الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
وجهان لامرأة واحدة
بقلم : عدوية الهلالي
العودة الى صفحة المقالات

العراقيات والتغيير
عن الاسبوعية
ما الذي تبدل في حياة المرأة العراقية بعد التغيير؟ وهل إن معاناة المرأة العراقية طوال عقود انتهت الى غير رجعة؟ وما الذي بقي في وجدان العراقيات من سنوات الحروب والمقابر الجماعية والبطش والتعذيب والحرمان.؟ «الأسبوعية» تحاول التحديق في وجوه العراقيات.

يكفي المرأة ان تحظى بحرية التفكير والحركة والتعبير والتنظيم، تقول هناء ادور رئيسة منظمة الامل الانسانية لأن ذلك مسألة جوهرية تقودها الى التحرر من كابوس الضغوط من دون ان تغفل التأثير السلبي لقيود المجتمع وتقاليده، إذ ان ظهور عشرات المنظمات النسوية ومساهمة المرأة فيها بشكل فاعل خطوة اولى نحو البناء.
ولا تنتقص سلوى محمد عباس/عضو رابطة المرأة العراقية وعضو سابق في معهد المرأة القيادية من أهمية دور المنظمات في تمكين المرأة من اطلاق صوتها والمطالبة بحقوقها، لكنها لا ترتقي الى الطموح في نظرها طالما أن مشاركة المرأة في العملية السياسية التي تعد من ابرز انجازاتها في هذه المرحلة لا تجد صدى وتأثيرا في ظل رفض العديد من السياسيين بلوغ المرأة المقاعد القيادية وتأييدها لها ظاهريا. وتضرب عباس مثلا على حرية التعبير بعد سقوط النظام بقدرتها على الترشح لانتخابات مجالس المحافظات ووضع صورها على الجدران من دون خوف لكنها تعود فتلقي باللائمة على المتنفذين في الدولة ممن يبعدون مئات النساء الكفوءات عن مراكز قيادية او فاعلة فضلا عن تنصلهم من دعم المرأة المقهورة عن طريق سن قوانين تحميها من تقاليد المجتمع البالية ونظرته القاصرة.
وبينما تعد الناشطة النسوية هناء ادور اتساع مشاركة المرأة في مجالس المحافظات بنسبة 25% نقطة لصالحها لوجودها مستقبلا في البلديات والاقضية والنواحي ومساهمتها بالتالي في تهذيب الآراء وتغيير النظرة المتخلفة الى دورها في المجتمع، تؤكد الناشطة النسوية وعضو مجلس نقابة الصحافيين سناء النقاش على صعوبة عملية التغيير بسبب حاجة المجتمع الى تغيير تقاليد وسلوكيات كاملة مشيرة الى تخوف معظم النساء واتكاليتهن التي يفرضها عليهن الواقع المعاش.

عوائق
قدمت المرأة العراقية طوال عقود تضحيات جسيمة بفقدانها زوجها واولادها في جبهات القتال او المقابر الجماعية، كما تعرضت لأقسى انواع البطش والتعذيب والحرمان والعوز، وانتظرت الكثير من المرحلة الجديدة. ولأن الارث كان ثقيلا جدا فقد حملت المرأة معها متاعبها المتوارثة لتلقيها على كاهل الحكومة الجديدة وما زالت تنتظر الحصول على حلول جذرية لها.
وتلخص الدكتورة امل عباس/ المتخصصة في علم الاجتماع، مشاكل المرأة العراقية بحرمانها من التعليم والسفر بمفردها، ومظاهر العنف المتمثلة في جرائم غسل العار و«النهوة» اي فرض تزويج الاهل للفتاة من ابن العم او القريب، رغم الفارقين الثقافي والاقتصادي، فضلا عن مشاكل الترمل والعنوسة والطلاق وتعدد الزوجات والاغتصاب والعنف الاسري والبطالة والفقر الذي يقود المرأة احيانا الى الانحراف.
واذا كانت آخر احصائية للجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة التخطيط العراقية قد أظهرت ان نسبة النساء غير المتعلمات وصلت الى 32,3% حتى عمر 10 سنوات بسبب التسرب من المدارس، فان عدد حالات الطلاق الحقيقية تجاوزت الاعداد الرسمية بكثير بعد انتشار ظاهرة الطلاق خارج المحاكم، ولا تزال نسبته في تزايد مع بقاء المشاكل الاقتصادية والاجتماعية عالقة من دون حل، كالبطالة وتعدد الزوجات والزواج المبكر وغير ذلك، في الوقت الذي تجمع المنظمات الدولية والاقليمية والوطنية ومنها مركز تطوير وتدريب الارامل- وهو احد منظمات المجتمع المدني –على تحديد أرقام مخيفة للارامل بوجود ما لا يقل عن ثلاثة ملايين ونصف مليون ارملة في العراق.
تحمل «أم احمد» رزمة من الاوراق يوميا لتخوض جولتها ما بين المجلس البلدي في منطقة سكنها في حي العامل ومجلس محافظة بغداد للحصول على الراتب المخصص للمهجرين بعدما غادرت منزلها قسرا تاركة فيه رائحة ذكريات زوجها المغدور على أيدي العصابات المسلحة، في الوقت الذي تنفق العديد من الارامل مبالغ كبيرة لأتمام معاملة قبولهن في شبكة الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية للحصول على معونة شهرية لاتتجاوز (50) الف دينار. ولا تحبذ «ام احمد» فكرة المقارنة بين الماضي والحاضر إذ تقترن المرحلة الجديدة لديها بفقدان الزوج الذي لم يكن ظلا لها فحسب، بل كان معيلها وصائن كرامتها– على حد تعبيرها- كما تؤكد على دور الامان والضمان الاجتماعي في إعادة الثقة الى المرأة العراقية بحياتها الجديدة مشيرة الى تأثير عملية تعديل رواتب الموظفين على استقرارهم النفسي والاجتماعي. من جانبها، تشعر «لمى» المتخرجة من كلية الآداب قبل ثلاث سنوات بالاحباط والعجز لمكوثها في المنزل طوال تلك الفترة من دون وظيفة.
واذا كانت المرأة الآن تناضل لانتزاع الموروثات والمخلفات البالية العالقة في عمق التركيبة الاجتماعية التي تجعل دورها ثانويا وتنتهك من كرامتها كشريك أساس، بحسب تعبير سميرة الموسوي رئيس لجنة المرأة والطفل والاسرة في مجلس النواب، فان المجتمع العراقي شأنه شأن الكثير من دول العالم في امس الحاجة الى رؤية استراتيجية شاملة للتغيير من خلال الخروج من دائرة التنظيرات والدراسات الى الواقع العملي وتطبيق نتائج الدراسات والبحوث ومراعاة حقوق الانسان.
ولا يتحقق نجاح ما ذهبت اليه الموسوي ما لم يصر الى سن قوانين تحمي كرامة المرأة وحقها في الحياة والعمل مع إقامة مشاريع انتاجية واستثمارية لتفعيل الايدي النسائية العاملة المعطلة بهدف اكساب المرأة سلاحا فاعلا لمواجهة مصاعب الحياة، فضلا عن توفير فرصة التعليم لمساعدتها على استيعاب ما تتطلبه منها مرحلة البناء والتغيير.

  كتب بتأريخ :  الأحد 05-04-2009     عدد القراء :  4371       عدد التعليقات : 0