الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
تفجيرات التحرير: إنفلات أمني أم هشاشة سياسية؟

   لا يختلف إثنان على إن الوضع الامني لأي بلد هو إنعكاس لمتانة السلطة السياسية، إن كانت تدعي الوطنية والديمقراطية، أي غير تلك التي تمارس هي نفسها الارهاب، كما كان الوضع في زمن البعث المقبور.

   ومن المسلمات المتعارف عليها في بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية يكون الاعتماد على معايير الوطنية اولا والمهنية ثانيا، ولا سيما في بناء المؤسسات العسكرية والامنية، وهذا ما أفتقده العراق بشكل جلي في فترات ومراحل عدة منذ نشوء وبناء الدولة العراقية .. إلا إن الامر يبدو أكثر وضوحا في فترة ما بعد 2003، حيث تمت عملية إعادة بناء الدولة العراقية، فكيف كان البناء؟

   دولة فاشلة أم معاقة؟

   الفشل هي نتيجة يصل إليها من كان يسعى للنجاح لكنه لم يستطع الوصول اليه ولاسباب شتى، لكن هذا الامر لم يترافق مع عملية إعادة بناء الدولة العراقية في فترة إحتلال مابعد 2003، حيث إرادة قوى الاحتلال ومن تعاون معها من القوى السياسية المحلية كانت تشير بوضوح الى بناء إعتمد أسسا خاطئة وبشكل مقصود لبناء دولة معاقة لا تستطيع إنتاج عملية سياسية صحيحة، فكانت العملية السياسية رخوة الخواصر، هشة البواطن، وهذا ما إنعكس على إعادة بناء القوات المسلحة والقوى الامنية الاخرى، حيث تم الاعتماد على مبدأ المحاصصة، والذي تم إعتماده نفسه في بناء العملية السياسية برمتها، مما أنتج مؤسسات عسكرية وأمنية لا تمتلك عقيدة وطنية بل إنها ذات عقائد مختلفة، قومية وطائفية وعقائد أخرى مشابهة، وهذا ما أدى الى غياب المهنية والكفاءة عند الاغلب الاعم من شخوص قادة تلك المؤسسات بل وحتى عناصرها الاخرى من قادة محليين ووسطيين وصولا الى أفراد ومراتب تلك القوات.

   لقد أدى هذا البناء الخاطيئ المقصود الى جملة كوارث إنسانية وتغييرات مجتمعية أوجدت شرائح طبقية تتربع على مقدرات سلطات البلد تتناقض كليا مع تطلعات الشعب في حياة بكرامة إنسانية وحرية تضمن العيش المتكافئ لكل شرائح المجتمع على إختلاف إنتماءاتهم القومية والدينية وغيرها مما لا يمكن إعتبارها معايير تمييزية إنسانية وفق كل الشرائع والقوانين الدولية. لكن الاخطر في ذاك إن الشرائح الطبقية الغنية التي نمت بعد 2003 رغم إختلاف جذورها وميولها وتخصصاتها، إلا إنها مستعدة للتوافق فيما بينها والتحالف لاحل إدامة بقائها في سدة الحكم حتى وإن كان ذلك على حساب المجتمع ودماء أبنائه.

   إن تمكّن الارهاب من الوصول الى أهدافه يبقى قائما مادام الوضع الخاطئ يبقى كما هو عليه الان، وإحتمالات الانفلات الامني تبقى مرتبطة بهشاشة العملية السياسية وأسسها المقيتة في المحاصصة الطائفية - الاثنية، فإن كان البناء الخاطي المقصود يعد خيانة وطنية، فإن الابقاء عليه أو مجرد السكوت عنه، رغم كل نتائجه الكارثية التي وضحت للجميع، يُعد خيانة وطنية كبرى.

  كتب بتأريخ :  السبت 23-01-2021     عدد القراء :  2364       عدد التعليقات : 0