الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حكام الخضراء وثورة الإمام الحسين

مؤسف أن الثقافة الشيعية والمنبر الحسيني قدما الأمام الحسين بوصفه رجل دين ثار من أجل قيم دينية،وأشاعا ثقافة اللطم والبكاء على فاجعة مشهد إستشهاده.صحيح أن الفاجعة كانت تراجيديا من نوع فريد لرجل في السابعة والخمسين يقف بشموخ وكبرياء امام آلاف الرجال المدججين بالسيوف والرماح المنتظرين لحظة الايذان بالهجوم عليه وقتله،وأي مشهد تراجيدي أفجع من مشهد طفل رضيع ينحر بسهم بين يدي ابيه طالبا له منهم شربة ماء؟!

.غير ان هذا جرى على حساب ما هو أهم.. ان نقدم الحسين الى العالم بمضمونه الانساني بوصفه ثائرا مطالبا بتطبيق قيم الحق والعدالة الاجتماعية والوقوف بشجاعة بوجه الظلم والقهر والاستبداد وحيثما كان هنالك نظام يحتكر السلطة والثروة ويحرم الفقراء من حقهم في ثروات وطنهم، واشاعة موقفه البطولي بالثبات على المبدأ..بتجسيد مشهد رفضه عرض مفاوض السلطة بأن يقول (كلمة!)..كلمة واحدة(نبايع)..وله ما يريد،وردّه الشجاع بصيحته المدويه:(هيهات منّا الذلّه).

المفارقة، أن السلطة في زمن يزيد احتكرت الثورة لنفسها ولأقارب السلطان وعاشوا حياة الترف والبذخ وتركت الناس تعيش حياة بائسة، وهو ما حاصل في العراق من تسعة عشر عاما. فوزارات الدولة ومؤسسات الحكومة جرى تقسيمها بين عوائل معتبرين العراق غنيمة لهم.وبسببهم بلغت نسبة من هم دون خط الفقر في زمن ترليونات النفط (13‌%) وفقا لتقريري لجنة الاقتصاد النيابية ووكالة المساعدات الأمريكية،وارتفعت لتصل(30‌%)بعد 2014 وفقا لوزارة التخطيط،ما يعني ان اكثر من سبعة ملايين عراقي عاشوا بأقل من دولارين في اليوم. وما داروا الحال،بل ارتفع عددهم ليصل (13) مليون فقيرا في (2020) وفقا لوزارة التخطيط،فيما الذين تولوا السلطة امتلكوا البيوت الفاخرة في عواصم الدنيا،ويتقاضون رواتب ضخمة وامتيازات خيالية..ومع ذلك يواصلون لبس السواد ولطم الصدور في مواكب عزاء الحسين!.

وفضائحهم صارت عالمية،اذ يذكر (كوكبورن) ان شركة “أوراسكوم” التي فازت بعقد شبكة الهاتف النقال،دفعت رشاوى تصل إلى “21” مليون دولار لستة أشخاص. ووفقا لتقرير المؤشر العالمي للفساد لمنظمة الشفافية الدولية العالمية(2005) جاء العراق بالمرتبة 137 عالميا والأسوأ في الفساد بين الدول العربية، وتقدم الى المرتبة 160 ليحتل المركز الثالث عالميا في الفساد عام(2006)، وتقدم في (2008)الى المرتبة 179 بحصوله على درجة 1,3 من عشرة وفق مقاييس النزاهة الدوليّة،ليأتي بالمرتبة الثانية بين الدول الأكثر فساداً في العالم،وظل محافظا عليها في العام(2009). ويومها صرح رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بأن لديه ملفات للفساد لو كشفها لأنقلب عاليها سافلها..فخان الأمانة بسكوته عن كشفها،ولم يستجب هو ولا من جاء من بعده لدعوة مرجعيتهم الحسينية التي بح صوتها من مطالبتها بالضرب بيد من حديد على الفاسدين.

وبرغم ان العراقيين خرجوا في شباط 2011 بتظاهرات تطالب بالأصلاح ومحاسبة الفاسدين وتصاعدت في آب 2015، فان الحكومة العراقية بهوية شيعية (حسينية) لم تستجب،مع ان شعار ثورة الأمام الحسين هو (الأصلاح) ورفض الذلة التي اتبعها الطغاة وأتباعهم في تعاملهم مع الناس، وتنبيههم بأن مواصفات الحاكم العادل هو ذلك الذي يحكم بالحق ويحترم آراء الناس ومعتقداتهم ويجعل القانون معيارا لهيبة الدولة ومشروعية حكمه،باعتماد مقولة أبيه:(ولعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب،القائم بالقسط، الداين بدين الحق،الحابس نفسه على ذات الله)، وتوكيده بأن ما يجبى من زكاة وخراج (ثروة الوطن) هو ملك الناس لا ملك الحاكم..ومعروف للجميع كم من المسؤولين الذين يدعون (حسينيون) اشتروا بمال الفقراء البيوت الفارهة في عواصم عربية وعالمية وبنوا فنادق فخمة وهم كانوا معدمين!

وختامها حقيقتان،

الأولى افتراضية..لو أن الأمام الحسين خرج الآن مطالبا بالأصلاح،لخيره حكام الخضراء الشيعة بين الرجوع من حيث اتى او القتال.

والثانية واقعية..أن التاريخ لم يشهد أقبح من حكّام الخضراء الشيعة بكونهم النقيض الضد لقيم ومنهج وسلوك من يدعون انهم احفاد الأمام الحسين وأخلص شيعته.

  كتب بتأريخ :  الأحد 07-08-2022     عدد القراء :  1599       عدد التعليقات : 0