الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
8,508,293

اخفت المفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات، الرقم أعلاه عن حسابات نسبة المشاركة بالتصويت التي أعلنتها. ويصب إهمال (8,508,293) ناخبا من قيمة النسب المئوية في مصلحة طغمة الحكم، التي أرادت أن ترفع نسبة المشاركة زيفا في كل الأحوال، مهما كان حجم المقاطعة والعزوف. ويبدو انه قرار سياسي خادع قد اتخذته طغمة الحكم، فقد سبق ان عبر أحد اقطابها في لقاء متلفز عن ان نسبة المشاركة ستتعدى الـ 40%.

وعبرت مفوضية الانتخابات (المستقلة) عن انحيازها الواضح لاحزاب السلطة عندما قامت برفع نسبة الاقتراع، وذلك بهدف إخفاء فجوة عدم ثقة الشعب العميقة بهم والتي تتسع طرديا مع كل انتخابات، فالتلاعب بالحقائق وتزييفها وتغييب الملايين عن الحسابات يبرهن على ضعف المصداقية وفقدان الحياد.

الرقم أعلاه ليس رقما مجردا ومنسيا، بل تعبير عن مواطنين كفل لهم الدستور الحق في الانتخابات، كما جاء في المادة الدستورية 20 حيث نصت (للمواطنين رجالا ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتّع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح).

من الضروري التوقف عند حجم المقاطعة والعزوف، التي بلغت 73,3% كذلك التسرع عند الحسابات الدقيقة، وذلك بإدراج ثمانية ملايين ونصف المليون ناخب لم يراجعوا المفوضية للتسجيل البايومتري. وبهذا المعنى هم رافضون للانتخابات غير مكترثين بها. وأن عدم الاعتراف بالرقم الهائل الذي جعل نسبة المقاطعة والعزوف تصل الى 73,3%، كما ان التسرّع في اعلان نسبة تضليلية وفق معادلة خادعة، لا يخفي ضوء الحقيقة الساطع، فالنقل المباشر لمجريات يوم الاقتراع، على جميع شاشات التلفزيون، بيّن _ دون مواربة _ الضعف الملحوظ في إقبال الناخبين، بحيث كانت مراكز الانتخابات شبه خالية الا من القوات الأمنية وموظفي الاقتراع.

إن اتساع حجم المقاطعة والعزوف يؤشر تراجع الثقة الكبير بالعملية السياسية ومنهجها في المحاصصة وتدني مستويات الثقة بالآليات التي تتبعها لإضفاء الشرعية على السلطة السياسية، ما يتطلب التوقف  عند ذلك وتحليله، ودراسة ظاهرة العزوف والمقاطعة المتزايدة، التي تعبر  عن مزاج شعبي ساخط، غير راض، وغير مكترث، وممتعض، ومعترض على اداء طغمة الحكم، حيث الفساد والمحاصصة والبطالة والاقتصاد المشوّه وفقدان العدالة الاجتماعية، واحتكار السلطة، والاستحواذ على موارد الدولة.

ان الشعب الذي عزف عن المشاركة في الانتخابات، لن يصبر طويلاً على الضيم الذي لحق به، وحين لن يجد له تعبيراً حقيقياً في المجالس التشريعية وفي الحكومة التنفيذية وفي ظل أزمة المعيشة التي تطحن بالكادحين والفقراء والمهمشين، سيلجأ الى أساليب أخرى للتعبير عن إرادته الحرة، والدفاع عن حقه بالعيش الكريم، وقد يكون أسلوبه في التعبير عن كل الحرمان الذي لحق به، ثورة سلمية شعبية واسعة، تقودها معارضة شعبية يتوقع انتظامها،  وتهدف الى تغيير موازين القوى لصالح الشعب وحقوقه في العدالة والانصاف والعيش الكريم.

ان انتخابات تجري في ظل عدم تطبيق قانون الاحزاب، وعدم حصر السلاح بيد الدولة، وإدارة انتخابية منحازة الى الخطاب الإعلامي المراوغ الذي يجيده المتنفذون، وقانون سانت ليغو غير عادل، لا يمكن ان تنتج عنه انتخابات نزيهة، ولن

تقنع الشعب بعدالة التمثيل.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 20-12-2023     عدد القراء :  789       عدد التعليقات : 0