسبب معاناته من خلع يده .

كانت هناك زيارات شهرية للسجناء في جميع السجون العراقية باستثناء سجن السلمان. فالعائلة التي تريد زيارة ابنها السجين في نكَرة السلمان , عليها التوجه الى بغداد لاستحصال موافقة الأمن العامة على المواجهة , واذا حصلت الموافقة , تتوجه العائلة الى السماوة ومنها الى قضاء السلمان , لتحضى برؤية السجين المعني لبضع ساعات. ولهذا كانت العوائل تتجنب هذه المتاعب , وعلى سبيل المثال , فقد مكثتُ في سجن السلمان سنتين واربعة اشهر , لم ارَ خلالها غير ثلاثة او اربعة زيارات , ناهيكم عن ان عدد من السجناء المعروفين , كأبي قاعدة وسامي احمد العامري وعبد الوهاب طاهر وكاتب هذه السطور , ترفض الأمن العامة السماح لمواجهتهم    وكنا نستفيد من ذهابنا للمحاكمات  في بغداد لنرى عوائلنا وأطفالنا في موقف السراي في بغداد .

كان المناضل كاظم فرهود كغيره من السجناء يتوق للحرية وللنضال في صفوف التنظيم , لتحقيق الأهداف التي نذر نفسه لها . كنت يومها في موقف السراي في بغداد لحضور محاكمة ثانية , حين سمعنا ان أربعة من السجناء , بينهم ابو قاعدة قد هربوا , بعد ان احدثوا فجوة في سيارة نقل السجناء , وبقينا نتسقط الأخبار , فعرفنا ان ثلاثة منهم قد نجحوا في الهروب , أما ابو قاعدة , وكان التركيز عليه تحديداً , فقد عثروا عليه في بساتين السماوة , ودخل معهم في اشتباك بالأيدي , لكن الكثرة تغلب الشجاعة , كما يقال , فتمكنوا منه , ووصل الى بغداد معصوب الراس ....بعد ان ارتاح من عناء السفر , طلب مني رفع الضماد عن رأسه قائلاً  " شوف هذه الضربة زركَة " , لم يكن هناك جرح , ولكنها كدمة قوية , , ضحكتُ قائلاً " انت كلّك ازركَ شيبين بيك " .

موقف ابي قاعدة من الأنشقاق عام 1967 :

حين حصل الأنشقاق المؤسف في ايلول 1967 , انحازت منظمة السجن للأنشقاق , بعد ان وجهت رسالة لقيادة الحزب , لستُ الآن بصددها ,,, اما المناضل كاظم فرهود , فقد اتخذ موقفاً آخر , حيث قال " يا رفاق , انني مررتُ بتجربة انشقاق سابقة " اشارة الى موضوع راية الشغيلة " وما زلتُ نادماً عليها حتى الآن , ولا اريد ان اخوض تجربة جديدة " وانسحب من مسؤولية منظمة السجن . قدرنا وضعه وصدق نواياه ومنطلقاته الفكرية .

إلا أن موقفه هذا " لم يحظَ بقبول قيادة الحزب آنذاك " . ومن يومها ترك العمل مع الجانبين , إلا أنه بقي مخلصاً لأفكاره ومبادئه , ولم يسءْ للحزب ونضاله وتاريخه .

 المجد للمناضل البطل كاظم فرهود ( ابو قاعدة )

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 09-10-2018     عدد القراء :  1707       عدد التعليقات : 1

 
   
 

Guest

له المجد والذكر الطيب