الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
التكنية وعموم المخاطبة عندنا وثقافة الحداثة ١/٥

كتبت الموضوع عام ٢٠١٦، ولم أنشره حتى الآن، وراجعته وأضفت إليه اليوم في ١٨/٠٦/٢٠٢٠. ولن أنشره على المواقع بل أقتصر على نشره على صفحتي الشخصية (الفيسبوك)، وأعممه على الأصدقاء بالإيميل والواتس-أپ.

التكني هو التسمي بـ «أبي فلان». التكني الذاتي أو التكنية الغيرية، عرفٌ (عربي) بالأصل حسب معلوماتي، ثم تحول إلى سُنة (إسلامية)، أو تقليد (عربي/إسلامي). فليس هناك بحدود اطلاعي شعوب أخرى غير العرب، تخاطب الأشخاص بـ «أبي فلان»، «أبي فلانة»، «أم فلان»، أو «أم فلانة». وانتقلت هذه العادة إلى شعوب غير عربية دخلت الإسلام، حيث نشهد التمسك بها بشكل خاص بين الإرهابيين وعموم المتطرفين، أو المتشددين بتدين الشكل (اللحية، الكنية، الخاتم، غطاء الرأس، العطر الهندي الحاد، اللباس الأفغاني ...).

التكنية تكون بالأصل باسم المولود البكر الذكر، سواء كان مولودا حقيقيا، أو مفترضا، فيما يتعلق الأمر بتكنية من ليس له ولد. فإذا كانت التكنية بمولود حقيقي للمكنى، واتفق أن ولد له كطفل بكر بنت، ففي بعض المجتمعات كالعراق يكنى أبو البنت بابنته «أبو فلانة»، وتكون هذه التكنية موقتة حتى يأتيه مولود ذكر، فتتحول كنيته من «أبو فلانة» إلى «أبو فلان»، بسبب حاكمية ثقافة أصالة وعلوية وقوامة الذكورة. وهذا التكني بالمولودة الأنثى مألوف في العراق مثلا. ومن البلدان ما تكون التكنية فيه بالذكر حصرا، كما هو الحال مع لبنان.

وفي العراق، كما في بلدان عربية أخرى، هناك تكنيات سائدة عرفا، حتى من غير وجود مولود للمكنى. فنجد الكنى أدناه مقابل الأسماء المذكورة قبلها:

محمد: أبو جاسم، علي: أبو حسين، حسين: أبو علي، حسن: أبو فلاح، أحمد: أبو شهاب، عبد: أبو نجم، عباس: أبو فاضل، أو أبو خضير، فاضل: أبو عباس، جعفر: أبو صادق، صادق: أبو جعفر، كاظم: أبو جواد، جواد: أبو كاظم، إبراهيم: أبو خليل، خليل: أبو إبراهيم، إسماعيل: أبو حقي، يحيى: أبو زكريا، زكريا: أبو يحيى، عمار: أبو ياسر، ياسر: أبو عمار، عمر: أبو فاروق، فاروق: أبو عمر، طارق: أبو زياد، زياد: أبو طارق، مسلم: أبو عقيل، عقيل: أبو مسلم، خالد: أبو وليد، وليد: أبو خالد، مهدي: أبو صالح، صالح: أبو مهدي .... أما الذي ليس له ولد أو بنت ولا يحمل اسما من الأسماء التي اقترنت عرفا بكنية محددة، كما مر آنفا، فيخاطب بـ(أبو غايب).

وفي بلدان عربية أخرى تختلف الكنى، ففي لبنان مثلا يكنى محمد بأبي القاسم، وفي سوريا حسين بأبي عبد الله، وفي مصر محمد بأبي حمادة.

مشكلتنا في هذه البلدان، أو في معظمها، ليست لنا طريقة مخاطبة، لائقة من جهة، ومواكبة لروح العصر من جهة أخرى. ومن أجل ألا أذهب بعيدا في عملية مسح للعرف السائد للمخاطبة في كل بلد عربي أو مسلم، سأقتصر على العراق، كنموذج لهذه الظاهرة. وسأتناول ثماني خطابات، بعضها هي الأكثر انتشارا والأوسع استعمالا.

  كتب بتأريخ :  الخميس 18-06-2020     عدد القراء :  1830       عدد التعليقات : 0