الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
التغيير الديمقراطي .. حتمية سياسية راهنة في العراق

   تتعدد سبل النضال التي يتطلبها انقاذ البلد الذي رمته مقادير الزمن الرديء في جهنم المحاصصة، التي لاتبشر الا بتقسيمه طائفيا وقومياً وافقار اغلبية شعبه الابي.. وليس من الصواب التفاضل بين هذه الطرق، او التسمرعلى ناصية احداها . انما كان قد تم ذلك موضوعياً بعد ان اختبر المسلك الكفاحي الذي يضمن اقل الخسائر. بمعنى اوضح، قد اصبح مكتسباً تزكيته من خلال التجارب المحكومة بظروفها من حيث المكان وزمان.. لابد ان نقوم باستدعاء ما تمت من مخاضات عن الاحداث التي مرت خلال عشرين عاماً التي شهد لها التاريخ. لكي نؤكد خيبة الاختيارات التي اشبعتنا فشلاً.

   هل اصبحنا مدعوين ان نقارن بين اساليب النضال ام ان شعبنا قد غلق صفحة الاختيار، لكونه قد نضجت لديه الرؤية واكتسب المعرفة الصائبة في تحديد سبيل نيل مبتغاه بالتحرر من قوى الظلم والهيمنة طيلة عقود دامية مر وما زالة يمربها مكابداً الامها.. فهل تضمن سبل النضال الجماهيري للتغيير التي تتجسد في حراك الشارع السلمي، اقل الخسائر المادية والمعنوي بالمقارنة مع جنبها الاخر المتمثل بالانتخابات، التي تصنف ضمن الوسائل السلمية ايضاً. لكونها تقتصر خسائرها على الحصيلة السياسية واالمعنوية في الاغلب.

   ستتضح الصورة عندما نعود لنتلمس نتائج انتفاضة تشرين الدامية ونقارنها بنتائج الانتخابات وخسائرها المعنوية ، وهنا لابد من ايضاح قد غدا مهماً ، لا يعني ان النضال من خلال حراك الشارع بات ليس واقعياً !!. انما لا يحظى راهناً بتوفر مستوى ضروري في اختمار الوضع الثوري لدى الجماهير، وتجربة الانتخابات التي بينت خمود النهوض الجماهيري خير دليل، ليس هذا فحسب، بل انعدام توفر القيادة الثورية الصلبة البنيان المحنكة سياسياً، التي تحسب لكل رد فعل متوقع ازاء اية نبضة نضالية في حراك الشارع الف حساب. فعندما تحسب الانتخابات باعتبارها الوسيلة الوحيدة المتوفرة للتغيير رغم كونها مخطوفة بالسلاح المنفلت، لايعني عدم التفكير بالوسائل الاخرى الاكثر صواباً منها.. انما تراكم عوامل النهوض لم تصل الى مستوى مهمة التغيير في اللحظة الراهنة .

   اذن ينبغي العمل على رفع الهمم وفقاً لمتطلبات المواجهة ، ولدينا شاهد انتفاضة تشرين العارمة غير انها لم تتسلح بالوعي الثوري وكانت مصابة بفقدان القيادة الجديرة واضحة الرؤية ومدركة لافق مسيرتها التي ينبغي ان تمتلك حصانة " كونكريتة " حيال الاختراقات من جحافل اعدائها . وكما ان ما يدعو الى اعتبار الانتخبات الوسيلة الوحيدة للتغيير، فهو يشكل دافع على ضرورة التحرك في غضون عشية حتمية التغيير لتضميد جراح الانتفاضة، كمرحلة نقاهة استغلالاً لخضم الحراك السياسي في الانتخابات او غيرها. وبالتوافق مع بناء اساسيات التغيير المدروسة.

   تتوجب الاشارة الى الدوافع التي تدعونا للقول : ثمة "حتمية التغيير " لان مخاضات تراكم اسباب الانفجار امست متسارعة وضاغطة كانعكاس لتصاعد الظلم، نتيجة لسوء ادارة نظام المحاصصة المنتج لافقار الجماهير الواسعة بالمقابل انتفاخ ثراء القلة الحاكمة ، وهذا ما يؤشر الى نشوب صراع طبقي خطير بين الاغلبية الفقيرة والقلة الحاكمة. وفي مثل هذه المرحلة ستفرض نفسها كافة وسائل النضال بمختلف مستوياتها سواء كانت سلمية باقل الخسائر او باكثرها وصولاً الى الوسائل العنفية. وان الفيصل بينها هو مستوى النهوض الجماهير الواسع ذات البعد الوطني الشامل الغاضب على تردي اوضاع البلاد والعباد. الذي لن يجعل المنتفض متوجساً الفشل هذه المرة قطعاً. حيث سلحته انتفاضة تشرين الباسلة بارقى تجربة نضالية..

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 09-01-2024     عدد القراء :  486       عدد التعليقات : 0