الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
نحو خوض المعركة الحاسمة لإسقاط الحكم الطائفي الفاسد

لم يكن عادل عبد المهدي سوى الأداة القذرة الضاربة بيد الطغمة الحاكمة بأحزابها الإسلامية السياسية وميليشياتها الطائفية المسلحة. وإن استقالته لا تعني نهاية الحكم الطائفي المحاصصي الفاسد، فكل النخب الحاكمة في بغداد ليست سوى طيارات ورقية خيوطها بيد علي خامنئي وقاسم سليماني يتحكم بها كيفما يشاء. وقد وصل الأخير إلى بغداد مجدداً ليشخص من هو أكثر الفاسدين استعداداً لممارسة الفساد والأكثر تبعية لولاية الفقيه الإيراني، ومن هو أكثر حقداً على الشعب العراقي واستعداداً لتنفيذ المجازر ضد الشعب المنتفض ليخلف الجزار عادل عبد المهدي في رئاسة الوزراء. لقد حوَّل الأخير مهمة اختيار رئيس وزراء جديد إلى مجلس النواب المليء بالطائفيين والفاسدين والذين وصل أغلبهم إلى احتلال المقاعد النيابية عبر الولاء التام للطائفية السياسية ومحاصصاتها، والقبول بالتزوير وممارسته والمشاركة في الفساد وبيع وشراء المقاعد الخاوية.

لم تنتفض الشبيبة المقدامة لكي يغادر المتهم الأول، باعتباره رئيساً للوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة العراقية، بقتل أكثر من 408 متظاهراً شهيد وأكثر من 16 ألف جريح ومعوق، ليغادر عادل عبد المهدي وجوقة الوزراء مقاعد الحكم فحسب، بل لتغادر الطغمة الفاسدة الماسكة بزمام السلطات الثلاث كلها حكم العراق، لكي ينتهي العراق من هذه العملية السياسية المشوهة والقوى التي خربت العراق وأدمت شعبه ونهبت أمواله وجوعت أغلب سكانه وتسببت في موت مئات ألوف البشر خلال فترة حكمها الرث.

الشعب المنتفض يواجه اليوم محاولة يائسة من الطغمة الحاكمة للبقاء في الحكم ودفاعاً عن مواقعها في الدولة، وهي مستعدة على ارتكاب المجازر البشعة من أجل ذلك ومقاومة التغيير الذي يطالب به الشعب بكل ما تملك من وسائل وأساليب وأدوات دنيئة، بما في ذلك قتل المزيد من المنتفضين في شوارع وساحات العراق، تماماً كما حصل في الناصرية والنجف. إن احتياطي القوى الفاسدة الحاكمة لم يجف بعد، فهي التي استخدمت السلاح المباشر والرصاص الحي والغاز القاتل ضد متظاهري الناصرية والنجف وبغداد وبقية المدن في الشهرين المنصرمين، لاسيما في مواجهات الناصرية، ومن ثم حول بناية "شهيد المحراب" في النجف، التي خاضها المنتفضون البواسل السلميين ودون أي سلاح ضد المجموعة المجرمة المدججة بأنواع الأسلحة القاتلة والمختبئة في "محراب الشهيد" وسقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى في ليلة واحدة. لم يكن هدف المنتفضين تطويق قبر محمد باقر الحكيم، بل كان الهدف ولا يزال إخراج الجواسيس الإيرانيين من مقر اطلاعات (المخابرات) الإيرانية الذي أقيم منذ البدء في "بناية محراب الشهيد" وتحرير المختطفين المعتقلين في هذا المحراب! لقد أقامت الدولة الإيرانية في هذا البناء وكراً كبيراً متخصصاً للمخابرات الإيرانية، كما استخدم لأسر المختطفين وتعذيبهم أو حتى قتلهم أو نقلهم إلى إيران للتخلص منهم هناك. كما كان في هذا البناية مجموعة كبيرة من القناصة التي مارست توجيه أسلحتها القناصة لقتل المتظاهرين ورجال الأمن العراقيين. فاستشهد في يوم 30/11/2019 وحده أكثر من 40 متظاهراً وجرح وتعويق أكثر من 600 شخص على أيدي هؤلاء العملاء والخونة القابعين في هذه البناية. إنهم باختصار شديد جزء من الميليشيات العراقية-الإيرانية المسلحة التي تمارس القتل العمد والواسع بقرار من القيادة الإيرانية والتابعين لها في العراق والتي قالت بالحرف الواحد: "اقتلوا المتظاهرين العراقيين فهم عملاء أمريكا"!!!

طلب القضاء العراقي من عوائل الشهداء والجرحى إقامة دعاوى ضد من اشترك بقتلهم، كما قرر منع الفريق جميل الشمري واعتقاله وحجز أمواله وهو قرار صحيح. ولكن القضاء العراقي والادعاء العام لم يتحركا ضد من أمر باستخدام العنف لتفريق المتظاهرين، ولا من أرسل الفريق جميل الشمري إلى الناصرية لتفريق المتظاهرين، باعتباره رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية، والمسؤول الأول عن حماية المواطنات والمواطنين وحماية مظاهرات الشعب السلمية.

من الواجب إصدار الأوامر لاعتقال القاتل مباشرة، ولكن لا بد أولاً وقبل كل شيء اعتقال من كان مسؤولاً عنه وعن قرار تفريق التظاهرات السلمية من الأيام الأولى لانتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 2019 المجيدة.

إن القضاء العراقي، والادعاء العام كجزء منه، مسؤول أولاً وقبل كل شيء أمام أعلى سلطة في البلاد، سلطة الشعب، عن سبب سكوت وعدم تقديم لوائح اتهام بحق رؤساء الوزارات السابقين الذين يتهمهم الشعب بالفساد ونهب المال العام وسرقة ثروة الشعب ولقمة عيش الناس، عن الذين تسببوا في اجتياح وفواجع وجرائم الإبادة الجماعية في الموصل ونينوى والمسؤولين عن خراب العراق طيلة الفترة المنصرمة الذين يتواجد أغلبهم في "المنطقة الخضراء" وعدم تقديمهم للمحاكمة العلنية والعادلة. إن هذا الإجراء، وليس معاقبة الفاسدين الثانويين، على أهميته، الذي إن تحقق، سيقود البلاد إلى بداية التغيير المنشود في الواقع العراقي الفاسد والرث. إنها البداية لتغيير الطغمة الحاكمة وتغيير تشريعاتها الخائبة، ووضع الناس الوطنيين المستقلين والمخلصين لهذا الوطن على رأس السلطة وفي مجلس النواب وفي القضاء أيضاً، إنها البداية لعملية سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية جديدة تتميز بالنزاهة والشفافية والحرص على إرادة الشعب وثرواته ومصالحه ومستقبل أجياله الحالية والقادمة واستقلال وسيادة الوطن. الشعب يوجه اتهامه وعبر المنتفضين إلى مؤسسة القضاء بمن فيها من قضاة لتي لا تريد أن تسمع بأي الناس بها، فهو يقول بغضب شديد لما يعانيه من جروح وندب: إن المؤسسة القضائية ومن فيها يعانون من حالة الصم البكم والعمي، لأنهم أصبحوا جزءاً من العملية الطائفية الفاسدة الجارية حتى الآن في البلاد! فهل سيعيش الشعب غير ذلك، هل المراهنة على القضاء العراقي رهان على حصان خاسر؟ الأيام القليلة القادمة ستكشف أسراراً وخبايا كثيرة!!!

الشعب المنتفض لن يقبل بأقل مما طالب به حتى الآن، لا يقبل إلا بالخلاص من الطغمة الطائفية المحاصصية الفاسدة المهيمنة حتى الآن على السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضاء وعلى سلطة الإعلام ايضاً. وسيبقى هذا الشعب بنسائه ورجاله في ساحات وشوارع التظاهر إلى ان يستقيم الوضع لصالح الشعب وينحسر القهر والاضطهاد والإمعان في القتل عن صدور الناس.    

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 03-12-2019     عدد القراء :  1836       عدد التعليقات : 0