الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
إنقلابات أفريقيا العسكرية .. حركات تحرر أم تبديل ولاءات؟

   ها هي أفريقيا تعود الى الواجهة اليوم ... أفريقيا زمن حركات التحرر الوطني يوم كانت تملأ الدنيا وتشغل صدارة الاخبار، أفريقيا لوممبا ومانديلا ونيكروما، أفريقيا التي أسقطت الاستعمار والدكتاتوريين رموز الفساد والاضطهاد، أفريقيا التي إنتكست في حقبة مضت، تعود اليوم الى صدارة الاحداث لكن من بواية الانقلابات العسكرية ..

   في فترة حرجة يمر بها العالم حيث بدايات إنتهاء القطب الاوحد وتشقق جدار تحالف العولمة الرأسمالية ينهض قادة جيوش بعض دولها لإسقاط حكومات موالية للغرب وتابعة لمشيئة العولمة الرأسمالية بكل أذرعها... فهل يمكن أن تكون هذه الانقلابات بدايات تحرر وطني؟ أم إنها إنقلابات لمصالح شخصية لقادتها العسكريين؟ .. هي قد تكون من هذا وذاك لكن أن تكون تبديل ولاءات إتساقا مع أقطاب جديدة تنشأ، فالمشهد هنا بحاجة لبعض من الوقت والتأمل لمعرفة ما ستؤول إليه الامور ...

   في النيجر أعلن العسكر عن توجههم بصراحة سواءا بإيقاف تصدير اليورانيوم الى فرنسا أو من خلال المتظاهرين الذين رفعوا أعلام روسيا وهتفوا لها، وهذا ما يقض مضاجع الدول الغربية ... فرنسا بتهور واضح تريد التدخل العسكري لإعادة حليفها الرئيس المخلوع وأميركا بمحاولة الظهور بمظهر المتعقل تتعامل مع الحدث بوجهين كأمر واقع أولا وبتأكيد على وجوب حفظ الشرعية والديمقراطية ثانيا ... لكن بجميع الاحوال فإن العسكر لديهم دعم محلي وإقليمي وبوادر دولي متمثل بإحتمال دخول قوات فاغنر، إذا ما حصل التدخل العسكري الخارجي، وهذا أسوأ ما في الوضع إن حدث.

   لكني أرى الامر من زاوية أخرى فالعسكر الذين تسلموا السلطات في النيجر وقبلها بوركينافاسو ومالي ينتمون بحكم عملهم الوظيفي الى شرائح الطبقة الوسطى بغض النظر عن جذورهم الطبقية السابقة، ومن أبرز صفات الطبقة الوسطى هو التذبذب في المواقف وعدم الثبات على توجه واحد تبعا للمصالح الطبقية أو الفردية، كما إن العسكر بحكم طبيعة عملهم ميالون دوما للصعود والترقي حصولا على رتب أعلى بكل ما تحمله من وجاهة ومميزات، وفي جانب أخر فإن خطاب القادة الجدد يغيب عنه المنهج أو الفكر التقدمي، وعلى كل ما تقدم فإن الترقب والريبة من التوجهات اللاحقة للقادة العسكريين يصبحان أمران مشروعين تماما. فبعد أن يترسخ الامر لهم بالكامل ستتضح صورة التوجهات الحقيقية رغم إعلان البعض منهم عن فترة إنتقالية لإعادة الاعتبارات الديمقراطية للحياة السياسية، فإني أشك بتكرار تجربة سوار الذهب، ذلك حتى ورثته من عسكر السودان يتنصلون الان عن التزاماتهم بالحكم المدني والديمقراطية.

   افريقيا بمواردها الطبيعية الغنية جدا، بشعوبها المكتوية بالفقر والحرمان، أفريقيا مصدر الهجرة واللجوء والضياع في البحار ودول الغرب، لا بد لها أن تكون الارض المزدهرة والشعوب المرفهة، أفريقيا لابد أن يحكمها أبناؤها بروح وفكر وعقل تنبع من حب الاوطان والشعوب المتطلعة نحو مستقبل أفضل

  كتب بتأريخ :  الجمعة 25-08-2023     عدد القراء :  1464       عدد التعليقات : 0