الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مجالس المحافظات ... بين الديمقراطية والفساد

الجزء الاول

   مجالس المحافظات، أو هي الحكومات المحلية كما يصطلح عليها، لها أهمية خاصة في النظم الديمقراطية لإدارة شؤون الناس، فهي توسع المشاركة الشعبية في الحكم، وتُعد حلقة هامة في ترسيخ الديمقراطية، وتحتل أهمية مميزة في البناء والتطوير وتقديم الخدمات الاساسية للمواطنين، كالصحة والتعليم والطرق وما الى ذلك من خدمات تمس حياة المواطن بشكل يومي. لذلك تتبارى الاحزاب السياسية في البلدان الديمقراطية في المشاركة في الحكومات المحلية عن طريق تقديم كادر متخصص علميا كلٌ في مجاله، ومشهود لهم بالنزاهة والحيادية في التعامل مع شؤون الناس، كما إنها تُعد محطة تجريبية للحزب أو لمرشحيه في التوسع جماهيريا وكسب مزيدا من الاصوات لإدامة قوته وترسيخ مشاركته في الحياة السياسية، سواءا على صعيد البرلمان أو الحكم المركزي أو في الحكومات والبرلمانات المحلية .

   عراقيا دخل مفهوم أو شكل الحكومات المحلية بعيد الاحتلال الاميركي وأصطلح على تسميتها " مجالس المحافظات"، وكان أو تشكيل لها ليس إنتخابا، وإنما تعيينا، من قبل سلطة الاحتلال ومجلس الحكم عام 2004. ثم جرت أول إنتخابات لها في كانون الثاني / 2005 بناءا على قانون إدارة الدولة المؤقت المقر في 2004، لحين ما أقر الدستور الدائم عام 2005 بوجوب وجود المجالس وإنتخابها، ومن يومها بدت مجالس المحافظات تشكيلات واهية لم تستطع أن تقدم الخدمات المناطة بها مسؤوليتها، بل إنها لم تكن سوى حلقات فساد إضافية، فقوى المحاصصة المتنفذة في الحكم جعلت منها وسيلة إرضاء لبعض من أعضائها تسمح لهم من خلالها الاثراء الفاحش بسرقات ورشى وإبتزازات وغير ذلك مما إمتهنته القوى المحاصصية نفسها والشواهد عليها كثيرة جدا.

   إن إختيار الكوادر التي رشحتها تلك الاحزاب كان كافيا لمعرفة مبتغاها، فقد كان أغلبهم لا يصلح حتى لوظيفة حكومية بسيطة، وسادت ملامح الامية المهنية على أغلبهم، ويكفي أن نستعيد ما قاله رئيس مجلس محافظة جنوبية حينما قال (يتهمونا بالبوق ولم نبق) !! أي أراد أن يوصل فكرة للدفاع عن نفسه من تهمة السرقات، أو المحافظ الذي بنى حائطا وبابا وقال هذا مطار سينافس مطارات الكويت والدوحة ودبي، لكن ما طار منه وحط فيه فقط أسراب من الحشرات الضارة منذ تصريح المحافظ العتيد هذا، ولا أحد يعلم كم هي المبالغ التي دخلت حساب المحافظ وجيوب حواريه وصرفت تحت بند إنشاء المطار !!، وهكذا الحال في الانتخابات الثلاث التي جرت لمجالس المحافظات في أعوام (2005، 2009 و2013) ففي كل دورة يأتون بمن يريدون له الاثراء ومن يختبرون مستوى ولائه من خلال ما يدفع للجنة الاقتصادية لحزبه أو الى قادته بشكل شخصي، ولا أظن قرارا أفرح الناس بقدر قرار حل مجالس المحافظات عام 2019، فقد رأى الناس حلقة فساد كبيرة قد تكسرت وإنفصمت عراها، وبقي الأمل بالخلاص منها نهائيا يراود الجميع جتى تسلمت قوى الاطار التنسيقي الحكم لتقرر إعادة الحياة للمجالس الاكثر فسادا، وهذا شيئ طبيعي جدا من قوى إمتهنت الفساد لعقدين من الزمن، فأي خدمات ينتظر المواطن من تشكيلات لم تصلح لها سمة سوى إنها مجالس فساد بصور شتى.

يتبع

  كتب بتأريخ :  الجمعة 15-09-2023     عدد القراء :  825       عدد التعليقات : 0