الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ما الذي سيحدث في العراق والمنطقة؟

   تتواتر أخبار مقلقة عن تحشيد عسكري أميركي في المنطقة، ففي حين لم تعلن أميركا رسميا سوى عن وصول 3000 عسكري أميركي الى المنطقة، يتحدث كثيرون عن حشود أخرى وصلت قاعدة حرير في أربيل، وأسراب طائرات الى غرب سوريا، وإقتراب حاملة الطائرات " أيزنهاور" من السواحل السورية ـ اللبنانية، كل هذا يجري والمنطقة تشهد إنفراجا ظاهرا في العلاقات الاقليمية تتمثل بعودة العلاقات الايرانية ـ السعودية وتبادل زيارات المسؤولين في البلدين وأيضا إنفراجا في علاقات الولايات المتحدة مع إيران بصفقة ألاسرى مقابل الافراج عن أموال مجمدة، وكذلك تبرز وبقوة عودة سوريا الى جامعة الدول العربية وعودة علاقاتها مع السعودية وبعض دول الخليج ... على صعيد العراق يشيد مراقبون ودبلوماسيون غربيون بما فيهم أميركان بالهدوء الذي يبدو ظاهرا في عموم الوضع العراقي رغم صفقات الفساد العلنية ووعود السياسيين الكاذبة التي إعتاد عليها الشعب، ومع كل هذا تجول وتصول السفيرة الاميركية في أروقة الوزارات كما تشاء وتلتقي مَن ترغب من السياسيين الذين تبدو عليهم علامات الخنوع والذل في لحظات إجتماعها معهم.

   مع هذا التناقض بين صور الحشود العسكرية الاميركية وصور الانفراجات السياسية يبث البعض أخبارا ومنهم من يتوقع أو يحلل من أن كل ما يجري هو لأجل إسقاط نظام الاسد في سوريا والاتيان بنظام أخر موالٍ وبدء مرحلة الانتقال الديمقراطي !! وهذا بتقديري غير ممكن وذلك لوجود قوات روسية كبيرة في سوريا مثل قاعدة طرطوس البحرية وأيضا التواجد البري في بادية الشام وبعض المدن غرب سوريا ، وأميركا تعلن صراحة وتتجنب الصدام المباشر مع روسيا لإعتبارات عسكرية وسياسية متعددة. البعض يذهب الى أن ما يجري هو لإعادة إحتلال العراق كما حدث في 2003 وبمبررات شتى، إلا إن الاهم هو إنهاء وجود الميليشيات الموالية لإيران في الاراضي العراقية، ورغم إن هذا يبدو على شكل أمنية عند الكثيرين إلا إنه صعب التحقيق على الاقل للإنتشار الهائل للأسلحة ليس فقط عند الميليشيات وإنما أيضا عند مافيات التهريب (مخدرات وبضائع ممنوعة) وأيضا عند العشائر بل وحتى الافراد، وذلك ما يؤدي الى سيول من الدم لن يكون الدم الاميركي بمعزل عنها وهذا ما لا تجازف به الولايات المتحدة فمثل هذه الخسائر تكلف البيت الابيض والديمقراطيين خصوصا عواقب وخيمة هم في غنىً عنها سيما والانتخابات الرئاسية على مقربة زمنية من الان، كما إن الولايات المتحدة تستطيع إنهاء وجود تلك الميليشيات بقرارات سياسية لو أرادت ذلك.

   كما يذهب أخرون الى أن كل ذاك لأجل توجيه ضربة قاصمة للنظام الايراني وإسقاطه نهائيا، لكن هذا صعب الحصول حاليا بسبب طبيعة جغرافية إيران وإتساعها وأيضا لتعدد مراكز القرارا وتباعدها مكانيا عن بعضها، كما إنه يتناقض مع الانفراج الجزئي مع إيران مؤخرا.

   فما الغرض من تلك الحشود العسكرية، إن صحت، ؟ أو في الاقل وصول 3000 عسكري أميركي معلن عنها بشكل رسمي؟

   أن ترسل أميركا جنودا أو أعتدة الى جهة ما فعليها تبرير ذلك للناخب الاميركي مثلما عليها الحصول على موافقات قانونية بما فيها بعض لجان الكونغرس، لذلك فهي لا تقوم بتلك الفعاليات إعتباطا بل لها أهداف معينة ربما لا تزال في طي كتمان الادارات العليا فيها، لكن ماهو واضح للعيان هو إن أميركا تريد فعل شيئ للتغطية على فشلها الذريع هي والناتو في الحرب الاوكرانية، وظهور بعض التململ لدى حلفائها الاوربيين مثل فرنسا وألمانيا وبعض الشيئ في إنكلترا وهؤلاء هم حلفاؤها الاقوى في اوربا، كما إن حجم المساعدات المالية والعسكرية الضخمة جدا بدت تثير إستغراب وتساؤل المواطن الاميركي دافع الضرائب وبعض السياسيين على حد سواء لدرجة إن عضوة في الكونغرس تتساءل عن إية ولاية أميركية يحكمها زيلينسكي لكي تصله هذه المساعدات المهولة وغير المسبوقة، مما ولد ذلك إرباكا في البيت الابيض قد يبدو بشكل واضح بمحاولات التغطية على ما يحصل بتعدد تهم ومحاكمات الرئيس السابق ترامب، وهذا ما يفهمه الناخب الاميركي تماما مما جعل شعبية ترامب في تنامي مطرد.

   إن كل هذا وذاك يجعل الصورة معتمة تماما لما تريد الولايات المتحدة للقيام به فربما يكون واحدا من السيناريوهات المنتشرة أو ربما شيئا آخر غير متوقع، لكن بجميع الاحوال فإن أميركا تريد أن تفعل شيئا لتؤكد زعامتها المنفردة للعالم كونها القطب الاوحد رغم حركات الرفض المتنامية في أفريقيا مثلا لسياستها ووجودها والغرب عموما في القارة السمراء.

  كتب بتأريخ :  السبت 19-08-2023     عدد القراء :  981       عدد التعليقات : 0