الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
وجهة نظر بما يحدث في العراق اليوم

   تتلاحق الاحداث السياسية المرتبكة على مختلف المستويات والتي تؤثر بشكل سلبي مباشر على حياة المواطن العراقي في عموم أو أغلب الشرائح الاجتماعية، وقد وصلت الانتكاسات والتراجعات الى مستويات متدنية جدا، وبات الانسان العراقي يعاني بكل مستلزمات حياته، بدءا من رشفة الماء ومرورا بكل أنواع الخدمات الضرورية للحياة وليس إنتهاءا بإرتفاع تكاليف المعيشة وإزدياد معلات الفقر، بل وحتى باتت الخشية على حياة الفرد مشروعة جدا في ظل الازمات السياسية وما أصطلح عليه مؤخرا بالفراغ الدستوري أو الانسداد السياسي، لذلك فإن الحلول التي تنقذ الحياة وتعيد الاستقرار السياسي أو في الاقل إيقاف التدهور أو تتكفل بتوفير فرص حياة إجتماعية بمستوى أكثر من مقبول، على صعيد الخدمات، لم تعد حلولا تقليدية . فعلى فرض وصول حكومة وطنية بأفراد مخلصين ونزيهين الى سدة الحكم، وفي ظل الاوضاع الراهنة، ويرغبون جديا بإجراء عمليات إصلاح حقيقية، فإنهم كما أعتقد سوف لن يستطيعوا توفير حتى 20% من مستلزمات الحياة المستقرة للاسرة العراقية، فلماذا؟؟

   لم يعد الفساد عبارة عن حالات متناثرة أو هو مجاميع فئوية هنا وهناك، بل هوالان منظومة تتكون من :

   أ ـ شرائح البرجوازية البيروقراطية المتنفذة في كل مفاصل ومؤسسات الدولة

   ب ـ أحزاب وكتل سياسية ترعى البرجوازية البيروقراطية تلك وتستفيد منها إقتصاديا بشكل كبير

   ج ـ ميليشيات مسلحة لا تخضع بأي حال لسيطرة مؤسسات الدولة إلا إنها تعتبر الداعم الاكبر والاهم للاحزاب والكتل السياسية الراعية للفساد ومستفيدة منها.

   إن تلك الشرائح الثلاث تتداخل فيما بينها بل وتتماهى في كثير من الاحيان، بحيث شكلت منظومة متماسكة تهدد الامن الوطني العراقي.

   إن أية محاولة من قبل أية سلطة سياسية من خارج هذه المنظومة لإيجاد إصلاحات أوحلول لأزمات مؤقتة أو دائمية، فإنها إن نجحت حينا أو في مكان ما، فإن منظومة الفساد تلك قادرة على خلق الف أزمة وأزمة مما يعيق الإستمرار في الاصلاح... إن ما يحتاجه الوطن والمواطن اليوم هو عملية تصفير للمشاكل وليست حلولا جزئية، أي لابد من إنهاء كل تلك التراجعات والازمات، وأيضا منظومة الفساد، فكيف يحدث ذلك؟

   هناك سيناريوهات عدة قد تطرأ على بال المتابع للوضع العراقي، بل وربما يتداولها الناس هي في حقيقتها أمنيات تطرح على إنها إحتمالات للحل، منها على سبيل المثال: وضع العراق تحت الوصاية الدولية، ولهذا الاحتمال مستلزمات غير متوفرة منها مثلا عدم إتفاق القوى الكبرى على رأي سيما بعد أن تعمقت خلافاتها بسبب الحرب على الاراضي الاوكرانية، وأيضا فإن للعراق عضوية كاملة في الامم المتحدة غير منتقصة تسمح للمنظمة الدولية في التدخل ولا أتصور ستطلب أية حكومة عراقية الوصاية بحجة عدم مقدرتها على إدارة شؤون البلد، الامنية الثانية : هي إعادة الاحتلال الاميركي للعراق بصورة رسمية، وهذه خطوة لا أعتقد إنها تحصل بتاتا ليس لان أميركا باتت دولة لطيفة ومؤدبة، لكنها تعرف جيدا حجم السلاح المتناثر في الشارع العراقي ومصالح ومرجعيات الايادي التي تستخدمه، لذلك فإن خطوة إعادة الاحتلال تعني أنهارا من الدماء في صفوف الاميركان أنفسهم، لذا فهي لا تقدم على هذا التصرف.

   السيناريو الثالث والذي أتمناه أنا، هو ما اصطلح على تسميته سياسيا بـ " إنقلاب القصر" أي أن تبادر جهة ما أو أي مسؤول رسمي مدعوم من قوى عسكرية نظامية لتعطيل كل العملية السياسية وحل البرلمان والشروع بتصفية الميليشيات المسلحة بطرق قانونية أولا وقبل اللجوء الى المواجهة العسكرية، وغيرها من الاجراءات التي من شأنها ضرب مراكز الفساد العليا وتوفير الحد المقبول من الخدمات أولا وصولا الى إصلاحات وتغييرات شاملة في البنى السياسية والاقتصادية وإعادة النظر بالدستور وبقية التشريعات التي أجهدت ميزانية الدولة وعطلت الحياة الاقتصادية وأثرت سلبا بشكل مباشر وكبير على حياة المواطنين، كما لابد لهذه الجهة المنفذة من إسناد سياسي ومعنوي دولي.. لكن ماهو السبب المباشر الذي يساعد على حدوث هذا الانقلاب ؟؟

   تعتبر إستقالة نواب التيار الصدري بتقديري، أخطر خطوة سياسية يتخذها تيار أو كتلة منذ 2003 والى الان، لما تنطوي عليه من إنذار شديد لبقية الشركاء السياسيين .. فلا أحد يستوعب فكرة إن التيار الصدري قد يعتزل العمل السياسي لا هو ولا زعيمه، بالاضافة الى إن سنوات العمل المنصرمة خلقت قيادات داخل التيار، رغم إعلانهم الولاء المطلق لمشيئة القائد، إلا إن لكل منهم مصالح شخصية أو فئوية إقتصادية، ومثل تلك المصالح لا يمكن لها أن تستمر أو تنمو بدون مساند في السلطة السياسية وعلى مستويات مختلفة ، فهؤلاء لن يرضوا بتضرر مصالحهم مما يجعلهم ضاغطين بشكل كبير للعودة للعمل السياسي وصولا للحكومي، أو إنهم قد يغادرون التيار الصدري واللجوء الى قوى منافسة أخرى وتلك الخطوة تعني ضربة قاصمة للتيار وزعيمه.. كما إن القوى الاقليمية الداعمة للسيد مقتدى لم تقدم له تلك الدعومات لكي يعتكف ويعتزل العمل السياسي، بل إنها لديها مصالح تريد تحقيقها عبر مشاركة الصدر وتياره في الحياة السياسية والمناصب الحكومية ، وهي ستشكل أيضا قوة ضغط أخرى، فما الذي سيحصل؟ أتصور لم يبق للسيد مقتدى وتياره سوى اللجوء الى الشارع بقوة كبيرة إعتمادا على جماهيرية التيار بشكل رئيسي ومن يريد الانخراط معهم لاحقا، ولان جماهير التيار هم في الاغلب الاعم من المهمشين فسوف تتسم إحتجاجاتهم تلك بأعمال عنف هم يبتدئوها أو تبادرهم بها القوى المناهضة، وعندها سيحصل ما لا يحمد عقباه من دماء تسيل وبنى تتحطم وإقتصاد يتوقف وخدمات تنتهي نهائيا وبالتالي توقف عجلة الحياة في العراق، وهنا لا بد من إستباق هذه الحالة المزرية والقيام بإنقلاب القصر، والذي أعتقده سيجد دعما شعبيا كبيرا وقد تنحاز اليه قوى سياسية فاعلة في مقدمتها التيار الصدري لأجل إسترجاع مكانته الحكومية أو في الاقل هيبة وجوده على الساحة السياسية ... وعندها لكل حادثة حديث .

  كتب بتأريخ :  الخميس 16-06-2022     عدد القراء :  1266       عدد التعليقات : 0