الى الأب العراقي المجاهد، الى من كافح وصبر واحتمل المآسي، الى من ضحّى بروحه وشبابه، الى من أفنى عمره يكدح ويربي، الى من أضاء شموع المحبة بين أولاده وهو يحثهم على التفوق والإبداع على العمل والإخلاص.
الى من تلاطمته أمواج الحروب والحصار والإرهاب، وهو يغوص لكسب العيش، وبناء مستقبل الأبناء والبنات، لإيجاد سكن ومستقر.
منذ أكثر من خمسين عاماً لم تذق طعم السعادة، هي لحظات وشذرات في خضم أيام الحزن الطويلة، لكنك وقفت شامخاً ترفع بيد علم العراق، وتمسح بالأخرى عرق التعب، وآهة الألم، وعلامات الحزن، توزع البسمة في وجوه الأحبة.
في يومك العالمي أيها الأب العراقي، أحييك من قلب صادق وأشدُ على يدك السمراء، يدك التي تعارك صعوبات الحياة، وأدعو لك بالعمر المديد والعيش السعيد، وأدعو الأبناء والبنات ليقبلوا أيادي آبائهم، ويبروا بهم، ويحسنوا إليهم، فهم عمود الأسرة، وسورها المنيع، وادعوا الأباء ايضاً للحنو على أبنائهم وبناتهم، والحرص على التعامل معهم وفق المبادئ التربوية السليمة والقيم السماوية الراعية لحقوقهم.
في هذا اليوم أخاطب روح والدي رحمه الله وأقول:
"والدي، وسندي، ما زلت نوراً يضيئ دربي، ما زلت شعاراً في حياتي، ما غبت عني أبداً، ولا غابت مبادؤك ولا قيمك، ليت كل الآباء مثلك، مثل حنانك وجهادك وصبرك، مثل حبك لي ولأخوتي وأخواتي، ليتهم يزرعون ما زرعت فينا من حب لله والإيمان به، من حب الوطن وقدسيته، والحنين الى ترابه في لك لحظة، زرعت فينا القيم العراقية الأصيلة التي ما افنكت تطوقنا، فمهما أخذتنا امواج التغيير، تشدّنا قيمك الى جذورنا العميقة، والدي الحبيب: كم اتوق الى تقبيل يدك، الى سماع صوتك يرتل كلام الله فجراً وعند الغروب، الى دعاء الصباح، وصلاة الليل.
اتوق إليك محاضراً بين طلبتك وطالباتك، الى رؤية قلمك وهو يسحر الآخرين بعباراته الرقيقة وكتاباته الفريدة، وعلمه الغزير، اتوق إليك وانت تردد قول الله كلّما رأيت نخلة شامخة (والنخل باسقات لها طلع نضيد)."
لننتهز هذا اليوم، وليقبّلَ كل أبن وبنت يد الأب الحنون، ويحنو عليه ويحتضنه، ليزيل آلام الزمن، ويكون بذلك قد ارضى الوالدين وأرضى الله.