الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حكومتان أم حكومة واحدة، جيشان أم جيش واحد في العراق؟

هذا سؤال كبير يدور في بالي، وكما أرى يدور في بال الملايين من البشر في العراق وخارجه. هذا السؤال يدور في بالي كل يوم، بل وفي كل ساعة ولحظة، أقرأ أو أسمع فيها أخبار العراق وتصرفات مجموعة من قادة القوى والأحزاب الإسلامية السياسي في العراق، وهم في الوقت نفسه قادة عسكريون في الحشد الشعبي. لهم مقرات وزارية في مقرات أحزابهم ومقرات لهم كقادة عسكريين في مقرات الحشد الشعبي، وهم في الوقت نفسه شيوخ أو رجال دين مزيفين، ورئيسهم ليس رئيس وزراء العراق، بل خامنئي، هو رئيسهم، وقائدهم العسكري ليس القائد العام للقوات المسلحة العراقية، بل خامنئي ونائبه في العراق العميد قاسم سليماني. وهكذا، فعند الشدة لا يلجؤون الى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في العراق بل إلى طهران مباشرة ودون أخذ الإذن من أحد، ليتلقوا الفتاوى والتعليمات من ولي الفقيه علي خامنئي وقادة الحرس الثور وفيلق القدس والبسيج، وربما أيضاً من حسن روحاني.

لم يكن عبثاً ولا عفوياً حين وصف "معاون زعيم ميليشيات النجباء، يوسف الناصري، بتصريح متلفز، الجيش العراقي بـ"المرتزق"، وطالب بحله وإسناد مهامه إلى ميليشيات الحشد الشعبي"، بل هو نهج ثابت لدى قادة تلك الأحزاب الإسلامية السياسة التابعة لإيران وقادة الحشد الشعبي التابعين عقلاً وعاطفة لإيران حيث يجسد روح الانتقام من الجيش العراقي ورغبة إنهاء دوره لصالح الحشد الشعبي المعبر عن إرادة ومصالح إيران في العراق.

إنها المعضلة الكبيرة التي يعاني منها العراق: يسافر اثنان من قادة الحشد الشعبي، وهما نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وزعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، وهما من أشد أنصار ولاية الفقيه الإيراني علي خامنئي، في زيارة غير معلنة، بهدف الحصول على "منظومة دفاع جوي محدودة ـ باور 373" لمواجهة الطيران المعادي، لصالح القوات الإيرانية في العراق، أي لصالح "الحشد الشعبي". والسؤال لماذا لم يكلف رئيس الوزراء قادة عسكريين في الجيش العراقي ليقوموا بزيارة رسمية إلى إيران أو إلى أي بلد آخر لاقتناء السلاح المناسب للدفاع عن الأجواء العراقية. وهذا الشخصان هما من رفض أيضاً قرار دمج الحشد الشعبي بالقوات المسلحة العراقية، بل يريدون دمج حل الجيش العراقي ودمج بعض وحداته بالحشد الشعبي ليحل مجل الجيش العراقي! هكذا تسير الأمور في العراق!

وليس غريباً ألَّا يعترض أو يحتج رئيس الوزراء على هذه الزيارة، فهو منهم وأليهم، ولا يجد غضاضة أن يهمل، فهو ليس الأمر بنفسه، بل مأمور ممن أجلسه على مقعد رئاسة الوزراء، وهكذا حال رئيس الجمهورية، الذي لا حقوق ولا واجبات له في الدولة العراقية، ولكن الغريب حقاً أننا لا نسمع أصوات احتجاج من القوى التي تتحدث عن رفض وجود حكومة ظل، ونرفض وجود دولة داخل دولة وجيش داخل جيش.

إن الحشد الشعبي يريد، شاء الشعب العراقي أم أبى، أن يقف العراق الرسمي إلى جانب إيران في صراعها مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه سيكون العراق جبهة أمامية في هذا الصراع، وسيتلقى الضربات الجوية العدوانية من إسرائيل الحليف الأساسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وفي الصراع مع إيران.          

هناك حكاية قديمة حين زار امبراطور المانيا وزوجته دمشق الشام وأعجبت الإمبراطور بحمار ابيض كان في الشارع حين مرور الموكب، فأرادت الحصول عليه. رفض صاحب الحمار التخلي عنه لكيلا يقال بأن الإمبراطورة لم تجد في الشام غير الحمار لتعجب به. فبلغ الإمبراطور وزوجته بموقف صاحب الحمار فقال الإمبراطور: "هناك أناس يخافون على سمعة بلادهم من الحمير، وهناك حمير تبيع البلد بما فيه!!!" هذا هو ما يحصل في بلاد الرافدين في المرحلة الراهنة!!  

31/08/2019

  كتب بتأريخ :  الأحد 01-09-2019     عدد القراء :  1758       عدد التعليقات : 0