الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
إعدام الصحفي روح الله زم في إيران فضيحة للقضاء الإيراني وللسلطة التنفيذية في العراق

عندما تتعرض أية دولة  أو أي نظام حاكم في أي بلد لضغوط وتهديدات خارجية، فمن بقي من له عقل وحكمة ودراية في هذا النظام يتجه صوب لملمة قواه وجمع المناصرين له وكل المعارضين للتدخل الخارجي من أجل مواجهة التهديدات التي تواجهه. والحكم في إيران يتعرض الآن إلى ضغوط غير مسبوقة من أجل ردعه، ولكنه لا يتقدم خطوة واحدة صوب الحوار مع الشعب الإيراني ومعارضيه، في مسار هو شبيه بالمسار الذي إتبعه صدام حسين في العراق الذي أصر على العزلة عن شعبه وإنهار دون أن يمد الشعب العون لها عندما تعرض إلى تهديدات القوى الخارجية. في التاريخ هناك أمثلة مغايرة لهذه المواقف المغامرة للحكم في إيران وقرينه الحكم في العراق. فعندما تعرض الإتحاد السوفييتي إلى الغزو النازي في عام 1941، راجع ستالين سياسته السابقة القائمة على ملاحقة من يشعر بمخالفته لحكمه، وأخرج من السجون علماء وعسكريين كبار (توبوليف مصمم الطائرات الحربية، وكوروليوف مصمم الصواريخ السوفييتية، وفاسيليفسكي الذي أصبح قائد الجبهة الأوكرانية بعد خروجه من السجن ، واستعان حتى برجال الدين، وهم الذين هدمت كنائسهم وجوامعهم ومراكزهم الدينية للمساهمة في إذكاء الروح الوطنية ومواجهة المحتلين الجبابرة. ولعبت هذه الفئات دوراً متميزاً في المشاركة في صد العدوان النازي وإحراز النصر على الفاشية، ناهيك عن ردود الفعل الايجابية في المجتمع تجاه التخفيف من السياسة السابقة. ويبدو أن من يحس ببوادر السقوط والإنهيار هو الذي يرفض التراجع عن مواقفه وعزلته عن الشعب كما حصل لنظام البعث في العراق والنظام الحالي في إيران.

إن مسلسل قمع الحريات ومطاردة المعارضين الإيرانيين رجالاً ونساءاً وإتهامهم بالتجسس و "العداء لله"يأخذ الآن أطواراً استثنائية في هذا البلد مع تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ويقوم النظام الإيراني وأذرعه في الخارج إلى إختطاف المعارضي أو قتلهم كما حصل للعشرات منهم، ومحاكمة من يقع فريسة النظام وتوجيه أقصى العقويات ضدهم إلى حد إعدامهم. وهذا ما حصل أخيراً للشاب روح الله زم، الذي ولد في عام الثورة الإيرانية، وسماه أبيه حجة الإسلام محمد علي زم على إسم روح الله الموسوي الخميني تيمناً به. فقد أعتقل في العراق من قبل أطراف حكومية أو  من قبل أذرع إيرانية ونقل إلى إيران وتعرض للتعذيب الرهيب وفرض عليه، حسب الأصول ، الإعتراف بتهمة التجسس لجهات أجنبية. وفي ألايام الأخيرة تم تنفيذ الحكم ضده وفارق الحياة.

روح الله زم من عائلة دينية ومن دائرة الحركة الدينية الحاكمة، فوالده حجة الإسلام محمد علي زم شغل منصب رئيس الدائرة الفنية في منظمة الدعاية الإسلامية، وقام الإين بالدراسة فيها في مجال المسرح والسينما، ورافق المرشد علي خامنئي، ولكنه إختلف مع هذه المؤسسة الحاكمة في التسعينيات من القرن الماضي، ولجأ إلى العمل الحر. ثم عمل في تحرير موقع "سحام نيوز" الموالي للإصلاحيين وفي مقر الحملة الإنتخابية لمهدي كروبي عام 2009، مما عرضه للإعتقال والتعذيب والطلب منه تقديم إعترافات مفبركة ضد والده وضد رموز التيار الإصلاحي مهدي هاشمي رفسنجاني وغلام حسين كرباسچي ومحمد خاتمي ومهدي كروبي. وأضطر بعد إطلاق سراحه إلى الهرب إلى ماليزيا، ثم إنتقل إلى تركية وأخيراً طلب اللجوء مع عائلته في فرنسا. وقام بتأسيس وكالة إخبارية معارضة للنظام وهي قناة "آمد نيوز"، التي نشرت أخباراً ومعلومات مثل الكشف عن الحسابات المالية لأكثر من 63 من رجال الدين في السلطة القضائية وأخبار فضائح بعض رجال الدين في الهيئة الحاكمة بالتجاوز على الأطفال وغيره. وجهت إلى روح الله زم "دعوة" مزورة لزيارة العراق من قبل مكتب السيد علي السيستاني، واعتقل ما أن وصل إلى مدينة النجف - العراق وسلم إلى الطرف الإيراني، ولا تعرف الجهة التي تولت إعتقاله في العراق!!!. وبعد تعرضه للتعذيب من قبل الحرس الثوري الإيراني في سجن إيفين الرهيب، قُدم إلى محكمة الثورة وخلال ستة جلسات تم الحكم عليه بالإعدام بتهمة "الفساد في الإرض"، ونفذ الحكم في التاسع من كانون الأول عام 2020.

إن مسلسل الاختطاف والقتل لم يتوقف منذ ههيمنة التيار المتطرف على السلطة في إيران. ففي تشرين الأول الماضي جرى إختطاف الناشط الأهوازي حبيب الكعبي (حبيب الأسيود) في تركية، الامين العام لحركة النضال العربي لتحرير الأهواز، وهي أحدى الحركات القومية المنهضة للحكم في إيران، ونقل إلى إيران. وسبق أن أنضم حبيب الكعبي إلى الحركة الإصلاحية الإيرانية التي قادها الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي. وبعد حملة القمع التي تعرض لها الحراك الشعبي غادر إيران واستقر في أوربا ليساهم في حركة المعارضة ضد النظام الإيراني. ولا يعرف حتى الآن عن مصير هذه الشخصية المعارضة. في الواقع إن اللجوء إلى هذه الأساليب هو تعبير عن إفلاس النظام وغياب الحجة لديه من ناحية، ومن ناحية عدم إلتزامه بأي من الإتفاقات الدولية حول حقوق الإنسان وحرية التعبير وغيرها من المواثيق الدولية التي تلزم الحكم بالتمسك بها بإعتبارها عضواً في هيئة الأمم المتحدة.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 15-12-2020     عدد القراء :  2274       عدد التعليقات : 0