الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
التصويت في الانتخابات ... حق ذو حدين

   ناضل الشعب العراقي منذ تأسيس دولته لأجل الحصول على حق إختيار من يمثله ويقود بلده، حاله حال شعوب الارض الاخرى التي تنعم بقدر معقول من ديمقراطية مقنونة. لكن الانظمة التي تعاقبت على حكم العراق أجهضت ذلك الامل بشتى الاساليب غير الشرعية، حتى حصل التغيير في 2003 والذي بعث شيئا من التفاؤل عند الاغلبية على أن يستطيعوا ممارسة حقهم الانتخابي بكل حرية، لكن هذا التغيير حصل على يد محتل أجنبي جاء بقوى تنصاع لرغباته، ساعدها على تكريس وجودها، فما كان منها إلا أن شرعت قوانين سياسية ـ إنتخابية على مقاساتها تضمن لها الاستمرارية في الحكم بالاضافة الى أساليب شتى في الترهيب والتزوير والتغيير في نتائج الانتخابات بما يكرس بقائها على سدة الحكم، بالاضافة الى وجوه قادتها الكالحة في الفساد والسرقات والتخريب والرشى وممارسات أدت الى تخلف المجتمع الى مستويات أدنى من ذي قبل، وكانت ابرز نتيجة لكل ذاك هي ظاهرة العزوف عن المشاركة في الانتخابات بنسب عالية جدا خاصة منذ إنتخابات البرلمان عام 2014 وما تلاها.

   وحقيقة الامر إن هذا العزوف هو التعبير الحقيقي عن إرادة الجماهير، فما قيمة التصويت إن كانت المحاصصة سيدة الموقف؟ وهي العامل الأبرز والاهم في تخلف المجتمع وتردي أوضاعه جميعا.

   كما إن الكثير من السلبيات تترتب على ممارسة حق التصويت في ظل الظروف الحالية .. فالتصويت يعني ضمنا قبولا بنظام المحاصصة السيئ حتى وإن كان التصويت لقوى أو أفراد ترفض المحاصصة، فهم في الاخر سيشكلون أقلية قليلة جدا كما تشير التجارب الانتخابية السابقة ، ولم يستطيعوا تغيير أي شيئ سوى المشاركة في تكريس نظام المحاصصة.

   وكذلك فإن التصويت يعني إعتراف ضمني بصحة قانون الانتخابات أو في الاقل مقبوليته مع الجهات التي تقوم بتنفيذ بنوده على أرض الواقع وهي جهات جاءت أيضا وفق نظام المحاصصة المقيت، لكن الاخطر من كل ذاك هو إعطاء الشرعية لهذه الانتخابات والرضوخ لمخرجاتها حتى وإن كان الرفض هو الموقف المعلن، لذلك فعدم المشاركة تقدم على الاقل راحة ضمير للممتنع وأيضا تشكل معارضة معلنة لكل العملية السياسية وما يترتب من نتائج بفعل نشاطاتها ومؤسساتها.

   لكن في الاخر يفترض أن تقترن المقاطعة بعمل ميداني مؤثر يُعري سياسات قوى المحاصصة والتي كانت وستبقى فقط فعاليات لأجل تكريس تسلطها على رقاب الشعب ، وأعتقد إن وعيا ناميا عند الاغلبية من الشعب بدأ يظهر على واجهة الاحداث رافضا للعملية السياسية القائمة ولكل مخرجاتها تلك العملية التي أدت الى إنقسامات خطيرة في المجتمع قد لا تضمن بقاء وحدة الوطن، فمن يتصدى لتفعيل الرفض الى فعل يومي وسياسي يؤدي الى عزل قوى المحاصصة حتى التي تدّعي منها رفضها للمحاصصة أو مقاطعتها للإنتخابات بحكم صراعات مصالح بينها وبين قوى محاصصية أخرى وليس دفاعا عن وحدة وطن ومصالح شعب.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 15-12-2023     عدد القراء :  693       عدد التعليقات : 0