الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مَن هم التشرينيون رجاءً ؟

مع إقتراب الذكرى الثالثة لإنطلاق إنتفاضة تشرين / 2019، تتصاعد الدعوات ومن مصادر عدة لتجديد إنطلاقتها في الاول من تشرين المقبل وهذا ما يدفعنا أن نستدعي ما حدث حينها كي يستفيد المنتفضون لجولاتهم القادمة .

   * حينما إنطلقت عملية الاحتجاج في الاول من تشرين الاول عام 2019 والايام القليلة التي تلت هذا التاريخ كانت هناك فعاليات عالية الدقة والتنظيم مثل توزيع الخيام وأماكن الطبابة ودور التكتك في جلب الاغذية وبأوقات محددة ونقل الجرحى والمرضى الى مراكز العلاج وأيضا نقل المحتجين الملتحقين بالانتفاضة من نقاط سيطرات منع دخول المركبات وربما غيرها من الفعاليات، هذا التنظيم العالي الدقة لم يأتِ عفويا بل كانت وراءه جهة منظمة، فمن هي ؟

   * بعد عدة أيام تم الاعلان عن تأجيل الانتفاضة الى يوم 25/ نشرين أول حيث إتمام مراسيم اربعينية الامام الحسين، وهنا إرتكب المنتفضون خطأين :

   ـ التأجيل سمح للسلطة وللميليشيات من إلتقاط الانفاس ورسم خطة إختراق الانتفاضة ومن ثم إحتوائها وهذا ما حدث.

   ـ كشف التأجيل عن وجهة المنتفضين ليس كإحترام للشعائر وإنما كإنسياق معها، وهذا ما جعل شرائح مهمة أن تعزف لاحقا عن المشاركة بحكم الاختلاف الطائفي مع المنتفضين .

   فمن هي الجهة التي قررت تأجيل فعاليات الانتفاضة؟ بحيث إن الجميع إنصاع لذلك التوجيه دون أدنى مناقشة .

   * عدم كشف الجهة القائدة للانتفاضة عن هويتها سمح بشيئين سيئين:

   ـ تمكنت قوى السلطة المتنفذة وأجهزة أعلامها من تشويه سمعة المنتفضين بتوجيه شتى التهم مثل أبناء السفارات وغيرها من الالفاظ المشينة الاخرى .

   ـ ظهور أشخاص وتنسيقيات يدّعون قيادة الانتفاضة وتوجيهها وأغلبهم لم يكن معروفا سابقا وقليلي الخبرة السياسية وبعضهم هزيلين ثقافيا وآخرين أعلنوا ولاءهم المطلق للمرجعية الدينية في النجف .

   * حينما عاد المنتفضون في يوم 25 / تشرين بدت وكأن لهم قوة كبيرة جدا، لكن فيما بعد إنكشف دور الميليشيات، خصوصا، في ذلك التحشيد حيث نصبت خيام للعشائر والمواكب الحسينية وظهر قراء القرآن سيما في نفق التحرير وكلهم يتلقون التوجيهات من الجهات التي أرسلتهم، كل ذاك ولَّد حالة من الهيمنة الدينية ـ الطائفية على فعاليات الانتفاضة والتي وصل بها الحال الى التوقف عن أي شيئ في كل يوم جمعة مع وقت الصلاة وخطبة المرجعية !! فلماذا إنتفضتم ضد أبناء ورعايا المرجعية ؟؟

   * قلة خبرة المنتفضين جعلتهم يثقون بجهة سياسية طائفية ـ ميليشياوية والتي إنقلبت عليهم لاحقا قتلا وتغييبا وملاحقة، إنهم ذوو القبعات الزرق .

   * الانصياع لمشيئة المرجعية كان ثمنه باهضا ليس فقط على المنتفضين وإنما على عموم الشعب ومصالح الوطن، فقد إستغلت المرجعية إنقياد شبيبة الانتفاضة والاختراقات التي حدثت بين صفوفهم وبعد سلسلة خطب أمرت عادل عبد المهدي بالاستقالة، ثم حصرت المطاليب بثلاثة أمور لاغير هي إنتخابات مبكرة، قانون إنتخاب جديد ومفوضية إنتخابات جديدة (فهل هذه كانت المطالب التي قامت الانتفاضة لأجلها؟) وقد تلاقفت قوى المحاصصة توجيهات النجف تلك وطبلوا لها، لأنهم تحسسوا إن تنفيذها يضمن لهم البقاء لفترة أطول، فقاموا بتنفيذها حرفيا والى الان يدفع الوطن والشعب ثمن تنفيذ تلك التوجيهات من خيبات وإنكسارات متتالية .

   في الاخير بودي أن أشير إن تجددت الانتفاضة كما يشاع الان ولكي تنجح فلابد من توفر عوامل مهمة :

   ـ الكشف عن الجهة القائدة الاولى في 1/ تشرين أول / 2019 وليس الادعياء اللاحقين .

   ـ الاعلان صراحة عن رفض المنتفضين للعملية السياسية وكل مخرجاتها من مؤسسات وكتل سياسية وأشخاص متنفذين .

   ـ رفع شعارات واضحة المعالم وليس هلامية وفضفاضة مثل شعار "نريد وطن" فمن من الناس لا يريد وطنا؟ لكن السؤال هو أي وطنٍ نريد؟ ويا حبذا لو كان الشعار (الشعب يريد إسقاط النظام) أظنه شعارا جاذبا وممكن أن يستقطب الكثيرين .

   ـ الاعلان بشكل صريح عن رفض أي تدخل لأي من المؤسسات الدينية في شؤون الانتفاضة ومن ثم في الدولة ورفع شعار "عزل الدين عن الدولة أو حتى عن السياسة" فذلك يضمن تميزا للمنتفضين الحقيقيين عن الادعياء الملتحقين والذين شوهوا وجه الانتفاضة .

   ـ يتبنى كثيرون أولوية شعارات الكشف عن القتلة والمجرمين وضمان حقوق عوائل الشهداء والمصابين والمعاقين نتيجة إنتفاضة تشرين، وهي شعارات ومطاليب مهمة جدا، لكن يفترض ألا تطغي على الاسباب والشعارات الاهم والتي من أجلها قامت الانتفاضة وقدم شبيبتها تلك التضحيات الجسام .

  كتب بتأريخ :  الخميس 29-09-2022     عدد القراء :  1572       عدد التعليقات : 0