الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
كرستين لا تصدق أن الموتى في بغداد (لافتات سود عند مدخل المدينة)
الإثنين 15-09-2014
 
وكالات

كانت مصرة على أن تتجول في شوارع بغداد، وهي تُجري قصصها ميدانياً. وعلى الرغم من القلق الذي بان على وجهها، فإنها كابرت واستمرت بالتجوال.

بفضول الصحفي الزائر الساعي لمعرفة ما حوله، سألتني الزميلة الأجنبية كرستين عن اللافتات السود الموجودة في شوارع بغداد، لكنها سُرعان ما صرخت بتعجُب، عندما عرفت أنها لافتات تُعلق لإعلان حالات وفاة أهالي المدينة.

بدأت كرستين بالاشارة إلى تلك اللافتات، وهي تعدهن. لم أسمع منها سوى أنها وصلت للرقم "17"، لكنها لم تنته. اجتزنا اللافتات ودخلنا المدينة. حاولت أن تعود لتعدهن من جديد بصورة كاملة، لكني رفضت، ثم كررت ذات السؤال "مصطفى هل فعلا هؤلاء جميعهم ماتوا وهم أبناء هذه البلدة الصغيرة؟".

ربما لم تع حقيقة ما رأته حتى وهي تهم بتحضير حقائبها للعودة إلى ديارها، وبقي الشك يراودها، ثم عادت من جديد لتقول برسالة عبر الإيميل "مصطفى لم أصدق أن بلدة صغيرة تضم مئات البيوت تفقد ما يقارب عشرين شخصاً في شهر واحد!!!".

عند مداخل جميع مناطق بغداد ينشغل المارة بقراءة اللافتات السود المكتوبة باللونين الأبيض والأصفر، وهي تحمل أسماء المتوفين، وأسباب وفاتهم، ومحل إقامة مجلس العزاء لهم، لكنها في ذات الوقت نذير شؤم للزائرين إذ يستهلون دخولهم بتفاصيل حرب وموت.

حصدت التفجيرات التي شهدها العراق ما بعد 2003 والمتواصلة حتى اليوم، مئات الآلاف من العراقيين. ولا يكاد يوم يمر من دون أن تشهد البلاد فيه تفجيرات يذهب ضحيتها عشرات الأبرياء من نساء وأطفال وشباب.

"الشهيد السعيد" هي الصفة الأبرز بعد عام 2003 في لافتات الموت. يمنحها أبناء الطائفة الشيعية لموتاهم الذين قضوا بتفجير او اغتيال او مواجهات.

يقول فلاح الناصري، وهو شيخ معمم شيعي، إن "هذه الصفة نمنحها لأبناء المذهب الذين يلقون حتفهم في العمليات الإرهابية".

ويضيف في حديث لـ"العالم الجديد"، "إيماناً منا بأن الحرب التي يتعرض لها الشعب العراقي باطلة، لذلك فان كل من يموت فيها هو شهيد".

وتذكر منظمة "إيراك بادي كاونت" البريطانية في تقرير أصدرته في آذار 2013، أي بعد مرور 10 أعوام على دخول القوات الأمريكية للعراق، أن بين 112 و122 ألف مدني قتلوا في أعمال العنف المتواصلة في العراق، فيما بلغ مجموع من قتلوا ومن ضمنهم المقاتلون والعسكريون نحو 170 ألف شخص.

وفي 2013 قتل - بحسب أرقام وزارات الصحة والدفاع والداخلية - حوالي 7154 في أعمال العنف المتفرقة، وهو أعلى معدل سنوي رسمي منذ العام 2008 حين قتل وفقا للمصادر ذاتها 8995 شخصا.

ولا يمر شهر على محمّد الفتلاوي، الخطاط في منطقة الحرية، دون أن يخط ما يُقارب 20 إلى 30 لافتة استشهاد.

ويقول الفتلاوي لـ"العالم الجديد" إن "هناك منافسة كبيرة بين الخطاطين، وهذا دليل على أن الموت ازداد".

أغلب اللافتات التي توضع عند مداخل المدن في بغداد، لم تكن لموتى رحلوا بسبب أزمة مرضية أو موت مفاجئ، بل بتفجير ما، او اغتيال، او حالات تنطبق عليها صفة "الاستشهاد".

وبعد اندلاع الأزمة السورية في 2011 ذهبت فصائل "شيعية" مسلحة بدافع حماية مراقد أهل البيت في سوريا وفي مقدمتها مرقد السيدة زينب. ولم تكن عملية الدفاع تلك سهلة، فقد ذهب ضحيتها مئات الشبان العراقيين الذين يُنعون يومياً في لافتات سود عند مداخل مدنهم.

الأزمة التي يشهدها العراق الآن، فاقمت حالات الموت اليومي، فلا نشرة لأخبار تنتهي من دون حديث عن موت.. ولا منطقة خالية من مجالس عزاء.. إنه العراق.

الدهشة التي أصابت كرستين لم تنته، فكتبت لي مؤخراً عبر الإيميل "لم أصدق ما رأيته.. هل ان الموت عندكم بهذه السهولة؟".

فكتبت لها:

مساء الخير عزيزتي كرستين.. من الضروري أن تُصدقي ما نعيشه كعراقيين.. فوجودي معك الآن ربما سينتهي بعد لحظات بفرشاة خطاط يكتب فيه "المرحوم مصطفى سعدون" الذي ذهب ضحية تفجير إرهابي.

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
مراسم "طواف كرجال" عند الإيزيديين في دهوك
ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
اتفاق بين العراق وتركيا.. تخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود
أردوغان يعلن نقطة تحول في العلاقات مع العراق ومباحثات واتفاقات تخص العماليين والمياه
العراق وتركيا وقطر والإمارات.. توقيع مذكرة تفاهم رباعية للتعاون بـ"طريق التنمية"
زيارته الأولى منذ 13 عاما.. ماذا يحمل إردوغان في جعبته للعراق؟
الفصائل تتمرد على الحكومة وعلى تفاهمات واشنطن: يدانا ليست مكبلة بالأوامر الرسمية !
يوم الأرض العالمي، 22 نيسان 2024
شقيقة الباحثة الإسرائيلية المختطفة بالعراق "تهاجم" السوداني في واشنطن
انتصار نقابي تاريخي لموظفي فولكسفاغن في الولايات المتحدة، ونقطة تحول تزيد من رهانات الانتخابات في ألاباما
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
رصد طائرات استمطار.. هل تسبب تلقيح السحب بفيضانات الإمارات؟
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة