الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مذبحة الطوبجي..
بقلم : عبدالمنعم الاعسم
العودة الى صفحة المقالات

لماذا المندائيون

/صحيح ان مذبحة الصاغة المندائيين في حي الطوبجي سُجلت على "معلوم" سُميَ تمييزا عن اجناس المذابح الاخرى بـ"الجريمة المنظمة" لكن لا ينبغي ان نترك القضية، هكذا، قبل ان نعيد التذكير بجملة من الحقائق تضع هذه الجريمة في موضعها المطلوب:
/اولا، ان عصابات الجريمة المنظمة(وهي تشكيلات احترافية وبمواصفات دولية) تنفّذ الى ارادات اخرى في مشغل السياسة والصراع، ووضعت(وتضع) نفسها في خدمة جميع العناوين المتصارعة، من زمر الارهاب الى المليشيات، الى قوى العملية السياسية، الى القوى الدولية الفاعلة ودول الاقليم والجوار، وطبقا لمعلومات محدودة، فان ثمة مكاتب تنسيق معقدة (بين هذه وتلك) تتولى عقد صفقات (وخدمات) وتتخذ من عواصم في المنطقة مجالا لانشطتها.
/ثانيا، ان اختيار (ملعب) الصابئة المندائيين للتمرين الدموي المروع في هذا الوقت(إذ تصاعدت وتائر العنف) لا يدع مجالا للشك في ان مذبحة الطوبجي محسوبة بدواعي الصراع السياسي الذي يخوض المشروع الارهابي احد (اقول: احد) فصوله في العراق، عدا عن انه يقدم خدمة(هل هي مجانية؟) لجميع المراهنين على عودة المشهد الامني الى ما قبل حملة فرض القانون.
/ثالثا، ان اعلان السلطات القبض على العصابة التي نفذّت المذبحة ترك ارتياحا في الشارع، وربما بين اسر الضحايا ايضا، غير ان ثمة تجويف في الخطاب الرسمي بقي مثيرا للقلق، بتقليل(وتجاهل) الاثر الذي تركته الجريمة على اتباع الديانة المندائية في العراق، وهي شريحة مسالمة ومنتجة ومدينية ولصيقة بالهم الوطني العراقي، واشد ما يثير القلق، هو محاولة تسويق تفسير استفزازي بان الجناة لم يكن لتعنيهم هوية الضحايا قدر ما كانوا يستهدفون الذهب والمال، وان الجهات المعنية قامت بواجبها على اتم وجه، والقضية بعد ذلك "اخذت مجراها القانوني نحو العدالة" فيما المطلوب هو تنظيم تعبوية منهجية تستهدف تبشيع الجريمة وابعادها، من جهة وكشف المعلومات التي حصلت عليها السلطات الى الراي العام لتبصيره وتطمينه وكسب ثقته وتعبئته ضد الجريمة المنظمة وحماتها واصهارها.
/اقول، ربما لا يعرف الرأي العام العراقي (لكن السلطات تعرف) ان الالاف من الاسر المندائية في بغداد والمحافظات اعتكفت (وتعتكف) في منازلها منذ الاعلان عن المذبحة، شعورا منها بان ثمة من يعدّ لمذابح جديدة ضدها، ويخطط لكي تدفع هي، قبل غيرها، ثمن الاستقرار النسبي الذي تحقق في البلاد، والكثير من ابنائها ووجهائها يشعرون بالاحباط والحيرة ازاء المستقبل فيما يتلقى الكثيرون تهديدات بوجوب الاجلاء عن السكن أوالابتعاد عن المزاحمة في الاعمال والمواقع والمصالح.
/ثمة في طيات هذه القضية مشروع ظلامي، سواء نُفذ على يد عصابات الجريمة المنظمة او  شركائها في انتاج العنف يستهدف تفريغ العراق من الوانه ومكوناته.. واحلال عراق الغابة محله.
ـــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ــــــــــــــــ
" أسعد أيام البشر هي تلك الصفحات غير المكتوبة  في كتب التاريخ"..
ليوبولد فون رانك           

mm14mm_(at)_yahoo.com

  كتب بتأريخ :  الخميس 23-04-2009     عدد القراء :  4028       عدد التعليقات : 0