الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الحراك النسوي في عراق اليوم

           يتحدث تاريخ المرأة الانساني كيف انها همشت اينما كانت، تحت مسوغات مختلفة، ايديولوجية وبايولوجية او دينية او ثقافية او اخلاقية، فيما يطلق عليه اليوم بالبناء الاجتماعي.

           وكلنا يعرف ماذا فعلت الهيمنة الذكورية بالنساء!

           وقد كافحت المرأة طويلاً وناهضت اغلب المعوقات واصبحت صانعة للخطاب، اصبحت هي التي تتحدث عن نفسها.

           ونهضت بروحها لاعادة صياغة منظومة القيم في المجتمع الذي قهر امكاناتها وقيد طموحاتها، لتصل الى مكانة المثقف العضوي المنخرط في المجتمع والذي يتماهى مع مشاكل العصر.

           وكم نحن بحاجة لمثقفات يعدن صياغة القيم ويتماهين مع مشاكل المجتمع، فنحن اليوم بحاجة لهذه المرأة، وليس فقط المرأة التي تجلس على كرسيها وتكتب.

           لقد كانت المرأة حاضرة في كتاباتها من خلال صحف او مجلات او كتب وحتى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بواسطة هذه الكتابات او البحوث، وقدمت رسائل مختلفة، فكتبت النصوص، او المحاضرات او المقالات، او النثر او القصيدة، او تحليلاً او وجهة نظر؛ فكانت بذلك (مثقفة تقليدية).

           وكانت حاضرة رغم انها محاصرة، فهي كانت تعمل بصمت، ان صح التعبير.

           واشتركت بشكل غير مباشر قبل الحراك ومن بعده رغم انها محاصرة من اطراف عديدة، ودفعت ثمنا من روحها بسبب هذا الصمت الذي لا تحسد عليه.

           وبسبب تراكم الوعي مضافاً اليه تراكم الخبرة والمعرفة اللذين ينسجمان مع السياق الاجتماعي القائم، جاهدت المرأة لتفعيل وضعها لتنتقل الى الفعل العملي، غير آبهة لمبادراتها وجهودها التي تبعثرت وانصهرت مع امالها في بوتقة.

           وبفضل الوعي الذي اثبت مكانته في العقول، والذي حقق ان خروجها في الحراك لايعني خروجها من المنظومة الاخلاقية، ولا ينظر اليها بغرابة.

           وبعد ان كانت التظاهرات تفوق بنسبتها لحضور الذكور بحراك الشارع.

           وبعد ان كانت تعيقها منظومات كاملة وليس اشخاص فقط، عمدت المرأة للتفاعل من اجل التأسيس لدولة مدنية، والتي لو تم تحقيقها ستنتفي الكثير من المعوقات والمشاكل ويسهل تحقيق المطالب المشروعة، لانها ستنضوي تحت مايتحقق من ذلك.

           ودفع وعي المرأة العراقية بها ان تعزز حضورها بالحراك بعد ان كان الشارع ذكورياً، حتى ان لم يكن بحتاً.

           وتيقنت المرأة ان الكل بحاجة لها ولطاقاتها، فبادرت كوكبة من المثقفات والواعيات ان يزدهر حراك التظاهرات بوجودهن المهم.

           خرجت الام والشابة والصبية، وازدهت بهن سوح التظاهرات، لتتعزز انسنة هذا الحراك السلمي من خلال التواجد والمشاركة الملفتة التي تعني ال(كلا) لقياسات على اساس الادنى والاعلى، او المركز والهامش، او الرئيسي والاطرف.

           وهي تنظر لتفعيل ما تصبو اليه بالمشاركة المقبلة عليها في صنع القرار وفي تعديل قوانين البلد المجحفة بحقها، داعسة بقدميها كل المعوقات التي تحملها المنظومات المختلفة.

           انه الدور التأسيسي الفعلي للمرأة العراقية التي نزلت للشارع بهذا الزخم وهذه القوة، بلحظة تفجير طاقات نسوية تاريخية.

           وهو دور فعلي لا يشبه دور عدد نسوي محدود جاء بطريقة اختيار عشوائي وخاطيء اسموه كوتة النساء، والذي لم يكن الا ذراً للرماد في العيون.

           عراقيات اليوم يطمحن بعراق مدني يؤمن بالمساوة التي تحقق للجميع كل المطالب المشروعة.

           تطمح العراقية اليوم لتحقيق استقلالية القضاء، والمساواة، وحرية الاشخاص، والفصل بين السلطات، وضمان حقوق البشر.

           ولابد من تحقيق المطالب السياسية ليتسنى نيل الحقوق.

           وكما وصفها المفكر ابن عربي بقطبية الذكر والانثى، فالمرأة هي قطب متكافيء رصين.

           ولم يخطأ هذا المفكر الجليل عندما افترض ان (كل مكان لا يؤنث لايعول عليه).

           فمرحى للمرأة العراقية التي ثبتت قدميها بقوة وبتحدٍ، بأهم خطوة تاريخية للانتقال لمرحلة التحضر والتطور، ونبذ التراجع والتقوقع والانعزال خلف ستائر وحواجز التخلف.

           

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 14-01-2020     عدد القراء :  1749       عدد التعليقات : 0