الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
داعش في المخيمات
بقلم : ماجد الياسري
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تصاعدت حمى التصريحات و مشاعر القلق اثر نقل عوائل من النساء و الاطفال من مخيم الهول السوري (يضم ٣٠٠٠٠ عراقي بينهم ٢٠٠٠٠ طفل من محافظات عراقية مختلفة ) شرق مدينة الحسكة الى مخيم ( جدعة) جنوبي مدينة الموصل قرب مدينة القيارة في سياق اتفاق مدعوم من الادارة الامريكية و الامم المتحدة بعد تهيئة متطلبات الانتقال من كرافانات و مرافق صحية و تربوية و بالشراكة مع منظمات دولية انسانية.

و مع ذلك رافقتها فعاليات احتجاجية شعبية في الموصل و سنجار باعتبارها تحدي لمشاعر الشعب اليزيدي و الموصلي الذي اوغلت عصابات داعش في في نشاطاتها الاجرامية الوحشية ضدهم والتأثيرات السلبية على الأمن والاستقرار في مناطق غرب نينوى، وخاصة ذات التعددية الدينية و القومية و المذهبية و مخاطر وجود اعداد كبيرة بينهم تحمل فكرا متطرفا وتتعاطف مع داعش . بينما اعتبرها آخرون من السياسيين و المحللين قنابل موقوته وان هذه الاجراءات جزء من مخطط يسعى لتبرير استمرار الوجود الامريكي و الدولي في العراق وبالضد من رغبة البرلمان و الشعب العراقي.

و يشير آخرون الا ان هناك العديد بينهم من المطلوبين للقضاء.و حسب بعض الاحصائيات من مكتب انقاذ المختطفات في دهوك هناك مايقارب 400 من النساء والأطفال الإيزيديين في مخيم الهول، لم يتم تحريرهم بسبب رفضهم تقديم معلومات كافية و الى وجود نشاط يسعى الى دفع الاطفال باتجاه تبنى الفكر الارهابي و ايضا الى تهريب عناصر داعش باتجاه الحدود التركية.

وقد بادرت بعض الحكومات الاوربية بمبادرات محدودة في استلام عدد من الاطفال و النساء بشكل رسمي و قانوني ونقلهم الى أوربا للانخراط في برامج تاهيلية نفسية و اجتماعية مضادة للتطرف و ابعادهم عن التاثيرات المتطرفة وضمان الدعم الانساني لهم. مقابل ذلك ترفض اغلب الدول الأوروبية استقبالهم بحجة عدم امكانية تحديد جنسية الاب.

و قد حذرت لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة من الظروف غير الانسانية و الخطيرة في المخيمات و خاصة على صعيد زيادة الميول الفكرية المتطرفة بين الاطفال و الشباب نتيجة تعرضهم للاستغلال و العنف و طالبت ٥٧ دولة الى العمل على اتخاذ خطوات عملية لاستعادة مواطنيها و اعادة توطينهم.و في خطابه اشار الأمين العام للامم المتحدة غوتيريس إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، محذّرا من أن المجتمع الدولي سيظل يواجه مخاطر أمنية طويلة المدى، إذا لم يعالج هذه الأزمة بطريقة شاملة عبر مبادرات دولية توفر الدعم الفني والمالي لتلبية احتياجاتهم العاجلة و المستقبلية وايضا للمخاوف المتعلقة بالعدالة والأمن حسب العمر و الجانب الاجتماعي و حماية الأطفال والضحايا و معظمهم دون السن ١٢سنة الذين تم احتجازهم في السجون و المعسكرات في ظروف مزرية بسبب نقص السكن و الطعام و الدعم الصحي و غياب الامن و انتشار العنف الجسدي و النفسي بعد تحقيق المؤسسات العسكرية و الأمنية العراقية وبدعم دولي انتصارا بالحاق الهزيمة العسكرية بداعش .وقد فاقمت الجائحة من تدهور الاحوال الاجتماعية و الصحية و الانسانية في الخيمات.

ومما لاشك فيه ان المخاوف السياسية الامنية و المجتمعية لهذا الواقع الخطير الذي هو أكبر من نقل عدد محدود من العوائل مشروعة و بحاجة الى التعامل معها بشكل علمي و مهني الا انها غير كافية للوصول الى معالجة جذرية بل العكس تزيد من حالة اللاحل و تفاقم المخاطر.

في تقديرنا ان على الحكومة العراقية ان تاخذ المبادرة في اتباع منهجية علمية و مهنية لدراسة و تحليل هذا الواقع المعقد و صولا الى تقديم حلول و معالجات مناسبة و رصينة. ومن الضروري ان يتم ذلك بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة في الامم المتحدة و الاتحاد الاوربي بل وحتى الجامعة العربية و مجلس التعاون الخليجي في ضمان الدعم السياسي و المالي لنقل المعالجات على ارض الواقع.

والخطوة الاولى هي في تكوين هيئة مهنية متخصصة يتمثل فيها الجانب الامني و الاستخباراتي و الكوادر المهنية ذات الخبرة بقضايا التطرف و الارهاب و السياقات الحديثة في التصدي له بجوانبه المختلفة الامنية و النفسية و الاجتماعية و الاستعانة بالخبرات الدولية و بضمنها من العراقيين و العرب و هي ليست بالقليلة لرسم برنامج يتضمن قاعدة بيانات لمعطيات عبر مسح و تحليل اعداد العوائل و تركيبتهم العمرية و الاجتماعية و تدقيق خلفيات مشاركتهم في النشاطات الارهابية و ايضا الجوانب الصحية و النفسية و الفكرية و السلوكية و وضع صياغة تعتمد المهنية و الموضوعية في تقييم المخاطر لاحتمالات الانخراط في اعمال ارهابية مستقبلية و رسم خطط للرعاية النفسية و الاجتماعية لتقليل مخاطر التطرف و خطط للتعامل مع كل حالة حسب ظروفها الخاصة.و من هذه الحلول هو تشجيع الرعاية الاسرية التي تدعم بقاء الاطفال مع عوائلهم و التعامل معهم كوحدة عائلية ، و تقديم الرعاية الصحية النفسية و الاجتماعية و الدعم النفسي لهم و معالجة اثار القسوة و العنف وعلى ضوء التقييم الرصين لها مع ضمان توفر خدمات صحية و تربوية مناسبة و سياقات تقلل من وصمة العار.و بالتاكيد ان هناك جوانب اخلاقية وقانونية و التي قد تحتاج الى تشريع خاص للتعامل الصحيح مع هذه الحالات المعقدة بما ينسجم مع الدستور العراقي و لوايح حقوق الانسان العراقية و الدولية.

ختاما ان الاستمرار في اقتصار التعامل مع سكان هذه المخيمات و هي أرقام فلكية و ظروف معقدة بسياقات سياسية او امنية او فعاليات مهرجانية تزويقية تحت شعارات المصالحة الوطنية هو دفع الامور باتجاه المزيد من مخاطر تحويل هذا الواقع الى قنبلة موقوتة فعلا لان الخيارات للتعامل معها هي بالاساس محدودة بسبب تعقيداتها السياسية و الامنية و الاجتماعية و النفسية و القانونية

  كتب بتأريخ :  الإثنين 04-10-2021     عدد القراء :  1839       عدد التعليقات : 0