الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مقاربة لإنقاذ الوضع الصحي في العراق
بقلم : د. مزاحم مبارك مال الله
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

الوضع السيئ الذي يتصف به الواقع الصحي في العراقي واضح ومكشوف ومعروف للقاصي والداني حيث يان المواطن العراقي تحت ضغوط التخلف الصحي والبيئي وفقدان الوعي الذي أصبح مركّزاً ومتفاقماً منذ ان تسيّد الاسلامويون على سدة الحكم، ويمكن تلخيص معاناة القطاع الصحي وفق مؤشرين رئيسيين اساسيين :

أ‌) الخاص بالسياسة الصحية للدولة وأداء الجهات التنفيذية والذي اتسم بما يلي:

1.عدم الوضوح في سياسة الدولة الصحية وفي إتجاهَي محددات تلك السياسة وضوابط مساراتها.

2.غياب بوصلة التخطيط الاستراتيجي في توفير الادوية واللقاحات والمستلزمات الطبية وبناء المؤسسات الصحية التشخيصية والعلاجية.

3.شمول وزارة الصحة، ومن ثم الحقت بها وزارة البيئة بهذه السياسة التخريبية كجزء من السياسة التحاصصية التي اتسم بها النظام السياسي في البلاد وراحت الوزارتان تعانيان من سطوة الضغوط التحاصصية لمراكز القوى.

4.إستفحال الفساد كنتيجة حتمية للمحاصصة فقد استفحل الفساد في كل المؤسسات الصحية ليشمل مركز وزارة الصحة والبيئة وكل الدوائر العامة والمستشفيات والمراكز التابعة.

5. تمثل الفساد بـما يلي :ـ

• وضع الموظف غير المناسب في المواقع الادارية في كل مؤسسات وزارة الصحة والبيئة.

• إبرام العقود المشبوهة في إستيراد الادوية والمعدات الطبية والصحية والتشخيصية والمختبرية وتوزيع حصص الأموال الحرام بين الفاسدين نتج عنه تربية القطط السمان في تلك المؤسسات الذين حلموا ان يستحوذوا على اموال عن غير وجه حق.

• تسريب الادوية والعلاجات وبيعها في الاسواق التجارية وحرمان شرائح واسعة من المرضى الذين يحتاجونها.

• النقص الشديد في موجود الادوية والمستلزمات.

• الواسطات عبر المحسوبية والمنسوبية وسطوة المليشيات وجميعها على حساب الفقراء والمظلومين من المرضى.

• وجود اعداد كبيرة من الموظفين الفضائيين والمشاريع الصحية الفضائية.

• تأسيس مافيات فساد في داخل كل مؤسسة من هذه المؤسسات وأصبح الواقع الفاسد والمرعبارة عن شبكة عنكبوتية تقتنص المظلومين، كما نتج عن تلك المافيات المسنودة من مليشيات الدولة العميقة تنفيذ مخطط واسع وخبيث بأفراغ البلد من كوادره الطبية والعلمية سواء بالتصفية الجسدية او بالتهديد ليهربوا خارج الحدود لفسح المجال امام سماسرة تجار العلاج خارج الوطن كجزء من الجريمة المنظمة ضد البنى التحتية للبلد.

• إصابة مؤسسة الانتاج الوطني (القطاع العام والمختلط) بالشلل التام وخصوصاً معامل انتاج الادوية والمصول واللقاحات والسوائل الوريدية.

• إستيراد العمالة الاجنبية وفق إتفاقات سماسرة شركات ومؤسسات ومافيات الفساد المعلنة والمخفية والاطاحة بالعمالة الوطنية مما ساعد على اخراج العملة الصعبة خارج الوطن.

6. لم تقدم الدولة على بناء مستشفى عام او متخصص ثانوي أو ثالثي ليبقى العجز مستمر والطلب الى خارج الحدود قائم.

7. إشاعة الافكار الغيبية والمتاجرة بالدين في داخل مؤسسات الخدمة الصحية كوسيلة إضافية لجعل الخدمات التي من الواجب تقديمها للمواطن في ادنى مستوياتها.

8. السماح لمراكز ما يسمى بالعلاج الروحاني من التأسيس والانتشار وفي السيطرة على عقول الناس وإبعادهم عن العلم والصحة وإشاعة الخرافات والجهل.

9. تقليص اعداد الكادر التمريضي في المؤسسات الخدمية الصحية وعدم فسح المجال او تشجيع دماء جديدة ولربما يكون العامل الديني ـ الطائفي سبب في الجَزِر الحاصل بأعدادهم.

10. الإهمال الكلي لضوابط البيئة في أغلب المؤسسات الصناعية والتي أصبحت الكثير منها تحت يد شبكات الدولة العميقة.

11. كل هذه السلبيات شملت وتشمل العناوين الرئيسية الداخلة في دائرة الخدمات المطلوب تقديمها كالصحة الريفية والمدرسية وصحة المجتمع وصحة العائلة والرقابة الصحية والسياحة والمناسبات الدينية إضافة الى ما استجد في البلد من مخيمات النازحين والاوبئة والكوارث الطبيعية ناهيك عن الصحة والسلامة المهنية.

ب‌) أما المؤشر الثاني الخاص بالمجتمع والذي تمثل في تراجع الوعي جراء جملة من الاسباب والتي يبدو لي أهمها :

1. زيادة نسبة الفقر في العراق والذي ادى الى إهمال المواطن الى التعلم والتحصيل الدراسي.

2. رداءة الاداء التوعوي الحكومي والارشاد مما فسح المجال لتسلط واستحواذ الافكار الغيبية على عقول الناس ولجوئهم الى الاساليب البدائية في العلاج.

كل تلك الاسباب والنواتج خرجت علينا بمحصلة نهائية وهي تفشي الامراض الإنتقالية والمعدية وعودة امراض تم القضاء عليها سابقاً بل وتحولت بعض الامراض الى متوطنة لا يمكن التحرر منها بسهولة.

وازاء هذه الصورة السوداوية المظلمة والواقع السيئ فهو يمثل نصف الحقيقة اما النصف الثاني فيكمن في الحلول التي نضعها بين يدي الحكومة الجديدة برئاسة السيد مصطفى الكاظمي والسيد وزير الصحة والبيئة وكل المؤسسات الساندة بشكل مباشر او غير مباشر لإنتشال الواقع الصحي في البلد. تلك الحلول يمكن تلخيصها بما يلي:

أولاً - إن مهمة الأرتقاء بالواقع الصحي والبيئي مرهونة بأشراك كافة القوى والأطياف الوطنية الحريصة ، مع توفير وتسهيل كل الأجراءات الأكاديمية والمهنية لتقديم أفضل الخدمات لأبناء الشعب.

ثانياً ـ القيام بحملة تطهير كاملة شاملة متأنية ومنصفة لكل مراكز وقوى الفساد بكل انواعها في كل المؤسسات التابعة للوزارة ووفق القانون.

ثالثاً ـ تشكيل هيئة الرقابة الشعبية من العناصر الكفوءة النزيهة يكون ارتباطها بمكتب الوزير مباشرة.

رابعاً – بيان خطة الوزارة ووفق سقوف زمنية محددة فحواها :

1.تقديم خدمات الرعاية الصحية الى كافة المواطنين والعمل على إيصالها الى أقصى المناطق، مع تأمين كل فعالياتها كالتحصين والرقابة الصحية والصحة المدرسية وصحة الأسرة وغيرها .

2. أعادة تأهيل المؤسسات الصحية ومد شبكة واسعة من المستشفيات المتكاملة من حيث التكوين والتخصص والأداء مع الأهتمام بالتوزيع الجغرافي ، وأستحداث أساليب ووسائل جديدة في معالجة وأنقاذ حياة المواطنين.

3. توسيع وتطوير التعليم الطبي والصحي والمهني وبكل المستويات والعمل على اللحاق بالركب العالمي المتطور والعمل على رفع مستوى وعي المواطنين الصحي بكل الطرائق والسبل.

4. الأرتقاء بالوضع البيئي وتطوير الرصد الوبائي والأهتمام الخاص بالأمراض المشتركة والعمل على أستنباط كينونة مستقلة ذات صلاحية تهتم بتصريف شؤون هذه الأمراض

5. تفعيل الصناعات الدوائية المحلية وفق أحدث التطورات العلمية والتقنية مع سن قوانين تضمن حماية الأنتاج وحماية المواطن.

6. إحاطة ذوي الأحتياجات الخاصة بالرعاية الكاملة وتأمين دعم الدولة لهم ، وكذلك تشريع قوانين وضوابط السلامة المهنية في المؤسسات والمواقع الأنتاجية والحقول الزراعية.

7. ضمان وصيانة حقوق العاملين بالقطاع الصحي من خلال نقاباتهم وجمعياتهم.

8. أعادة النظر بقانون الصحة العامة مع تحديث التشريعات الصحية.

9. بذل الجهود المشتركة بين الدولة والمواطن للحفاظ على البيئة وضوابط نقاوتها.

10. القيام بحملة توعية شعبية وطنية شاملة تساهم وتشارك بها منظمات المجتمع المدني كافة وبكل الوسائل وبالتحديد الاعلامية منها وبتسيير الفرق الجوالة من أجل هذه المهمة مع تحديث المناهج بهذا الخصوص.

11. تخليص المجتمع وتحرير المواطنين من مراكز التغييب والشعوذة .

12. الاستفادة من الخبرات العالمية.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 29-05-2020     عدد القراء :  1680       عدد التعليقات : 0