الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
بستان الفن يفقد مصدراً من رذاذه المنعش .. وداعاً محمد جواد أموري .!
الأحد 13-07-2014
 
علي فهد ياسين

مرة أُخرى يتقدم سرطان التصحر خطوةً في بستان العراق الفني والانساني , فقد ترجل أحد أهم الفرسان المقاومين له يوم أمس ليلتحق بركب المغادرين دون تعويض , تاركاً صفحاته المضيئة تراثاً يُقتدى , بعد خمسة عقود من جهده وأبداعه في تطريز لوحة الفن العراقي , بألوان الوجع المعتاد والبهجة الطارئة , في نشاطِ استقبله العراقيون بأحترام كبير وأضافوه الى خزينهم الثر الذي أنتجه مبدعيهم طوال تأريخهم الممتد منذ أول التكوين الى ماشاءت الدنيا .

خمسة عقود من الابداع الانساني الذي ابتدء بذرةً في هندية كربلاء ( ولد الراحل في قضاء الهندية عام 1935 ) وأينع عود ورد في معهد الفنون الجميلة في بغداد تحت اشراف استاذه الراحل ( أكرم رؤوف ) , تصدر خلالها الترتيب الأول على زملائه عازفاً لآلة ( الكمان ) , قبل أن ينتسب للفرقة السمفونية العراقية لستة عشر عاماً , أرتقى خلالها الى مقام العازف الأول في أختصاصه , بجدارة شهد لها الجميع في وقت لم يكن فيه للمجاملات على حساب الابداع موطئ قدم .

لقد توفرت للراحل ( ملكة الابداع ) العصية على الطارئين , من خلال اصوله المتشربة ( بالنواح الحسيني ) الذي وفرته جغرافية المنبت والدراسة الاكاديمية في بغداد , الخازنة لتراكم عقود من الحضارة العربية والاسلامية التي تربعت على دكتها وأحتضنت في رحمها خزائن الشعر والموسيقى, وتراثهما الذي صنعته أفواج المبدعين على أختلاف توجهاتهم وثراء ثقافات البلدان التي قدموا منها , فكان الراحل أحد فرسان المزاوجة بين الغناء الريفي العراقي الاصيل وغناء المدن التي تتقدمها بغداد عاصمة العراقيين الموروثة ثقافتها من أطراف الكون خلال عقود التأريخ التي يشهد لها الجميع .

لقد زرع الرجل وروداً بيضاء في قلوب ووجدان العراقيين , ستخلده في ذاكرتهم عن استحقاق يعترفون به ويحترمونه , وسيكون من الصعب أن تتلوث وروده الناصعة بعد غيابه مثلما كان من الصعب تلويثها في حياته , وليس أدل على ذلك من كلمات الوفاء والعرفان المغمسة بالوجع العراقي المعروف في مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة المكتوبة والقنوات الفضائية العراقية وبعض القنوات العربية وفاءاً لتأريخه المشرف .

المؤلم أن مجتمعاتنا الموبوءة بالفوضى , مجتمعاتنا التي تقدم الدمعة على الابتسامة , لازالت تعتقد أن السيف أكثر أمضاءاً من غيره لصناعة المجد , على ذلك لازالت الثقافة والفنون تتعرض الى التهميش والمضايقة وكأنها عدوة القادة السياسيين الفاشلين تحديداً , لأنها تمثل مرايا الشعوب , وهذه واحدة من مصائبنا التي كرست اساليب التضييق والتهميش على الانشطة الثقافية ورموزها العصية على الترويض , وليس أدل على ذلك من أن يتقدم خبر سياسي هزيل على خبر رحيل فنان موسيقي كبير مثل الراحل ( محمد جواد أموري ) , وهي معضلة كبيرة لازال اصحاب القرار السياسي يتجاهلونها رغم أهميتها في تصويب مساراتهم الخاطئة ناهيك عن أمكانية الاستناد عليها في البناء السليم للمجتمع  , وعلى هذا الاساس يضاف هذا الرحيل المفجع الى قائمة فواجعنا المتضخمة منذ نصف قرن .

الذكر الطيب للراحل محمد جواد أموري الفنان والانسان , والعزاء لعائلته ومحبيه .

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
رصد طائرات استمطار.. هل تسبب تلقيح السحب بفيضانات الإمارات؟
الأمم المتحدة: 19 ألف طفل يتيم بغزة بعد مقتل 6 آلاف أم
واشنطن وبغداد.. مواصلة البحث بشأن إنهاء مهمة قوات التحالف
على الرغم من الدعوات الدولية إلى ضبط النفس، إسرائيل تواصل التهديد وإيران تحذّر
السوداني يلتقي بايدن في البيت الأبيض
تقرير أميركي: 5 صواريخ إيرانية أصابت قاعدة "نيفاتيم" الإسرائيلية
التحالف الدولي أسقط 30 صاروخاً ومسيرة إيرانية في الأجواء العراقية
بعد الهجوم الإيراني.. مساع أميركية لاحتواء الرد الإسرائيلي
بينها عربية.. دول أقرت بالتصدي للهجوم الإيراني ضد "إسرائيل"
معضلة المياه مستمرة والموارد تحضر مذكرة تفاهم مع تركيا لحلها
الحرس الثوري يعلن قصف "اهداف مهمة للجيش الإسرائيلي"
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة