الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
عام من الحرب ... والعراق في قلب العاصفة

   لم تكن أوكرانيا سوى ساحة معارك عسكرية، أما الحرب بصورها الاخرى فكانت ساحتها كل الكرة الارضية، فبوادر ظهور قطب عالمي جديد يجمع قوتين عسكرية وإقتصادية وهما روسيا والصين، دق أجراس الخطر على مصالح القطب المتفرد، وكان ما كان من ضغوط مباشرة كدخول دول أوربا الشرقية الى الناتو، وغير مباشر كتسليح دول الشرق الاوربي وزيادة أعداد العسكر الاميركان في عموم أوربا، والتركيز على ضرورة وجود أنظمة حاكمة تستسلم للقطب المتفرد، مرورا بأحداث أوكرانيا عام 2014 ووصولا الى نصب قواعد صواريخ أميركية على حدود روسيا الغربية...

   ومع كل التطبيل والتهريج الاعلاميين وعمليات الاستفزاز الاخرى، دخلت روسيا الحرب ليس بمواجهة أوكرانيا فحسب بل في مواجهة مع الناتو بزعامة أميركا، التي بدورها أجبرت بل أذلت دول أوربا بوجوب تقديم العون المتعدد الاشكال لأوكرانيا وفي المقدمة الدعم التسليحي المتعدد الاغراض، وأيضا بفرض عقوبات إقتصادية على روسيا، إنعكست نتائجها سلبا على دول الغرب نفسها، مما رفع معدلات التضخم الى مستويات غير مسبوقة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية ونقص في إمدادات الطاقة وأزمات لم تتوقف، أدت الى رفض شعبي لسياسات الحكومات الاوربية المنصاعة للارادة الاميركية، وقد جاء إعتراف الناتو بوجود القطب الاخر وذلك بتغيير في عقيدته العسكرية أقرته قمة الحلف في مدريد مؤخرا، حتى صار الصراع مكشوفا وعلى كل الاصعدة، فإن إطمأنت أميركا نسبيا للموقف الاوربي فهي بحاجة الى خلق بؤرة توتر جديدة في جنوب شرق أسيا، لذلك كانت زيارتا العجوزين بايدن ونانسي على التوالي الى تلك المنطقة إستفزازا وإنذارا للصين، وحيث ترى إن أفريقيا بالامكان تأجيل حسم أمورها لاحقا، إلا إنها تريد شرقا أوسطيا محسوم السير في الركب الاميركي، فإيران وسوريا قد حسمتا التوجه نحو روسيا فإن العراق في القلب من المنطقة وخسارته تعني تكوّن هلالا روسيا، وعلى هذا كانت زيارة الوفد العراقي برئاسة وزير الخارجية لواشنطن فقط لتلقي مجموعة أوامر عليه الانصياع لها لحسم أمره، في المقدمة منها الكف عن الانفتاح الاقتصادي ـ السياسي مع إيران، والتي سيكون إسقاط نظام حكمها هو الهدف الاميركي القادم، وأيضا ربط الكهرباء مع الخليج والاردن، والتوقف عن إستيراد الغاز والكهرباء من إيران، ووجوب إتباع نظام سويفت في التحويلات المالية حيث لا تستطيع إيران أن تكون جزءا منه بسبب العقوبات عليها،وكذلك تقليص وصولا الى إنهاء وجود الميليشيات الموالية لإيران، وأخيرا وربما أولا هو التطبيع مع إسرائيل!! والذي سيأتي، للأسف الشديد، عاجلا أم آجلا، بوجود حكومة الاطار أو غيرها، فالتطبيع هو ليس فقط إعتراف رسمي وتبادل دبلوماسي، بل هو مجموعة إلتزامات وإتفاقيات سياسية وإقتصادية مذلة، تضمن مسير العراق بالركب الاميركي، وهذا هو المبتغى، عندها سيكون الحديث الذي بدأ الان عن إحتمالية التفاوض بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب واقعا، وقد تنتهي المعارك العسكرية بأية صورة، لكن الصراع يبقى عالميا بين قطبين قديم ـ أميركي، وآخر ناشيئ حديثا روسي ـ صيني، وستكون القيم والاخلاقيات هي معايير الصراع ومؤشراته، حيث إن القطبين يتشابهان في النظم الاقتصادية والسياسية الى حد ما  .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 27-02-2023     عدد القراء :  1224       عدد التعليقات : 0