الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
اغلاق قضية الكناني قاتل الهاشمي سببها التقاعس الشعبي

بعد نشر مقالتنا السابقة التي قرأها الكثيرين لاحظنا مسارعة حكومة النظام الماسكة بخناق بلدنا الى اطلاق بعض الكلام عن انتخابات مبكرة وذلك لامتصاص الغضب الشعبي. وهو ما لم يكن ليحصل لو لم ينتابها شعور هائل بالذعر والهلع من ردة فعل شعبية يمكن ان تطيح بهم وبحكمهم. نقول بان هذا الغضب هو شيء جيد لكن كان يجب تجاوزه الى عمل فعلي.

   إن من النتائج الاخرى للتقاعس والخمول الشعبيين الذين ذكرناهما في المقالة السابقة هو ما اكتشفه الجميع مع خبر قاتل الخبير الامني هشام الهاشمي. فهذا وحسب ما كشفه الاعلام في خبر الاسبوع الماضي قد عاد من الخارج بطائرة لتسلم قرار تبرئته من المحكمة من التهم الموجهة له. واضاف الخبر بان الكناني كان خارج العراق منذ العام الماضي وتراجع عن اعترافه وعاد إلى العراق خصيصاً هذا الأسبوع عند إصدار الحكم حيث قضت المحكمة بأن مذكرة الاعتقال الأصلية غير شرعية. وبعد تبرئته، تم نقله مرة أخرى إلى خارج العراق عبر مطار بغداد رفقة فريق امني خاص تابع للحشد الشعبي.

   من الاخبار السابقة التي حصلنا عليها من البحث والتقصي قد انتبهنا الى محاولات فريق الدفاع عن القاتل السعي ليظهر وكأن تغيير اعترافات ايا كان هو مسألة تتعلق بشطارة فريق الدفاع حول الاجراءات لا اكثر. وثمة معلومات مهمة يجري التغافل عنها للدفع نحو نسيان تفاصيل القضية وتمرير امر اعلان براءة القاتل لاطلاق سراحه وتهريبه، منها إن الاعلام الرسمي كان بعد اعلانه القبض على القاتل وقتها قد اوضح ايضا بان الاجهزة الامنية قد تابعت سيارة القاتل بعد ارتكابه الجريمة من خلال كاميرات المراقبة (وقطعا ايضا السيطرات الامنية وإن لم يذكرها)، كاشفا لتفاصيل لا يمكن إلا لمثل هذه الاجهزة ان تعرف بها منها ان القاتل قد دار بسيارته عدة مرات في مناطق العاصمة وضواحيها التي ذكرت اسمائها كلها قبل ان ينتهي في منطقة البو عيثة التي انطلق منها بداية والتي هي مقر كتائب حزب الله العراقي. وهو عمل لا يمكن ان يستنتج من خلاله إلا بان من يقوم به هو شخص محترف يحاول التشويش على طريق هروبه. لذلك فلما يكون هذا القاتل قد اعترف بجريمته وبالتفصيل، يكون هذا الاعتراف قد جرى بناء على حقائق لا يمكن انكارها، وليس كما ادعى فريق الدفاع بانه قد جرى بطريق التعذيب او الاجبار كما جاء في اخبار القضية في وقت سابق. وبهذا لن يمكن للقاتل ان يغير اعترافاته بهذه البساطة لتجري تبرئته لاحقا من حكم الاعدام الصادر بحقه. وقد اكدت جهات مقربة مما يسمى بالفصائل العراقية امر اعترافه طوعا وبلا اجبار مثل الباحث البارز نبراس الكاظمي.

   ايضا من التفاصيل الاخرى مما وجدناه في الاخبار ما ذكره ضابط رفيع لموقع "ألترا عراق" قبل سنتين. إذ ذكر هذا بان عناصرا من كتائب حزب الله نقلوا المتهم من السجن دون أي احتكاك مع عناصر القوة الأمنية المكلفة بحماية المعتقل. وإن المتهم قد نقل فورا إلى خارج البلاد بجواز سفر وتأشيرة رسمية مشيرا إلى أن الجهات الأمنية العليا على اطلاع كامل بعملية إخراج المتهم وتهريبه إلى خارج البلاد، لكنها لم تتخذ أي إجراء. وهذه التفاصيل كانت قد ظهرت بعد اخبار توالي حالات غياب المتهم عن جلسات محاكمته.

   اضافة الى هذه التفاصيل ما وجدناه في اخرى وهي ما ذكر عمن وُصف من كونه مصدر سياسي مطلع على ملف القضية وإجراءات المحاكمة ايضا قبل سنتين. إذ قال بان الهيئة القضائية المكلفة بالقضية اي رئيسَي المحكمة والادعاء العام يتعرضان لضغوط وتخويف من قبل حركة كتائب حزب الله التي تقف خلف الضابط المتهم، وهو ما قاد إلى عدم حسم القضية حتى الآن بحجج واهية لا تستند إلى مبررات قانونية حقيقية. ولم يستبعد هذا المصدر إفلات المتهم من العقاب إثر تخلي مكتب رئيس الوزراء عن مسؤولياته وترك القضية تمضي بهذا الشكل. نقول نحن بان الواجب كان يدعو للتصدي لمحاولات منح صك البراءة لهذا القاتل بدفع من مرشده المعمم القابع في طهران وعدم الاكتفاء بابداء الغضب فقط. وانه ما كان لهذا القاتل ان يتمكن من الهرب بعد ترتيب امر براءته بهذه السهولة لو لم يكتف العراقيون بالغضب فحسب. وإلا فإن هذا التقاعس سيشجع نفس الجهة اياها لتعيد الكرة مع آخرين ولتحول العراق الى دولة قتل وإرهاب حتى اسوأ مما كان عليه الامر في فترة عصابة البعث.

   لذلك نعيد القول والتأكيد بان تطور قضية الكناني قاتل الهاشمي بهذا الشكل وتهريبه سببه التقاعس والخمول الشعبيين. ونضيف اليهم الممثلين النيابيين الذين جرى ايصالهم الى مجلس النواب. فهؤلاء جميعا هم قمم في الميوعة والتزام الصمت وغض النظر. ولا ندري على هذا ما الذي سيتبقى لهم بعد هذا من مصداقية في مجلس النواب. وكان يجب على قواعدهم الشعبية مطالبتهم جميعا بالقيام بعملهم في استدعاء رئيس وزراء حكومة النظام ووزير داخليته وممثل عن القضاء للاستجواب في مجلس النواب على خلفية هذا التهريب. وذلك لخيانتهم الامانة وحنثهم باليمين الدستورية. لكنهم آثروا الخمول وابداء الغضب فحسب.

   من النتائج الاخرى التي ظهرت لهذا التقاعس الشعبي ما قرأناه في الاعلام عن زيادة عديد الحشد غير الموالي للعراق والعميل لدولة اخرى، والذي يحتوي على الكثير من الجنود الفضائيين. وزيادة هذا العديد دون اي سبب لا يعني إلا محاولة مكشوفة لزيادة نهب المال العام لصالح دولتهم الداعمة. واحد النتائج الاخرى السابقة للخمول الشعبي والذي لم نرى اي اعتراض على حدوثه حيث مر مرور الكرام هو تغيير قانون الانتخابات العام الماضي تمهيدا لاعادة مجالس المحافظات المغية بالضغط الشعبي. هذا التغيير الذي لم يعترض عليه إلا بعض النواب في المجلس دون ان نرى اية ردود افعال شعبية، ولا حتى ردودا شاجبة من المنظمات المدنية. وموقف هذه الاخيرة الذي لو اذيع كان سيظهر حكومة النظام امام العالم الخارجي باسوأ صورة. كذلك لم نرى اية ردود افعال شعبية ضد تجاوزات رئيس المحكمة الاتحادية على صلاحياته والتي كتبنا عنها العام الماضي. وغياب ردود الافعال على تجاوزاته سابقا هو ما شجعه على تكرارها هذه الايام لاحقا. انه قطعا مع استمرار هذا الخمول والتقاعس سيأتي الدور مستقبلا نحو اعادة المدان طارق الهاشمي الى العراق بعد تبرئته وتقديم الاعتذار لهوشيار زيباري المقال سابقا لفساده. وكان في فترة ما قد اعيد تأهيل المطرود من وظيفته خالد العبيدي وزير الدفاع السابق لفساده ليؤسس حزبا ويدخل الانتخابات بمعيته. وهناك الكثيرين غيره ممن اطلق سراحهم على الرغم من وجود قضايا جنائية كبيرة بحقهم وآخرين اعيدوا من الخارج وجرت اعادة تأهيلهم دون احالتهم الى القضاء او باسقاط التهم عنهم. اننا عندما نبهنا العام الماضي بعدم وجوب الانفعال لم نعن به الخلود معه الى الخمول والتقاعس على العكس. فإن لم يتحرك احد ابعد من غضبه بشأن ما آلت اليه احوال البلد من ترد، لا يمكن التعويل عليه للتغيير. كذلك فاننا نشدد على وجوب ان يكون الحراك السياسي بمعزل تام عن ذوي العمائم. إذ لم يساهم في دفع البلد نحو التردي اكثر من هؤلاء. وإلا فما مصداقية احدهم وقد اشتهر عنه الادعاء ذات مرة بكونه مشروعا للشهادة وذلك بملازمته حارسا لحمايته بنفس وقت تلحفه بقماش ابيض ؟ وهذا غير هذا امتلاء حزبه بانواع الشواذ من اللصوص والارهابيين، وحيازته على سيارات فارهة وطائرة خاصة ؟ ان هذا وامثاله ليسوا جديرين بالثقة وقد احرقوا بالامس القريب كل اوراقهم وباتوا عراة امام الجميع.

   ختاما نقول بان السوداني رئيس وزراء النظام هو شخص لا يخجل من نفسه حيث انه يكذب عليها قبل ان يكذب على شعبه. فإن كان يتصور انه بالتغطية على تفاصيل حول هذا المجرم القاتل سيستطيع استغفال الناس ويضمن بقائه في السلطة، يكون واهما. ولعلمه فاننا كشعب لسنا ممن يمكن تصور إغرائه ببضعة مشاريع بنى تحتية مقابل سكوته عن امور خطيرة مثل هذه تمثل حنثا باليمين الدستورية وخيانة للامانة. وللناس نعيد القول والتشديد بان ما حدث مع المجرم القاتل وطريقة الافراج عنه وغلق قضيته لم تكن لتصل الى هذه النهاية لو لم يكن هناك من تقاعس وخمول عن تجاوز الغضب الى عمل فعلي.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 02-04-2024     عدد القراء :  399       عدد التعليقات : 0