الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
أنا وعفيفة اسكندر
السبت 08-12-2012
 
نبيل رومايا

مرت هذا الاسبوع الذكرى الاربعينية لوفاة الفنانة العراقية الاصيلة عفيفة اسكندر، وكان الكثير من الكتاب قد كتبوا عنها وعن حياتها الحافلة التي تجاوزت التسعين عاما، والتي عاصرت فيها حقب تاريخية وسياسية مر بها شعبنا العراقي طيلة تلك الفترة.

وجرت الاشارة الى صالونها الفني والادبي والذي كان يحضره أبرز رجالات السياسة والادب والفن والثقافة في البلاد، والذي كان يقع في منزلها الفخم في عرصات الهندية في منطقة الكرادة "خارج" حسب ما كانت تسمى في حينها.

ومنزلها هو الذي دفعني للكتابة عنها لاستذكار فترة قصيرة من طفولتي ربطتني بالفنانة عفيفة اسكندر. فقد كانت عائلة والدي "بيت رومايا" من الاوائل الذين سكنوا منطقة عرصات الهندية والتي كانت مزارع للخس في وقتها، وفي خلال سنوات قليلة توسع العمران في تلك المنطقة وبنيت البيوت الفخمة في كل اراضي المنطقة والتي لم تتجاوز عن 450 قطعة ارض.

كان بيتنا في نهاية شارع سمي لاحقا بشارع "مدرسة ابن حيان" لوجود مدرسة بهذا الاسم في بدايته. والى جانب بيتنا بني بيت واسع وضخم على قطعة ارض "كورنر" . وهذا البيت اقتنته وسكنت فيه الفنانة عفيفة اسكندر، وهكذا اصبحت الفنانة عفيفة اسكندر جارتنا.

في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي كنا مجموعة من الاطفال والصبيان من المنطقة  نلعب الكرة  "الطوبة" في حديقة دارنا، وكثيرا ما كانت الكرة تقع في حديقة جارتنا عفيفة اسكندر والتي كانت حديقة جميلة مليئة  بأنواع الورود الملونة،  على عكس حديقة بيتنا التي كانت مليئة  بأشجار الفواكه بكل انواعها. وكنت انا طبعا الذي يعبر السياج الواطئ بين بيتنا وبيتها لاسترجاع الكرة، وفي كثير من الاحيان تكون هي في حديقتها ونتجاذب بعض الكلمات حول الاهل والمدرسة.

وكانت الفنانة عفيفة اسكندر تحب الاطفال بشكل كبير ربما لأنها لم ترزق بأطفال من زوجها، وكانت كريمة وعطوفة مع الاطفال في المنطقة وهذا انعكس على عدم مشاكستها واحترام بيتها من قبل اولاد الحارة.

في احد الايام جاء سائق جارتنا الفنانة عفيفة الى بيتنا ومعه بطاقة دعوة رسمية لحضور حفل صغير للأطفال فقط في بيتها.  وفي عصر يوم الحفل البسني اهلي اجمل ملابسي "قاط صغير" وذهبت الى بيت جارتنا عمة عفيفة. وفي احدى قاعات البيت "ربما كانت قاعة صالونها الفني" اختلطتُ مع مجموعة صغيرة من الصبية والبنات، توسطتهم الفنانة عفيفة، وقضينا ساعات مع الفنانة عفيفة اسكندر بين اللعب والحديث واكل الحلوى والمرطبات.  وكان شغفها وحبها لنا يتجلى من خلال كرمها واهتمامها بنا، وكانت تجلس مع كل منا وتتحدث معه وكأننا جزء من عائلتها.

واستمرت هذه الجيرة لفترة من الزمن الى أن اخذت الحياة كل الى طريق مختلف.  وقد كانت فترة العهد الملكي هي فترة النشاط الاكثر للفنانة عفيفة واستمرت بشكل أقل بعد ثورة 14 تموز ولكن انحسار عطائها بدأ بعد انقلاب شباط 63، ويقال ان حكومة البعث في النهاية صادرت بيتها. وعاشت عفيفة اسكندر بعدها الى اخر ايامها في شقة في منطقة الكرادة.

رحلت عنا الفنانة القديرة عفيفة اسكندر والتي عاشت في ايام الزمن الجميل، ايام الفن والابداع، ايام كان الفنانون والشعراء والمبدعون جزء اساسي من تقدم وتطور المجتمع، ايام كنا ننام على "السطح" ونحمل اجهزة الترانزستر "الراديو" معنا لنستمع الى الاغاني الجميلة ونحلم بغد افضل.

مفارقة: قبل ايام جدد احد القياديين في احدى التيارات تهديده للحكومة العراقية بالدعاء عليها إذا لم تصدر قرارا يقر اللاءات الأربعة في احدى مناطق بغداد الكبرى، واللاءات هي لا للتبرج ،لا للغناء ،لا للخمر، لا للقمار.

رحم الله زمنا كانت ناسه تقول لا لتقييد الفكر، لا لتقييد الاختيار، لا للغباء، لا للعودة للوراء.

ورحم الله الفنانة عفيفة اسكندر والذي كان حبها للعراق وعطائها له منبعا لم ينضب.

Nabil_Roumayah@yahoo.com

 
   
 

د. علاء فائق

مقالة جيدة نبيل تمتعت بقرأتها
كنت أتمنى ولو لم تنهي المقالة بذلك الشكل
لان المقارنة ستحدث لذهن القارئ ...
أتمنى لك و للعائلة أحلى الأيام
تحياتي


علي رفيق

عزيزي
قرأت لك موضوعة "العمة عفيفة" اعجبت به الى المزيد من الجهد الابداعي
تقبل تقديري ومودتي
علي رفيق


احمد نعيم الطائي

عزيزي نبيل قرأت كلماتك انا وعفيفة اسكندر في صحيفة طريق الشعب وحلقت معها الى عبق ذلك الرجع البعيد الذي كانت تزهو به بغداد بالرقي والجمال والأنس ، تقبل تحياتي واشواقي لكم ولجميع الاخوة في الاتحاد... من قلب بغداد الحبيبة - كرادة مريم


نبيل يونس دمان

عزيزي نبيل رومايا: جميل هذا الذي كتبته عن عفيفة اسكندر، واصل الكتابة على هذا النمط من الذكريات، وحبذا لو كنت محتفظ بصورة تجمعكم في بيت الفنانة الخالدة، تحياتي
نبيل يونس دمان


ماجد قسرو

الاخ رومايا
ذكريات دافئه وجميله لفنانه قديره اما بصدد اللاءات فكما غنت عفيفة جوز منهم لاتعاتبهم بعد جوز شلك عدهم ناس ماعدهم عقل جوز منهم


غدير نعمة محمد

استاذ نبيل كان الفنان عباس جميل يمر من هذا الشارع شارع ثانوية ابن حيان كنت أحد طلابها . وكنا نلتقيه وكان بسيطاً جداً فهل يذهب لعفيفة ؟؟؟ ياليتنا كنا نعرف ونحن أبناء الصرائف وكان معنا الكردي والمسيحي والايزيدي واليهودي والصابئي والتركماني والمسلم الشيعي والسني وكنا لا نفرق ولا نعرف هكذا تسميات ونضحك ويضحك معنا عباس جميل !!!!! يالها من حياة لن تعود. لقد تقمصها المتخلفون؟؟؟


وئام سلمان

سطور مضمخة بالوفاء والعرفان والحنين لبغداد الذكريات الحلوة/ سلم قلمك اخي العزيز نبيل رومايا وستبقى الفنانة الرائدة عفيفه اسكندر رمزاً لحقبة كانت بها الذائقة العراقية تحترم الفن والجمال وتصونهما./// تحياتي ومحبتي الاخوية


عماد ضياء

شكرا نبيل على مقالك حول عفيفة إسكندر
نقطة مهمة يجب أن تقال بحقها أنها كانت عفيفة نفس فعلا وشريفة في مواقفها ورفضها للبعث وبرغم كل الضغوط القاسية والتهديدات التي تعرضت لها
ومن نتائج ذلك حرمت من دخول الإذاعة والتلفزيون وأتذكر في حفلة غنائية للطلبة دعيت إليها في الجامعة المستنصرية كنا نستمع إليها ومتونسين الى أن بدأت مجموعة الإتحاد الوطني للطلبة البعثي بالصراخ وإجبارها على ترك المسرح ذلك كان في 1971 على ما أتذكرز أتمنى أن تنشر هذه الحقيقة عن هذه الفنانة الشريفة العفيفة فعلا والرائعة كإنسان وكشخصية عراقية أحبها الناس بعفوية وأحبتهم وكانت أغانيها تغني وتعشق من كافة طبقات المجتمع


هاشم مطر

كتابه رائعة مفعمة بالحرارة تزينها الذكريات والجوانب الانسانية الكبيرة. احسنت الكتابة استاذ نبيل. تحياتي ومحبتي




اقـــرأ ايضـــاً
في اربعينية كوكب 12 ايار/مايس هذا النص
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
كفة رئيس البرلمان تنحرف داخل الإطار لصالح مرشح المالكي محمود المشهداني
بيئة كوردستان: انبعاثات "النشاطات البشرية" أكبر عوامل التغير المناخي
"ليس هناك خطأ".. منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة
أخطر مهربي البشر.. سلطات كردستان تعلن اعتقال "العقرب"
تعليق أمريكي على تخريب "مساعدات غزة"
مصر تلغي اجتماعاً مع مسؤولين عسكريين اسرائيليين
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة