همام عبد الغني
كنا مساء يوم السبت 4-2-2012 مع باكورة النشاط الثقافي للجنة الثقافية في الجمعية المندائية في مشكَان , ومع الدكتورة لبنى رحيم الجادري , استاذة علم النفس , ونائبة رئيس جمعية العلماء العراقيين في الخارج, والعضوة الفاعلة في جمعية علماء النفس الأمريكية , في محاضرتها الموسومة " في بيتنا آنسة " .
ان العنوان الموفق للمحاضرة , شدَّانتباه الجميع منذ الأعلان عنها , حيث انه يشير الى مرحلة عمرية مهمة من حياة بناتنا واولادنا في سن المراهقة , ولهذا امتلأت قاعة النشاط الأجتماعي في الجمعية بحشد كبير من ابناء الطائفة ومن ابناء الجالية العراقية في ديترويت , كان في مقدمتهم القنصل العراقي في ديترويت السيد مصطفى خليل الربيعي , وعدد من وسائل الأعلام
وبعد ان رحب د . غسان صباح عطية رئيس الهيئة الأدارية للجمعية , القى السيد باسل همام مسؤول اللجنة الثقافية كلمة اللجنة , وقدم السيدة المحاضِرة للجمهور .
تناولت د . لبنى الجادري الموضوع باسلوب ادبي جميل ومبسط , واشارت في المقدمة الى ان مرحلة المراهقة تشمل الجنسين , إلا انها ركزت على الفتاة المراهقة , "بسبب حساسية وضع الفتاة وخصوصيتها في الأسرة الشرقية " ورسوخ وتأصل القيم والأعراف والتقاليد الشرقية لدى الوالدين " كما ان الفتاة , وخاصة ضمن العوائل الوافدة حديثاً , تعتبر حلقة رخوة في التماسك الأسري ". كما صححت , ومنذ البداية, وجهة نظرنا عن " مرحلة المراهقة "التي نعتبرها سلبية بوجه عام , حيث اشارت الى ان علم النفس يعتبرها مرحلة " اقتراب الفرد من النضج العقلي والجسمي والأنفعالي والأجتماعي , وهي مرحلة ذهبية تأتي مرة واحدة في حياة الأنسان " .
واشارت المحاضِرة الى ابرز الفلاسفة والعلماء الذين تناولوا هذه المرحلة , ففي الوقت الذي يرى ارسطو " ان المراهقين تستولي عليهم النزوات وهم عدوانيون وليس من السهل السيطرة عليهم " يرى افلاطون " ان المراهق يميل الى الجدل في كل صغيرة وكبيرة , ومخالفة رأي الوالدين , وباسلوب جاف وحاد احياناً ". أما فرويد فيشير الى التغيرات الجسمية والنفسية للمراهق , وبروز أل "أنا "في هذه المرحلة . واشار أريك اريكسون الى ان اهم التحديات التي تواجه المراهق هو تحدي تحديد الهوية " من انا ؟ والى اين اريد الذهاب ؟ وما هي القيمة الحقيقية في الحياة ؟ " . وأكد على خطورة هذه المرحلة , والتي قد تصل الى حد الأنتحار , حين لا يجد من يساعده على الأجابة عليها .
وبعد هذه المقدمة تنتقل الباحثة الى سلوك الفتاة المراهقة الذي يتجه للتشكل والتنظيم مع سنوات المراهقة ومراحلها , التي قسمتها الى ثلاثة مراحل , 1- المرهقة الأولية بين سن 10-13سنة , 2- المراهقة المتوسطة بين سن 14-16 , 3- والمرهقة النهائية بين سن 16-18 سنة واحياناً تمتد الى 20-21 سنة . ولكل من هذه المراحل تكويناته وسلوكياته , وهي تكوينات تكاملية تتقدم مع سنوات المرحلة , إلا انها تحتاج الى الصبر والتحمل من جانب الوالدين , لأحتواء تقلبات المراهقة وسلوكياتها . حيث تبدأ جوانب الوعي الديني والأجتماعي والأخلاقي بالتكوين والنمو . وهذا يطرح على الوالدين ضرورة " الشرح والتبسيط والحوار والصبر , وتوفير الأمثلة والأدلة المقنعة ", والأبتعاد عن "ضخ المعلومات التاقصة في عقلها المتفتح " .
وفي هذه المرحلة يبدأ تأثر الفتاة بالمحيط الخارجي " الأصدقاء والمدرسة والتكنولوجيا الحديثة " , وهذا يوجب على الأسرة الأنتباه لما يحيط بابنتها , لتجنب التأثيرات السلبية التي تحيط بالفتاة , لكن ذلك يتطلب الكثير من الصبر والأناة والهدوء لعبور المرحلة .
وانتقلت السيدة المحاضرة الى التغيرات التي تطرأ على الفتاة المراهقة , في الجانبين , الجسمي حيث حيث تحصل تغيرات واضحة على الفتاة , والعقلي حيث تبدأ المراهقة " بالتحول من التفكير المادي الى التفكير المجرد " حيث " يبدأ التفكير الموجه الى الخارج , القادر على التأمل للذات وللمحيط الخارجي وتحسس النواحي الجمالية " كالرسم وسماع الموسيقى والتصميم والقراءة " وتظهر الزيادة في الذكاء العام , وهذا ينعكس في التفكير النقدي والمطالبة بالأدلة , يبدأ ميل الفتاة المراهقة لبنات جيلها , وحتى لمن هنَّ اكبر منها سناً , لشعورها بالتغيرات التي طرأت عليها جسمياً .
والى جانب كل ذلك تبرز أمام الشابة المراهقة , وكذلك الشاب , بعض المشكلات المتمثلة بالقلق والخوف والأضطرابات الجنسية , وضعف القدرة على اتخاذ القرار , وبعض الأضطراب بالشخصية , مما يضع على عاتق الوالدين مسؤولية التوجيه وتبديد المخاوف باسلوب علمي .
وفي ختام المحاضرة شخصت الباحثة بعض الحلول والمقترحات لأجتيازالمراهِقة هذه الفترة بهدوء وسلوك سليم , لخلق شخصية متوازنة ونافعة , من خلال : اقتناع الوالدين بأن هذه المرحلة مؤقتة سيجتازها المراهق او المراهقة من خلال الصبر في التعامل معه , وكسب ثقته من خلال النقاش الهادئ والصادق , والمحافظة على خصوصية المراهق وتجنب نشر تفاصيل التغيرات الحاصلة لها أو له , وتجنب السخرية من تصرفاته الخاطئة , إن حصلت , وان يكون الوالدان قدوة حسنة للفتاة او الشاب المراهق , والأبتعاد عن اسلوب المقارنة بالفترة التي سبقت المراهقة , او مع مراهقين آخرين , وفسح المجال لهم للتعبير عن آرائهم في حياة الأسرة والمجتمع , مع التنبيه الى مواطن الخلل وبحذر مناسب .
وقد اعقب حديث السيدة المحاضرة , عدد من المداخلات والأسئلةمن جانب الجمهور , اغنت المحاضرة , وقد اثنى الجميع على الدكتورة لبتى والأسلوب العلمي المبسط والواضح الذي تناولت من خلاله هذا الموضوع المهم والحساس .
تحية لأبنة الطائفة د . لبنى رحيم الجادري , وشكراً لها لهذا الجهد التوجيهي المتميز