الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
سياسات خارجية متناقضة لا تجلب الاستقرار في العراق

من بين الأمور العجيبة في عراق ما بعد التغيير عام 2003 ، على كثرتها، هي أن الدولة العراقية أضحت تسلك سياسات متعارضة في الشأن الخارجي إلى حد أنها لا نجلب ثقة أي طرف من الأطراف الاقليمية والدولية، وتحرم العراق من فرص الدعم الخارجي والفعال في مجال أمن البلاد أو في مجال الاعمار الذي هو بأمس الحاجة إليه بعد الخراب الذي حل بالبلاد بعد سلسلة طويلة من الحروب الخارجية العبثية أو الداخلية ضد الشعب العراقي أو بفعل التناحر الطائفي وموجة التطرف والأرهاب الديني الذي عصف بالبلاد.وبالرغم من الاعلان المزوق للإدارات العراقية المتعاقبة التي أدارت شؤون البلاد حول دور العراق في السلمي وجسر للمصالحة بين الأطراف المتصارعة الاقليمية والدولية، إلاّ أن واقع الحال لا يؤكد ذلك. فالعراق له اتفاقية امنية مع الولايات المتحدة وتؤكد الحكومة العراقية أنها تنظر إلى الولايات المتحدة كدولة صديقة وداعمة لأمنها،ولكن الحكومة العراقية تقدم لائحة قانون خاص وبتشريع من مجلس النواب حول إدراج ميليشيات مسلحة في منظومة القوات المسلحة العراقية وبتمويل من الحكومة، يعلن بعضها صراحة على أنها فصيل من فصائل المقاومة الولايات المتحدة التي يتزعمها حكام إيران، بل وإن هذه الميبيشيات لا تخضع بالقسم ومن الناحية العملية إلا لمرجعية عسكرية إيرانية وليس لمرجعية عسكرية رسمية عراقية. هذه الميليشيات تعلن صراحة أن قائدها جنرال إيراني وليس القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أي رئيس الوزراء العراقي. كما تعلن بعض هذه الميليشيات صراحة أنها في حالة حدوث أية مواجهة عسكرية وغير عسكرية فإنها تنحاز إلى الطرف الإيراني. هذه التناقض لا يسري على الميليشيات بل وحتى على الكتل المتنفذة في مجلس النواب. فإذا ما تجرأ ت اجدى الكتل علىمهاجمة العربيةالسعودية فهناك كتلة جاهزة لصد هذا الهجوم بالنيابة. ولكل محافظة سياستها الخارجية، فعلى سبيل مثال فإن القوة المتنفذة في محافظة السليمانية تلتزم بعلاقات وثيقة مع طهران وتدعم عبد الله أوجلان في صراعه مع الحكومة التركية، في حين أن الإدارة في محافظة أربيل على علاقة متينة مع الحكومة اتركية ولا تدين التصرفات التركية ضد أكراد تركيا أو أكراد سوريا. هذا ناهيك عن أن الحكومة في أربيل لها علاقات خارجية تتعارض مع الساسة المتناقضة للحكومات العراقية المتعاقبة منذ سقوط الديكتاتورية. هذا الوضع ينفي ادعات الحكومة العراقي حول النأي بالنفس عن الصراعات المحتدمة في المنطقة من ناحية، ومناحية أخرى فقد أضحت عاملاً في تأجيج هذه الصراعات وصب الزيت في الحريق الذي ينشب في أية لحظة كما هو الحال الآن. هذا الوضع لا يخدم سلامة العراقيين ويعبر عن الاستهتار الفظ بدماء العراقيين الذيسيشمهلهم بأي حريقيحدث في المنطقة. لقد آن الأوان للرجوع إلى العقلة والتروي ونبذ التطرف والارتهان لإرادات خارجية لانقاذ العراق من لهيب العبث وسفك الدكاء.

  كتب بتأريخ :  السبت 04-01-2020     عدد القراء :  1920       عدد التعليقات : 0