الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة

   ‎لقد اختزلت المرأة العراقية كل الاشواط التي اعترضتها، في طرح معاناتها وفي رفض اضطهادها وانتهاك حريتها، وعبوديتها التي بقيت تناهضها وترفضها في كل مناسبة تتاح لها وفي كل منبر تستذكر فيه تاريخها المعبأ بالاضطهاد والعنف والهموم.

   ‎اختزلتها بوقفتها الاخيرة التي أدهشت كل العالم، والتي أثبتت فيها انها الأحق والأولى بالمساواة وبالتقدير والهيبة وإستحقاق المطالب المشروعة، وتخطت كل التوقعات.

   ‎لقد سحقت بوقفتها كل القوانين المجحفة المتتالية التي لم تنصف آدميتها ومكانتها في المجتمع.

   ‎المرأة العراقية التي عبرت عقوداً من النضال ضد الاستبداد وسلسلة الانكسارات والتردي والخضوع لقوانين العرف الاجتماعي بأكلح صوره، والذي وصل بالمجتمع ان يكون نداً لكل نزعة تحررية للمرأة، واعتبرها رديفة للرذيلة، وان أمرها مقصور على النقص في الدين والعقل، وانها ليست إلا عاملاً من عوامل الفتنة وحبائل الشيطان، ومصدراً للإثم الذي يوقع في الخطيئة. وهضم اغلب حقوقها، وادخلها في دهاليز حملات همجية منذ عهد النظام السابق المقبور، مروراً بالسنين التي تلته.

   ‎فغاب مشروع النهوض بالمرأة، وانسحقت في الف دوامة ودوامة، حتى قلت نسبة المتطلعات لإعادة بناء حرية المرأة في العراق، والسعي لصيانة عقلها وحقوقها وإنتمائها وجنسها.

   ‎وقد ساعدت التيارات الظلامية في ان تشد المرأة الى القرون الوسطى، فزادت خيباتها ونكباتها، فنفيت المرأة من واقعها لتتعلق في المتن الاسطوري الذي يمثل وجدان وأفكار الاسلاف. ووقعت تحت مطرقة مؤسسات الحكم بكل تعقيداتها ووقائعها ومسبباتها، مما جعل الرجل العراقي يستعيد دورته القديمة في احتقار دور المرأة وإهانتها وإضعافها، وهضم حقوقها، بل وتعنيفها بشتى الوسائل.

   ‎وتمت عملية الاغتصاب المعنوي لكيانها الانساني، لتتسلط عليها كل اشكال الخنوع والطاعة.

   ‎لقد كسرت المرأة العراقية الان كل أطواق المخاوف التي عشعشت في العقول، ورفعت شعار المشاركة الفاعلة المشرفة، بل اسرعت بخطاها للصدارة في الدفاع عن حرية مجتمع بأكمله، وهي تتقدم صفوف الانتفاضة الكبرى ضد نظام الفساد الذي أحرق الاخضر واليابس.

   ‎تقدمت المرأة العراقية الباسلة في ساحات التظاهر مع اخيها الرجل ليعلو صوتها، وليرتفع شأنها، ولتثبت لكل العالم أنها الأجدر والأقدر والأنسب لتبوأ مكانتها الحقيقية، واستحقاقها العالي، فهي الثائرة، والمسعفة، والمتعاونة، والحضن الدافيء لأبنائها الثوار.

   ‎خرجت المرأة العراقية الى ساحات التحدي شأنها شأن اخيها الرجل، وأذهلت العالم بجبروتها وإرادتها، وسحقت بقدميها القوانين الفاشية وأجندات التقاليد البالية التي حاولت إرجاعها للوراء حبيسة بين جدران البيت.

   ‎فتحية للمرأة العراقية الثائرة ضد الظلم والفساد، وهي ترفع علم بلدها بيد، وتحتضن الجريح باليد الاخرى.

   ‎ولمن تحمل نعش ابنها الشهيد على رأسها، وتزفه هاتفة للإنعتاق وللحرية والسلام.

   ‎تحية لمن سجلت صفحة مضيئة وساطعة في تاريخ العراق.

   ‎تحية لكل حرائر العراق اللائي رفعن رأس بلدنا عالياً بكل بسالة وبطولة، عابرات جسور الدم، متحديات وثائرات ضد القمع والفاشية والفساد والاستلاب.

25/11/2019

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 26-11-2019     عدد القراء :  1524       عدد التعليقات : 0