الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الحياة البرلمانية في العراق 1939 - 1945
بقلم : د عبد الزهرة الجوراني
العودة الى صفحة المقالات

ظهرت فكرة تعديل القانون الاساس العراقي اول مرة بعد اربعة اشهر من مصادقة الملك فيصل الاول في 21 اذار عام 1925 فكان تعديل عام 1925 وقد تضمن طريقة تعيين نائب الملك اثناء غيابه خارج العراق. وفي عام 1938، ظهرت فكرة تعديل القانون الاساس (الدستور العراقي) ، اذ ألفت الوزارة المدفعية الرابعة لتقوم بوضع اسس جديدة لتقوية المجلس النيابي، ومنحه حق ممارسة سحب الثقة من الوزارة، واقترحت هذه اللجنة عدم حل مجلس النواب الا عندما تقتضي الضرورة بموافقة اكثرية ثلاثة اخماس الاعضاء في مجلس الاعيان، واقترحت اللجنة اجراء بعض التعديلات في حقوق الملك وواجباته وجعلها تسير وفق توازن السلطات الثلاث، نظرا للظروف التي تمر بها البلاد وتجارب الحقبة الماضية، ونعتقد بأن لائحة تعديل الدستور المقدمة الى مجلس النواب والاعيان تعد مبررا رسميا اقدمت عليه حكومة نوري السعيد لتحقيق بعض نوايا السلطة التنفيذية، ومنحها سلطة اوسع باسم صاحب الجلالة، واطلاق فاعلية بعض المواد التي تراها الحكومة جامدة، لاحراك فيها خاصة في حقبة مهمة يجتاز العراق احداثها، فكانت تلك اسباب موجبة لتعديل الدستور.
لكن هذه اللجنة لم يحالفها التوفيق في انضاج مقترحاتها بسبب وفاة الملك غازي، اذ ادى ذلك الى اهمال فكرة التعديل، ولم يبق لمقترحاتها سوى قيمة فقهية لا اكثر، هذه الفكرة لم تمت اذ تجددت ثانية في اعقاب حركة مايس عام 1941، فشكلت الحكومة لجنة جديدة، لتأخذ على عاتقها انضاج فكرة التعديل، وواجهت هذه اللجنة، مشكلة معقدة تلك التي تتعلق بحقوق الملك زمن الوصاية، لكون المادة 22 من القانون الاساس العراقين قد نصت على انه: لايجوز ادخال تعديل ما في القانون الاساس مدة الوصاية بشأن حقوق الملك الدستورية لذلك رفعت اللجنة هذا الالتباس الى المحكمة العليا لاعطاء اللجنة الصلاحية بذلك، على اية حال وافقت المحكمة العليا، لأسباب تعتقدها بأن هذا التعديل القصد منه زيادة حقوق الملك، فهو لايناقض منطوق المادة(22) من القانون الاساسي.
باشرت اللجنة اعمالها في 5 كانون الثاني عام 1943 ، قدمت اقتراحاتها الى الوزارة التي احالتها الى البرلمان في 23 اذار عام 1943 اذ تم تشكيل لجنة دستورية لهذا الغرض ضمت خمسة وعشرين نائبا للنظر في لائحة التعديل. عقدت هذه اللجنة عشر جلسات بدأتها في 27 اذار، واقرت قبولها المقترحات بعد اجراء تعديلات طفيفة، وادخلت هذه اللائحة في منهاج الجلسة التاسعة والثلاثين بتاريخ 20 مايس عام 1943.
بدأت مناقشات مجلسي النواب والاعيان للنظر في أمر اللائحة واقرارها بعد ان تأكد للمجلسين ضرورة وضع مواد خاصة لتعزيز مجلس الامة وجعل سلطته أوسع ما هي عليه، والاشراف على السلطة التنفيذية ، طالما ان بريق امل حاول نوري السعيد تمريره على مجلس الامة وايهامه له حين خطب في مجلس النواب بتاريخ 9 تشرين الثاني عام 1939 اثناء دورته الاعتيادية قائلاً: يجب ان نغير الدستور ونجعله على شكل يضمن على الاقل سلامة المجلس من الحل.
كان هذا مثار اهتمام الصحف في حينها بتوجيه الانظار الى المجلس بعد تصريح رئيس الوزراء (نوري السعيد) اذ ذكرت الرأي العام ان تعديل قانون الانتخاب وتعديل الدستور ليس بالامر السهل، كما ان المشتغلين به لم يستقروا على اسس معينة، وطالبت هذه الصحف بأن من مستلزمات الديمقراطية الحقة أنها يجب ان تمارس من قبل الشعب في حياته العامة، وان يتمتع الشعب بالحريات العامة لاصلاح الدستور، ان مناقشات مجلس النواب كانت تدعو الى التفاؤل بايجاد صيغ افضل للخروج من دائرة التدخلات التي سئمت مجالس النواب منها، وقد اثارت هذه تساؤلات النواب المعارضين للسلطة ابان هذه المدة، جاء على لسان النائب محمود رامز قوله نصا: "اني لم اجد في خطاب له تصريحات خطيرة في هذا الموضوع فهل انه مصمم على التعديل ولماذا لم يذكر في المنهاج شيئا عن هذه القضية، ولاشار النائب مولود مخلص الى الموضوع بقوله: "فالقانون الاساسي يجب تعديله، كما كان قد صرح فخامة رئيس الوزراء بتعديله، فأنا لا أرتضى السكوت عن تعديله، فلنفسح المجال للامة بأن تكون الاحزاب ولا تجعلها بعدئذ عرضة للسوق الى العمارة" أي بمعنى توفر الحصانة الدستورية للبرلمان والاحزاب وعدم زج اعضائها في السجون والمعتقلات مستقبلا.
وقبل انتهاء دورة المجلس النيابي تقدمت الحكومة الى مجلس الامة بلائحة للقانون الاساس العراقي لتحل بعد مناقشتها واجراء التصديق عليها محل القانون المعمول به، وهذه اللائحة هي موضوع الدرس والمناقشة، من لدن اللجنة الى شكلها مجلس النواب.
رأت الصحف ان اول ما يجب البحث فيه عند تعديل القانون الاساس هو تأثير احكام ذلك القانون في الحياة السياسية في العراق منذ تشكيلة والى هذا الزمن ، وأوضحت الصحف ان الشعب لم يتمتع منذ صدور القانون الاساس حتى هذا التاريخ بقسم كبير من تلك الحقوق، التي ضمنها له الدستور، وطالبت ايضا ان يكون التعديل الجديد للقانون الاساس تعزيزا للحياة الدستورية ، ونبهت ان الوقت الراهن في ظل الحرب لايمكن ان يكون مناسباً للتعديل في هذا القانون، سواء اكان ذلك تعديلا جوهريا أم ثانويا، لأن الشروط اللازمة على تعديل كهذا، لايمكن توفرها بالشكل الصحيح في ظروف الحرب.
اثارت هذه التساؤلات الرأي العام العراقي، وألمحت للمعنيين في التعديل ان يكون قرارهم  بذلك منسجما مع تطلعات الشعب العراقي.
بدأت مناقشات مجلس النواب حول مقترحات اللجنة، اذ تحدث النائب توفيق السويدي: "القصد من سن الدستور هو ان يؤمن لأهل هذه البلاد ادارة معقولة منظمة وحديثة، فالقصد كان هذا وأهل هذه البلاد كانوا شاعريين بضرورتها لتلك الادارة التي يسودها النظام، فاعتقد لم تبق هناك ضرورة لأن نقول ان دستور عام 1925 كان وليد المعاهدة او ابن عمها، واظن نحن في غنى عن ذكر ذلك..
وبين النائب عبود الهيمص ذاكرا ان النقد صفة ملازمة لحرية الرأي وقال: هذا يوم ما بعده في تاريخ العراق السياسي، لأننا نتذاكر في التعديل الثاني للدستور الذي هو ثمرة جهاد الامة وسجل امانيها ومظهر سلطانها، وقد عاشت تحت ظله حوالي 20 عاما، فهل حققت الوزارات المتعاقبة الحكم العام، وذكر النائب شقيق نوري السعيد ان القانون الاساس العراقي يحتوي على ابواب ثابتة ومحددة، فواحدة تختص بالملك والاخرى بحقوق الش عب والثالثة عن تكوين مجلس الامة.
وتحدث النائب روبين بطاط مقرر اللجنة بقوله:" ان الدستور العراقي يستند على المعاهدة العراقية –الانكليزية لعام 1922 ، قد تعدل خلال السنة الاولى من نفاذه للمرة الاولى ، غير ان تلك التعديلات تناولت الامور الفرعية ولم تتناول الامور الجوهرية ، بالنظر للظروف المحيطة في ذلك الوقت".
وأوضح النائب جميل عبد الوهاب عن التعديل الذي اقترحته اللجنة المكلفة من المجلس قائلاً:"الدستور كما تعلمون قانون الدولة الاساس المنظم لسلطاتها والمعين للعلاقات والحقوق بين السلطات المختلفة لشؤون الدولة، والمبين بجلاء حقوق كل من الحكام والمحكومين فيها، فهو من هذا الوجه اقدس قوانين الدولة وأسماها لأنه ابو القوانين، وتطرق النائب سلمان الشيخ داود الى التعديل وعبر عنه بأنه من الاحداث التاريخية الخطيرة، لان ذلك يرمز الى توطيد الحياة الديمقراطية في البلاد، ورمز اليه بأنه وليد التجارب وابن الحاجة فجاء مطابقا لرغبة الشعب وارادة الامة. وأكد عبث بعض الحكام واستهانتهم باحكام الدستور وخروجهم على رغبات الامة، برغم كراهية الشعب لهم ولاعمالهم، كما اوضح بأن سبب تعاسة الحكم متأت من تمسك هؤلاء بالحكم واساءتهم لحياة البلاد الدستورية ، مما سبب عدة حوادث مؤلمة وعطل فاعلية النمو في حياة البلادالعامة.. واضاف لقد بلغ الطغيان والتعسف بالحياة الدستورية من قبل الغالبية من الوزراء حدا لايمكن السكوت عنه، اذ جعلوا حل المجالس النيابية لعبة بسيطة يلعبونها للتسلية وقضاء القوقت ، فضعفت الحياة النيابية، وطالب بأن يكون دستور البلاد الركن الامين لحماية وحرية وكرامة البلاد.
وجاء حديث النائب حسن السهيل متوافقا مع ما ذكره زميله النائب المذكور، اذ حث المجلس على تطبيق القوانين والمحافظة عليها وعدها واجبا يلتزم به الجميع ، وحق يمنحه المجلس النيابي.
في ضوء هذه الملاحظات انبرى رئيس الوزراء نوري السعيد قائلا: "اذا يسمح لي المجلس الخص النقاط المهمة التي جاءت في لائحة التعديل، حتى يتبين لمجلسكم العالي وللرأي العام ماقصدته الحكومة".. واشار الى حقوق مجلس الامة، وكيفية تشكيله في القانون السابق، اذ بين ان :" مدة الاجتماع اربعة اشهر والعطلة ثمانية اشهر، فلا يوجد مجلس في جميع العالم يشتغل ويسيطر على الحكومة خلال اربعة اشهر فقط ويبقى بعيدا عن العمل مدة ثمانية اشهر".. فهو يعد بذلك ان اضافة مدة اخرى لأمد الاجتماع فيه فوائد غير قليلة وباستطاعة المجلس ان يقوم بواجباته خير قيام، وقال: "في هذا التعديل اصلاح لهذا النقص فجعلنا مدة الاجتماع ستة اشهر".. وبامكان مجلس الامة ان يقوم باصلاح المعوج واصلاح الخلل في امور الدولة ايضا فهل في هذا تعارض بينهما او تآزر".. واضاف نوري السعيد قائلا: ان كل من يتصل بصاحب العرش كان يطلب الاصلاح وتعديل المعوج من الامور عن طريق العرش".. واعقبه العين جميل المدفعي بالقول: "مع احترامي للكثيرين من اعضاء مجلس النواب، أجد ان هذا المجلس ليس بالمجلس الجدير بأن يناقش ويعدل قانونا اساسا بعد ما سبق له من اعمال ظهر انه لم يؤد الواجبات حقها، هذا فضلا عن ان مشكلتنا لم ت نجم حسب اعتقادي عن نقص في الدستور"..
اخذت جلسات مجلس النواب المتوالية تكرس مناهج اجتماعاتها حول الوصول الى افضل الصيغ للائحة التعديل، واخذ النواب ممن لديهم اضطلاع بقضايا الدستور، وممن يرغبون حقا في التوصل الى ايجاد لائحة للتعديل تحقق طموحات واماني الرأي العام والشعب العراقي في الولوج في تفاصيل التعديل، وأبلى البعض منم بلاءً حسنا في مناقشاتهم ونذكر من هؤلاء النواب للمثال لا الحصر، النائب سلمان الشيخ داود وعبد الكريم الازري وجميل عبد الوهاب ورايح العطية وآخرين.
في الجلسة الرابعة التي عقدها المجلس النيابي بتاريخ 17 تشرين الاول عام 1943، تحدث النائب سلمان الشيخ داود عن تعديل الدستور قائلاً:"ان القانون الاساس العراقي لم يكن في يوم من الايام في بلاد تتعطش الى الحرية قصاصة ورق ولا حبرا على ورق انما هو أسس ومبادئ محترمة مقدسة يجب علينا جميعا ان نصونها ونعمل بمقتضاها فلا فائدة من دساتير تكتب ما لم ينظر الشعب بمجموعة الى ما قرره الدستور من حياة هنيئة تكفل للجميع الراحة وهذا لايتم الا اذا عرف كل واجبه" واعقبه عبد الكريم الازري بالقول :" ما هو السبب لعجز المجالس النيابية"..وأوضح ان سبب هذا الضعف يرجع الى اساس ثلاثة عوامل، أولها ان العراق انتقل من دور الخضوع الى الحكم المطلق والى الحرية على حد قوله، وثانيهما هو ان الدستور لايمكن المحافظة عليه ما لم يفهمه معظم الناس، واعطى العامل الثالث أهمية خاصة ذلك الذي يتعلق بقانون الانتخاب، أي جعل الكفاح بين الجهة الشعبية والجهة الحكومة كفاحا غير متساو.
صادق مجلس النواب على التعديل في جلسته الرابعة من اجتماعه غير الاعتيادي لعام 1943 في يوم الاحد الموافق 17 تشرين الثاني عام              1943بطريقة الاستعجال ، وقد وافق على اللائحة جميع الواب وعددهم 84 نائباً، اما مجلس الاعيان فقد شكل لجنة خاصة في يوم 1 حزيران عام 1943 وانتخب من بين اعضائها صالح باش اعيان رئيسا وصادق البصام مقررا وعقدت اجتماعها الاول في 1 حزيران عام 1943، للنظر في لائحة قانون التعديل الثاني للقانون الاساس لعام 1925 ، وتوالت جلساتها للايام من 2-7 حزيران 1943 ، وفرغت من دراسة التعديل، وبحضور رئيس الوزراء نوري السعيد، بعد دراسة مستفيضة لنصوص التعديل المقترحة والمواد المعدلة، وقد أوعزت اللجنة الى مجلس الاعيان بأن يوضح لأعضائه ان:" فكرة التعديل جاءت نتيجة للحوادث المؤسفة والتجارب القاسية التي تخللت سير الحكم الوطني في البلاد، فتركت على صفحة نظامنا البرلماني والعمل الحكومي اثار ندوب وجروح مؤملة".
وتناولت اللجنة ايضا عوامل الازمات والحوادث التي حلت بالبلاد ولخصت اعمالها بما يأتي:
1-ضعف مجلس الامة وفقدان السيطرة العلنية على مجرى السياسة وسير الحكم لعدم الاعتناء بسلامة الانتخابات وترشيح الاشخاص.
2-كثرة حل مجالس النواب لاسباب غير مبررة.
3-عدم تردد مجلس الامة في اصدار قوانين العفو للحركات الثورية والاعمال غير الدستورية.
4-عدم وجود سلطة صريحة لرئيس الدولة الاعلى في حفظ التوازن في حالة اصرار الحكومة على الاحتفاظ بالحكم مع خطر بقائها في دست الحكم.
5-سلوك بعض الساسة سلوكا غير مشروع في الوصول الى الحكم، بسبب اضطراب الحالة السياسية في العراق خلال مرحلة الحرب العالمية الثانية، واستغلالها من قبل الحكومات المتعاقبة وأوضحت اللجنة ان هناك مبادئ مهمة تم الاتفاق عليها: وهي:
أ-ان تعديل القانون الاساس يجب ان يتحاشى المساس بالنصوص الاساس التي تتعلق بشكل الدولة ونظام الحكم ودين الدولة.
ب- ان التعديل الذي جوزه القانون الاساس لايعني الغاؤه.
ج-ان مجرد وجود نقص في لغة بعض المواد او خطأ في سبكها وتعابيرها لا يستوجب التعديل بل رجح ابقاءها على حالها، وان التعديل ينبغي ان لايتناول الا ما أوجبت التجربة ضرورة تعديله".
وقد تذاكر مجلس الاعيان في هذا التعامل اذ وصف العين عبد المهدي اجتماعات مجالس النواب غير الاعتيادية أنها سابقة للحياة الديمقراطية وقال: "وجدنا الحكومات ذات المجالس البرلمانية في اثناء عطلات مجالسها تدعو المجلس بصورة اعتيادية للاجتماع لتفضي اليها ببياناتها عما جد وحدث، وقرر المجلس الموافقة على قرار اللجنة حول التعديل".
وعلى اية حال فقد صدر في زمن وزارة السعيد السابعة قانون لائحة تعديل الدستور (القانون الاساس) العراقي في 27 تشرين الاول 1943 واصبح من حق الملك ان يقيل رئيس الوزراء وبذلك زادت قوة الملك كثيرا، وقد زاد هذا التعديل في نقمة الساسة المعارضين ولاسيما التقدميين والديمقراطيين من نوري السعيد وعبد الاله.
وبالرغم من ان القانون الاساس عد رئيس الدولة غير مسؤول لكن واقع الحال جعل الوصي مسؤولا عن هذا الوضع الشاذ، واصبح التردي في الحالة الاجتماعية والاقتصادية يأخذ شكلا واضحا منذ ان تم اخضاع البلاد للسلطات الانكليزية ، عقب حركة مايس 1941 ، اذ رافق الاحتلال البريطاني الثاني دور ارهاب ركز فيه النفوذ البريطاني وجوده.
وفي الواقع ان لهذا التعديل اسبابا جوهرية، كان في مقدمتها معالجة المشاكل التي ادت الى حركة رشيد عالي ، والتي تبين من خلال احداثها ان المجلس النيابي عاجز عن اسقاط أي حكومة، وان الملك او الوصي ليس بأمكانهما اقالة اية حكومة، لكون الدستور لايمنحهما هذا الحق.
شملت التعديلات الكثير من النقاط المهمة ويمكن اجمالها بما يأتي:
"اتخاذ البلاد التدابير لمواجهة الانقلابات ، فاعطى للنواب حق عقد مجلس الامة خارج العاصمة عند تعذر الاجتماع فيها" كما شكل التعديل ايضا ان لا يقبل عدد الوزراء عن سبعة اشخاص من ضمنهم رئيس الوزراء، وافضل ما أتت به اللجنة كذلك هو اقتراحها توحيد القضاء في البلاد، وزيادة مدة الدورة الانتخابية 6 اشهر بدلا من اربعة اشهر وتقليص مدة العطلة البرلمانية الى ستة اشهر.
والحقيقة ان لجنة تعديل القانون الاساس، قد وضعت دستورا جديدا وقدمت لائحة كاملة للدستور، بعد ان استغرقت اعمالها شهرين كاملين ، ويذكر ان الحكومة رأت ضرورة الانتهاء من اللائحة قبل انتهاء دورة المجلس النيابي التي بدأت في عام 1939، اذ انها تنتهي في نهاية شهر تشرين الاول 1943، حسب ما نصت صراحة القانون لهذا رأت الحكومة عرض اللائحة على مجلس الاعيان، ولكنها قررت تشكيل لجنة مشتركة من المجلسين خوفا من رفض الاعيان للائحة.
قررت اللجنة ان بامكان مجلس الامة تبديل او تعديل أي كان من مواد الدستور، شريطة عدم ازاحة الاساس الذي يتركز عليه القانون الاساسي العراقي.
شمل هذا التعديل اضافة الى ما ذكر عدة نقاط مستمدة من اللائحة السابقة وهي:
1-"تقرر في حالة عدم وجود لي عهد فيجيب تعيين ولي عهد لكي لا يحصل انقطاع في وراثة العرش.
2-"زيدت سلطة الملك، فأعطي حق اقالة رئيس الوزراء.
3-"ترك عدد اعضاء مجلس الاعيان غير محدد على الا يزيد عدد الاعيان على ربع مجموع النواب.
4-"أعطي لاعضاء المجلس النيابي المنحل الحق في مطالبة الحكومة ببقية مخصصاتهم السنوية ليكون ذلك رادعا ماليا في سبيل الوزارات كلما ارادت حل البرلمان، اذ يكلف ذلك نفقات كثيرة للدولة.
5-"ادخل في اللائحة نص يسمح بأقتباس أي تقليد دستوري من البلاد الاجنبية بقرار البرلمان بجلسة مشتركة".
وتضمنت لائحة التعديل ايضا لا يمارس النائب او أي عضو من هيئة النيابة حقا من حقوق الملك الا بعد ان يقسم اليمين المنصوص عليه في المادة (21) من القانون الاساس، وان لايكون الوزير نائبا او عضوا في هيئة النيابة، واذا كان احد اعضاء مجلس الامة نائبا او عضوا في هيئة النيابة فلا يشترك في مجلسه مدة النيابة وبموجب المادة (119) من القانون الاساس وبعد موافقة مجلس الاعيان والنواب رفعت لائحة التعديل الثاني الى الوصي عبد الاله ووافق عليها واصبحت قانونا في 27 تشرين الاول عام 1943.
وعلى اية حال فأن التعديل الثاني قد اغفل بعض المواد التي لا فائدة من ذكرها.
ولم يكن التعديل شيئا مفاجئاً للرأي العام، بل كان امرا منتظرا منذ مدة لكونه تدعيما في محله للوزارة السعيدية القائمة، برغم ان نوري السعيد قد جوبه بمعارضة مصطنعة كان يحركها الوصي على العرش لاسباب تتعلق بالمناورة على السلطة بينهما وبتوجيه منه، بعد اصدار التعديل الثاني للدستور العراقي.
نخلص للقول مما تقدم، ان الدستور العراقي أسند السلطة التشريعية الى كل من الملك والبرلمان، ومنح حق التصديق على القوانين فجعله بذلك عضوا مساويا في التشريع للبرلمان، ولذا فالبرلمان لايملك بمفرده سلطة في التشيع، وفي ذلك تعارض صارخ مع المبادئ الديمقراطية، اما اختصاص البرلمان التشريعي فهو يشمل اقتراح القوانين وتقريرها على ان الدستور حرم مجلس الاعيان من حق الاقتراح كلية.
كما حرم مجلس النواب من حق اقتراح المسائل المالية، وان سلطة اقرار القوانين يملكها كل من المجلسين، على ان الدستور لم يأخذ بمبدأ المساواة بين المجلسين في ذلك، بل جعل الكلمة النهائية في حالة الخلاف بيد اعضاء مجلس النواب المنتخب من الشعب.

  كتب بتأريخ :  الأحد 21-02-2010     عدد القراء :  4282       عدد التعليقات : 0