الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
البصرة.. من سلة فاكهة الى سلة مخدرات
بقلم : سعاد الجزائري
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

البصرة، كما يقال، انها سلة فاكهة العراق، وفيها يتعانق النهران وموقعها الجغرافي تحسده عليها الكثير من الدول. البصرة ولادة شعراء وروائيين ورسامين واعذب اصوات الغناء.. البصرة مدينة الثورات والانتفاضات، والطفل فيها يرضع الإباء والوطنية من حليب امه الطاهرة..

لكن هذه المدينة لم تهدأ يوما من غزارة مطر القهر والحروب، حتى قال البعض ان نشبت حرب في القطب الشمالي فأن البصرة ستقصف، لأن هذه المدينة كانت بوابة وممر عبور كل الحروب التي مر بها العراق.

هذه السلة تعاني اليوم عدا الفقر، والعطش وشدة ملوحة مياه شطها، التي لا تصلح حتى الى ري الزراعة او الحيوان، اضافة الى كثرة الصراعات بين الفصائل السياسية والعشائرية، وعدا عن الفساد المستشري بشراسة، واختراق اجهزتها الامنية والعسكرية، فأنها ايضا تعاني من وباء سيقضي تدريجيا على جيل كامل من شباب وشابات البصرة، وباء تم التخطيط له ليتغلغل بين الشباب بشكل منظم ومدروس حتى من قبل بعض المسؤولين والسياسيين لفائدتهم التي تتلخص في قمع صوت جيل يريد وطنا نظيفا وحياة كريمة، اضافة الى فائدة هذا الوباء بما تدره عليهم من اموال، اقل ما توصف به انها نجسة.

انا اتحدث عن وباء تعاطي المخدرات الذي قال عنه احد سكان البصرة:

- البصرة ستموت ان لم يتم القضاء على هذه الآفة الفتاكة التي تنتشر بكثرة بين شبابنا وحتى الشابات..

مستشفى الفيحاء في مدينة البصرة تشهد على هول هذه المشكلة، لانها تستقبل اعدادا تتزايد من المتعاطين يوما بعد اخر، وبسبب كثرتهم فان قدرة المستشفى الاستيعابية اصبحت لا تعادل كثرة اعداد المتعاطين التي تبعث عن الحزن والخوف معا.

المعروف ان علاج المدمن يحتاج الى وقت طويل، على ان يبقى بالمصح او المستشفى المختص بعلاج الادمان، لكن كثرة اعداد المتعاطين جعل العلاج يتقلص الى مدة خمسة عشر يوما فقط، وهذه الفترة لا تشفي أي مدمن مطلقا، ومن المفترض ان يعود للمستشفى مرة اخرى ليتم فحصه من جديد، لكن الاكثرية لا تعود للعلاج بل تعود للتعاطي.

يتميز مدمنو طبقة الاغنياء عن غيرهم، لان علاجهم يتم في مستشفيات خاصة وبثمن يدفع بسهولة تامة، فالمدمنين لهم طبقاتهم وامتيازاتهم كحال مجتمعنا.

ان انتشار المخدرات وبيعها وفق خطط مدروسة ومنظمة، تهدف الى تغييب عقل جيل يطمح للتغيير، وبالتالي شطب وجوده من قائمة الوطن ليحل مكانهم سراق وقتلة هم وراء تخدير صوت المعترض الذي يريد وطنا آمنا...

ان انتشار المخدرات اخطر من كل الاسلحة، لان تغييب العقل في مجتمع يفقد بوصلته وتصبح حياة الحيوانات افضل منه.

شبابنا اليوم على حافة هاوية خطيرة، وكثرة جرائم القتل او الاغتصاب والانتحار والعنف الاسري، كلها نتاج جيل مخدر وعقله مغيّب، والكثير من ساسة هذا الزمن يروق لهم ذلك.. وهم من حول البصرة من سلة فاكهة العراق الى بوابة تهريب وسلة المخدرات للعراق .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 27-11-2023     عدد القراء :  561       عدد التعليقات : 0