الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
في ظل أية ظروف يمر المجتمع الإيراني؟

   نشر معهد استقراء المستقبل "بان"، بالتعاون مع معهد البحوث الاستراتيجية الإيرانية، نتائج التقرير الأخير حول "المستقبل الإيراني".

   في هذه الدراسة ، تم تحديد سبعة مسارات وتحديد أولوياتها من خلال استطلاعات الرأي للمواطنين والخبراء، وأخيراً ، تم تحديد 100 مشكلة تواجه إيران حسب الأولوية. وبحسب التقرير فإن القضايا الاقتصادية والصناعية والزراعية تشكل 22٪ من اهتمام المستطلعين، والاجتماعية 20٪ ، والسياسية 17٪ ، والبيئية 10٪ ، والثقافة 9٪ ، والصحة 9٪ ، والدولية 7٪ ، والعلوم والتكنولوجيا 4٪ ، والدين 2٪ . كما إن الحاجة إلى الإصلاح الاقتصادي الهيكلي ، وأزمة إمدادات المياه ، والبطالة ، والفساد المنهجي ، واليأس من مستقبل إيران ، ورأس المال الاجتماعي والثقة العامة ، وأزمة الغبار، وعواقب أزمة المياه، والفقر وعدم المساواة، والركود والازدهار الاقتصادي، يمثل التحديات الأساسية العشرة الأوائل في قائمة 100 تحد يواجه مستقبل إيران.

   ويوضح هذا التقرير، على عكس كل مزاعم الحكومة الإيرانية، أن القضايا والاهتمامات الدينية لا تشكل سوى 2٪ من مشاكل واهتمامات المجتمع الإيراني. بينما يحتل الدين 99٪ من إهتمام المقلدين ورجال الدين وأئمة الجمعة من أمثال علم الهدى وأحمد خاتمي وصديقي ومكارم شيرازي ونوري همداني ومجموعاتهم الفرعية الذين يشغل بالهم أكثر إقامة حفل موسيقي أو تقديم عروض موسيقية في التلفزيون، وشعر المرأة هي في السينما أو وجود المرأة في الملاعب، وهذا يدل على الاغتراب التام لهذه الفئة من رجال الدين عن قضايا ومشاكل ومطالب واهتمامات المجتمع.

   يواصل التقرير التأكيد على أنه في الوقت الذي تحتل الأزمة النووية والتوترات السياسية صدر أولويات الحكومة، فإن القضايا الاجتماعية إلى جانب القضايا الاقتصادية كانت في مقدمة الاهتمامات الاجتماعية للشعب والخبراء. تشير التحديات مثل البطالة واليأس بشأن المستقبل وخطة التحول الصحي وقضايا الزواج والاستثناءات مثل الاهتمام بانتشار "الإنحرافات الجنسية" إلى أن الاهتمامات اليومية للإيرانيين المهتمين بمتابعة القضايا الاجتماعية تتغير إلى حد كبير على أساس مسار الحقائق الاجتماعية. ومن ناحية أخرى ، فإن الاهتمام بالمطالب الاجتماعية مثل الحقوق الدستورية والحقوق المدنية، وانتشار الفساد والاحتيال العلمي، وقضايا المعلمين، ومناقشات حقوق المرأة ، والمتقاعدين ، والأزمة الإجتماعية في مجال البيئة أضحت من بين الأمور المهمة التي ينتبه أشير إليها في هذا التقرير.

   ويؤكد التقرير على: "إن وجود عشرات الأزمات الاجتماعية وفي أولويتها مائة تحد كبير يشير إلى أن البنية الاجتماعية لإيران في السنوات الأخيرة واجهت مشاكل كبيرة لم يتم اتخاذ أية إجراءات حيالها وللحد منها. إن الفساد المنتظم نتيجة سياسات فترة الإصلاح الاقتصادي لحكومة رفسنجاني وبلغ ذروته خاصة في سنوات تولي الحكومتين التاسعة والعاشرة لأحمدي نجاد للسلطة.

   وبالتالي، فإن قضية الفساد وظهور طبقة فاسدة جديدة بسبب البنية الاقتصادية والاجتماعية المعيبة والفاسدة تكمن في مركز الأزمة الحالية والمخاطر التي تواجه مستقبل البلاد. وهذا الفساد بحد ذاته ناجم عن قاعدة اللهاث وراء الربحية والربح في البلاد والظروف الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية. لقد بلغ الفساد بلغ ذروته في فترة حكومة أحمدي نجاد فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية مما أدى إلى تمزيق كل الروابط الاجتماعية.

   وفي إشارة إلى إغلاق المصانع والمؤسسات الصناعية والبطالة في صفوف العمال، أكد تقرير الدراسة المستقبلية: "إن خطر البطالة بين العمال تعد واحدة من هموم المجتمع الإيراني التي تسبب أضراراً اجتماعية أخرى. إن إرتفاع أرقام الطلاق وزيادة الهجرة والاستقرار على هامش المدن، وانتشار الفقر وعدم المساواة بين الطبقات الدنيا هي مجرد أمثلة قليلة لآثار الفساد المنهجي، وإن النتيجة الطبيعية لتحمل مثل هذا الوضع هو "اليأس من المستقبل".

   إن استمرار تقرير الدراسة المستقبلية للأسف هو الصورة النمطية الشائعة والادعاءات التي تردد أن المجتمع الإيراني "يمر بمرحلة انتقالية من النماذج التقليدية إلى النماذج الحديثة" بسبب الظروف السياسية والاقتصادية الخاصة وكذلك التغيرات الاجتماعية . إن الهيكل الاجتماعي الحالي يستمر في مواجهة ومقاومة مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات من مختلف مناحي الحياة، وهذا ما عمق نطاق المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع الإيراني، وبالتالي الإحباط حول ما سيحدث في المستقبل.

   في الواقع، ليست البنية الاجتماعية هي التي تقاوم تمكين المؤسسات المدنية والمنظمات السياسية والطبقية، بل أن الهيكل الاجتماعي يتطلب مثل هذا التمكين ويمارس ضغطه. إن البنية السياسية والاقتصادية هي التي تقاوم تمكين المؤسسات المدنية، وبالطبع تعتمد هذه الهياكل على مجموعات تتربع في قمة السلطة وشرائح اجتماعية معينة تستفيد من غياب المؤسسات المدنية. في الوقت نفسه ، فإن هذا الوضع هو أعمق بكثير من شرحه بكليشيات مثل مقولة "الانتقال من التقاليد إلى الحداثة" التي تصور الوضع الحالي بنحو ما على أنه أمر حتمي وإنه مجرد عواقب الطبيعية "للانتقال إلى الحداثة". وهذه القضية تتطلب تناول منفصل!.

  كتب بتأريخ :  الأحد 08-05-2022     عدد القراء :  1146       عدد التعليقات : 0