الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
لقطات بالأبيض والأسود من واقع المرأة العراقية..!
بقلم : انتصار الميالي
العودة الى صفحة المقالات

اللقطة الأولى بالأبيض...

قبل أكثر من 4 أعوام شهدت ساحة الفردوس إعتصامين نظمتهما منظمات نسوية لإظهار المساندة لمطالب المرأة العراقية في الدستور الجديد، وشاركت في الاعتصام شخصيات نسوية وناشطات من جميع مناطق العراق المختلفة، ورفعت المعتصمات شعارات تطالب بدستور مدني وعدم إلغاء قانون الأحوال الشخصية وإلغاء الأعراف المتخلفة التي تمارس ضد المرأة، كما نددن بجميع المحاولات اليائسة لإعادة الروح للقرار (137)، وكانت هذه الاعتصامات اقوى صرخة نسوية موحدة ومدوية للمرأة العراقية.

اللقطة الثانية بالأسود...

وبعد يوم من الاعتصام الأول وفي ساحة الفردوس أيضا وصلت مظاهرة نسائية نظتمها احزاب ممثلة في البرلمان. ورفعن شعارات كتب عليها:

(لا..للمساواة)، (لا.. للنسبة..نعم للكفاءة)، (لا.. للعلمانية الغربية).

كذلك أعربن عن تأييدهن للقرار 137 لأنه - وحسب رأيهن يعطي لكل طائفة الحرية باختيار قانونها ولكل مذهب حرية الرجوع إلى مذهبه!.

اللقطة الثالثة بالأبيض....

من المكاسب التي حققتها المرأة العراقية في عملية التحول الديمقراطي الذي يشهده العراق، دخول المرأة إلى البرلمان في زمن مازالت فيه بعض الدول العربية تحرم المرأة ليس من حقها في الترشيح بل من التصويت أيضا.

وفي قفزة نوعية مباغتة، جلست المرأة العراقية على مقاعد البرلمان طبقا لنظام الكوتا الذي فرض على العملية السياسية آنذاك ولم ينبثق من الواقع السياسي العراقي.

المهم، أصبح لدينا كشعب حضاري يؤمن بالديمقراطية، نائبات في السلطة التشريعية للبلد ووزيرات ومستشارات، كما أصبح لدينا � كنساء � ممثلات عنا في البرلمان، يطالبن بحقوقنا ويكنّ الصوت المعبر عن قضايا وهموم بنات جنسهن، ولذلك منحن الثقة وأصبحن برلمانيات!!

اللقطة الرابعة بالأسود.....

بعد أربع سنوات من وجود المرأة البرلمانية داخل البرلمان إلا إننا لم نرَ الكثير منهن تجالس بنات جنسها من النساء الفقيرات المعدمات، ولم تستمع إلى أصوات النساء المستغيثة والتي ملأت كل شبر من تلك الأرض التي تنتمي إليها والتي منحتها ذلك المقعد الذي تجلس عليه وتتمتع بكافة امتيازاته دون أن تفكر أو تشعر بألم آلاف لا بل ملايين النساء العراقيات المضطهدات والمضحيات، ولم تتقاسم الجوع مع النساء الأخريات، ذلك الجوع الذي جعل منها برلمانية كما جعل المرأة العراقية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة. كنا نأمل أن يشهد البرلمان دورا بارزا وواضحا للمرأة العراقية وأكثر فاعلية تليق بالنسبة الممنوحة لها وكنا ننتظر إن تتمكن المرأة البرلمانية من إثبات دورها السياسي لكن وللأسف هاهي الدورة شارفت على الانتهاء دون أن تقدم المرأة البرلمانية أي ضمانة تذكر للمرأة العراقية من خلال وجودها في البرلمان العراقي.

اللقطة الخامسة بالأبيض.....

1-        توجهت مجموعة من النساء الناشطات يحملن مذكرة موقعة من المرشحات لمجلس محافظة النجف وعدد من العضوات السابقات في المجلس وممثلات المنظمات النسائية إلى مفوضية الانتخابات من اللواتي ساهمن في دعم العملية الانتخابية بتوعية المواطنين بآليات التصويت وحثهن على انتخاب النساء، وقدمن المذكرة التي يطالبن فيها إعلان النتائج النهائية للانتخابات وتوزيع المقاعد الانتخابية بما يضمن تمثيل النساء بما لايقل عن سبعة مقاعد في مجلس محافظة النجف، من المجموع الإجمالي 28 مقعداً، استناداً إلى المادة 13 / ثانياُ من قانون 36 لسنة 2008 الخاص بانتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي.

وفي الوقت نفسه أكدن، واستناداً لمبدأ الاستحقاق الانتخابي والعدالة في توزيع المقاعد بين الكيانات الفائزة، على مطالبتهن بالضغط على الكيانات السياسية بضمان تمثيل المرشحات الحائزات على أعلى الأصوات في القوائم في عضوية مجلس المحافظة، والابتعاد عن صيغة اختيار العناصر وفقاً للمقاييس الحزبية الضيقة والفئوية والشخصية. علما إن المذكرة تم استلامها من قبل المدير الإعلامي للمفوضية، في حين امتنعت مديرة مكتب مفوضية النجف عن استقبال النسوة ولاندري أسباب امتناعها.

2-        رئاسة جامعة المثنى تقدم على تعيين أربع نساء في مواقع متقدمة لرئاسة الأقسام الجامعية في خطوة تزيد من أمل المرأة العراقية لتواصل طريقها نحو النجاح بما يليق بها كعنصر شريك وفاعل بالبناء.



اللقطة السادسة بالأسود....

�          مجلس محافظة البصرة يصدر قراراً لإطلاق اللحية ويهمل قضايا تهم المواطنين ومنها موضوعة المرأة والعنف، وأكثر عضوات المجلس في سبات ولا يضعن أي ورقة عمل تعنى بهموم المرأة البصرية على طاولة النقاش ضمن جدول أعمال اجتماعات المجلس.

�          محافظة النجف تبادر في أول سابقة من نوعها في فتح مصرف للنساء وتعد هذه أول (طوبة بناء) في جدار عزل النساء لتأسيس إمبراطورية التمييز وفصل الجنسين، والحجة إن المشروع انشئ بناءً على طلب تقدمت به مجموعة من النساء العاملات في مجال التجارة،فأي سوق وأي تجارة تلك التي تجعلنا معزولين في العصر الحديث،وتاريخنا القديم شهد نساء تاجرات كانت أحداهن تسير القوافل في الصحاري والبوادي دون أن تفكر في عزل نفسها، أشهرهن خديجة الكبرى زوجة النبي (رض) التي ورثت مهنة التجارة عن أبيها دونا عن باقي إخوتها من الرجال.

�          مجلس محافظة الديوانية يصدر قرارا بوجوب ارتداء الصداري والحجاب من قبل الكادر التدريسي النسوي في كافة المدارس الابتدائية والمتوسطات والاعداديات، وتحديدها بأربعة ألوان قاتمة بحجة إن الألوان تشتت النظر وتثير الطلبة والقرار شمل مدارس البنات أيضا..!!! بدلا من أن يدرس كيفية تحسين الواقع التربوي.

�          مجلس محافظة الكوت يصدر القرار 115 والذي ينص على وجوب مرافقة مرافقين من المحارم مع عضوات مجلس المحافظة وذلك بناءً على طلب مقدم منهن نظرا للظروف الاجتماعية والعرفية...!!

�          مجلس محافظة المثنى يصدر قراراً بمنع عضوات مجلس المحافظة والمجالس البلدية من ممارسة عملهن في دائرتهن من دون محرم.



لاادري أي قيادات نسوية تلك التي تمثلني وتمثل ملايين العراقيات وكيف نفسر دورهن؟

إن ذلك يفسر غياب المنظومة المهنية واحترامها، وبالتالي فهو اهانة للمرأة والرجل في وقت واحد.أي غدٍ أو مستقبلٍ ينتظر المرأة العراقية وهي تشهد تجربة القيادات النسوية المتخلفة التي جلست على مقاعد المجالس بأصوات العراقيين لتمثل ملايين الأرامل واليتامى والمشردات والعاجزات والمضطهدات وآلاف الشهيدات، تلك القيادات التي غاب عنها أن تدرس ما هي هموم المرأة وأي أسى تعيشه؟ كيف تعيش وأين تسكن وماذا تأكل وتلبس ومن أين تطعم أطفالها وماذا يعمل زوجها وكيف يدرسون بناتها وأبناؤها ؟.

أسئلة وأسئلة وهموم تلو الأخرى، وملامح قهر بدأت ترتسم حول عيون كل النساء العراقيات، وحين تدلي عضوة المجلس بدلوها أمام الإعلام تقول (نسعى إلى أن يكون وجودنا في هذه المجالس سببا لتقديم الخدمات لعموم الناس بصورة عامة، والخدمات التي تحتاجها النسوة بصورة خاصة)، هذا ما أكدته النسوة عضوات هذه المجالس في توضيحهن لأولويات دورهن في المجالس المحلية، لكن حقيقة الأمر لا تكاد تتجاوز حدود الكرسي الذي تربعت عليه لتضمن حقوقها وامتيازاتها الشخصية لا اكثر، غير مدركة إن ما تفعله ألان قد تحصده حفيدتها مستقبلا وابتعدت كثيرا عن مسارها الحقيقي والمطلوب...

هنيئا لكل من فقدت الشعور بالمسؤولية، ومباركة خطواتكن نحو التراجع الذي لم تكن له سابقة تذكر في باقي بقاع الأرض، واعلم وتعلمن ويعلم الجميع إن التاريخ ليس إلا سطور يسجلها الزمن فيها الأبيض والأسود، لكن الإرادة لازالت موجودة لتواصل النسوة نضالها من اجل التغيير وتحقيق المساواة لتمحو سطوركن السوداء من صفحات نضالها، وسيأتي الغد الذي نرسم فيه الابتسامة ونمحو ملامح القهر من على وجوه العراقيات لنسير إلى الأمام بثيابنا البيض ونحن نحمل راية المحبة والعدالة والسلام لمستقبلٍ ينتظرنا بإشراقات الحرية....



  كتب بتأريخ :  الأحد 21-02-2010     عدد القراء :  3370       عدد التعليقات : 0