الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
في أول حديث صحفي لنجل المدعي العام لمحكمة الشعب المرحوم ماجد محمد امين
الإثنين 27-10-2014
 
حاوره / علي الكناني

في أول حديث صحفي لنجل المدعي العام لمحكمة الشعب : والدي أصّر على تطبيق الحكم بحق عبدالسلام عارف

كانتِ المصادفة وحدها هي التي قادتني لان التقي واتعرف على المهندس ((رواء)) الحاصل على شهادة البكالوريوس في هندسة النفط عن طريق الصديق الباحث والمحامي رؤوف الصفار صاحب مجلس الصفار الثقافي في الكاظمية والذي تربطه به صداقة وطيدة مضى عليها سنوات طوال. وكانت المفاجأة بان المهندس رواء هو نجل المرحوم ماجد محمد امين الذي طالما تردد صدى صوته الجهوري في قاعة محكمة الشعب حينما كان يشغل منصب الادعاء العام فيها بعد ثورة 14 تموز عام 1958 لمحاكمة رجال العهد البائد انذاك ، والذي تعرض للقتل في اثناء مقاومته رجال السلطة ابان الانقلاب الذي حصل في شباط عام 1963 ضد النظام الثوري الذي كان يقوده الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم انذاك. من جانبنا انتهزنا فرصة اللقاء هذه لتسليط الضوء على مسيرة والده المرحوم ماجد محمد امين الذي كان يعد واحدا من الضباط الاحرار البارزين الذين شاركوا في الثورة واحداثها. حاولنا في البدء ان نتعرف من خلال نجله على جانب من تفاصيل وملامح سيرة وحياة المرحوم ماجد محمد امين منذ بدايتها حيث قال:

ولد والدي المرحوم ماجد محمد امين عبد الله الامامي في مدينة النعمانية التابعة لمحافظة واسط عام 1922، وقد واصل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية فيها، ليقبل بعد ذاك في الكلية العسكرية في بداية الاربعينات وحصل على شهادة الماجستير في العلوم العسكرية، حين كان برتبة رائد.

ثم واصل دراسته الجامعية في كلية الحقوق والاركان ليتم تعيينه بمنصب آمر لأحد الأفواج في منطقة جلولاء بعد ان حصل على رتبة رائد ركن وليتزوج بعدها في عام 1948 ثم انتقلنا الى مدينة الحلة حيث يسكن اخوالي واهل والدتي. برغم انه مكان عمله كان في منطقة جلولاء. وفي الخمسينيات كان والدي قد انضم إلى مجموعة الضباط الاحرار وقد وثق ذلك في المصادر التاريخية ومنها كتاب عن ثورة تموز عام 1958 للباحث ليث عبد الحسن الزبيدي. وفي عام 1957 شارك في احدى دورات الهندسة العسكرية في الولايات المتحدة الامريكية وحصل فيها على المرتبة الاولى على اقرانه وانجز الدورة بفترة قياسية ولكن للأسف الشديد تعرضت الوثائق والصور والمستندات الخاصة به الى التلف والحرق والدمار بعد دهم ما يسمى بالحرس القومي عام 1963 الى دارنا اثر الانقلاب الذي حصل في ذلك الوقت.

وكيف تمت مفاتحة الوالد (رحمه الله) للاشتراك بالثورة؟

لكون والدي هو احد الضباط الاحرار فقد فاتحه احد اصدقائه المقربين ويدعى (ابو شوكت) وهو من الاخوة التركمان ومعروف بنزاهته ووطنيته واخلاصه للاشتراك بهذه الثورة وقلب نظام الحكم، فوافق من دون تردد، حيث التقى عدداً من الضباط من بينهم العقيد الراحل فاضل عباس المهداوي رئيس محكمة الشعب بعد ثورة 14 تموز المجيدة. وقد توطدت معرفته وصداقته بوالدي ابان تلك الفترة، مما شجعه على الاشتراك بهذه الثورة وكنا حينها نسكن في مدينة الحلة وانتقلنا بعدها الى بغداد للسكن في منطقة راغبة خاتون. وأود ان أشير هنا إلى إن والدتي كانت على علم واطلاع ببعض الأسرار التي كان يبوح والدي بها إليها ومنها ما كانوا يخططون له بخصوص اسقاط النظام الملكي وانضمامه إلى حركة الضباط الاحرار .

اذن كيف تعرف والدكم على الزعيم عبد الكريم قاسم ؟

كانت لوالدي معرفة سابقة ببطل الثورة وزعيمها الراحل عبد الكريم قاسم ، حيث تعرف عليه، خلال اشتراكه في معارك فلسطين عام 1948. والذي كان ضمن قطعات احدى وحدات الهندسة العسكرية اضافة الى تعرفه هناك على عدد اخر من الضباط الاحرار. وعلى البرغم من كوني كنت صغيرا في السن الا انني تعرفت فيما بعد على الكثير من التفاصيل عن هذه الثورة عن طريق والدتي ومطالعاتي للمصادر والكتب التي تناولت تلك الفترة. وبعد نجاح الثورة تم تشكيل محكمة الشعب واختيار المرحوم فاضل عباس المهداوي رئيسا لها ووالدي كمدع عام.

وهناك سألت المهندس (رواء) ان يحدثني عن بعض ما حصل في محاكمة الرئيس الاسبق عبد السلام محمد عارف الذي كان احد المشاركين بالثورة 14 تموز عام 1958 بحسب ما تشير المصادر التاريخية ثم واتهامه بالتامر على سلامة الثورة والزعيم فقال :

من المواقف التي لا تنسى عن تلك الفترة هي اصرار والدي على تطبيق حكم المحكمة الذي صدر بحق عبد السلام محمد عارف لاتهامه بالخيانة العظمى الا ان المرحوم عبد الكريم قاسم رفض تطبيق هذا الحكم بحقه وطالب بتخفيفه الى السجن، وقد حدث ذلك بعد جلسة المداولة التي دارت بين المرحوم فاضل المهداوي رئيس المحكمة ووالدي، وامام اصرار والدي على تطبيق وتنفيذ الحكم بحق عبد السلام عارف اضطر المهداوي للاتصال بالزعيم عبد الكريم واخباره بالامر، وعندما طلب الزعيم من والدي تخفيف عقوبة الاعدام عن عبد السلام رفض ذلك قائلا له ان هذا الشخص سوف يكون اول من يتامر عليك ولذلك ارجو قبول استقالتي. فصدر الحكم على عبد السلام بالسجن بدلا من الاعدام. ولم يكن والدي حاضرا لحظتها في قاعة المحكمة وبقي جليس المنزل لمدة خمسة عشر يوما. وعلى اثرها زارنا الزعيم في بيتنا ليطلب من والدي سحب استقالته والعودة للمحكمة، وفعلا بعد ايام عاد والدي الى عمله. تقديراً للزعيم ومكانته عنده. وقد دخلت يومها الى غرفة الاستقبال لاجد نفسي امام زعيم الثورة فاستقبلني بابتسامته المعهودة واجلسني في حجره ثم سألني عن دراستي حيث كنت يومها في الصف الرابع الابتدائي، فقبلني وشجعني على ان اكون الأول على اقراني في الدراسة

ثم حدثنا المهندس رواء عما يتذكره عن الانقلاب الذي حصل في 8 شباط عام 1963 قائلا:

ما زلت اتذكر ذلك اليوم المشؤوم من صباح يوم الجمعة وكان قد حل علينا شهر رمضان المبارك وكنا صائمين برغم صغر سننا وقد جلست مع اخوتي الاخرين لمشاهدة افلام كارتون من التلفزيون. وكان والدي يتأهب للذهاب مع صديقه ابو شوكت لغرض الصيد وهنا رن جرس الهاتف ليطلب احد الاشخاص التحدث مع والدي، ليعلمه بان هناك محاولة انقلاب ضد الحكم، فدخل والدي على الفور الى غرفته واستبدل ملابسه، بملابس مدنية اخرى واخفى تحت قميصه مسدسه الشخصي، وهنا قد أحس ساعة الوداع الاخيرة والابدية قد حانت فقبلنا الواحد بعد الاخر وهمس في اذني وقد اغرورقت عيناه بالدموع بان اهتم بوالدتي واسمع كلامها ولا اخالف لها امرا واوصى بقية اخوتي كذلك بهذا الامر. فخرج برفقة صديقه ابو شوكت الذي كانت سيارته على ما اذكر نوع (مسكوفج حمراء) الا انه لم يخبرنا بوجهته، وقال لوالدتي بان سائقه الشخصي المرحوم كاظم سيأتي الينا لنقلنا الى مكان اخر، كما طلب من جنود الحماية الموجودين قرب دارنا بعدم المقاومة حرصا منه على حياتهم والذهاب الى عوائلهم فيما لو تعقدت واشتدت الامور. وبعد اسبوع تقريبا اذاع التلفزيون خبر مقتل والدي وهو في طريقه الى الصويرة والنعمانية في منطقة تقع بين الصويرة والزبيدية بعد ان تعرف عليه احد الاشخاص في احدى نقاط السيطرة وقد قاوم بسلاحه رجال السلطة وتمكن من قتل عدد منهم مما ادى الى تكثيف النيران عليه في أثناء مطاردته في احد البساتين فتمكنوا منه، وهنا اود ان اشير الى إن هناك شائعات قد ترددت في حينها تدعي بانه انتحر ولكن استطيع ان اجزم هنا بالنفي ومستحيل ان يقدم على مثل هذه الخطوة وذلك لانه انسان مؤمن ويخشى الله سبحانه وإلا ماكان ليقاتل ويدافع عن نفسه، ولكن مع الاسف الشديد الى اننا وحتى الان لم نعثر له على قبر او شاهد سوى انه دفن في المكان الذي استشهد فيه وهذه الحالة المؤلمة شملت جميع الضباط الاحرار الذين شاركوا في الثورة وضحوا بانفسهم من اجل وطنهم واستقلاله وحريته. اما اخر رتبة حصل عليها فكانت رتبة عميد والتي لم يمض عليها سوى شهر واحد تقريباً.

قلت للمهندس رواء ماجد محمد امين، لنعد الى لحظات خروجكم من المنزل بعد مجيء سائق والدكم الشخصي المرحوم كاظم فأضاف قائلاً: بعد ان اوصى والدي (رحمه الله) والدتي قبل خروجه الاخير بان نذهب مع سائقه الخاص المرحوم رئيس عرفاء كاظم مريوش بسيارتنا المدنية باتجاه دار جدي في منطقة النعمانية وفي حالة تعذر ذلك الذهاب الى الحلة حيث بيت اخوالي. وفعلا توجهنا الى الحلة لانه كانت هناك صعوبات امام طريقنا للوصول الى النعمانية في مدينة الكوت. وبعد ان ذهبنا بصحبته الى منطقة بغداد الجديدة حيث بيت عمّي عاصم وحامد اللذين كان احدهما قائداً لاحدى الفرق العسكرية في ذلك الوقت ولكن للاسف الشديد رفضاً استقبالنا وتضييفنا في دورهم خوفا من السلطة الجديدة حيث اعربوا بصراحة مخجلة رفضهم استقبالنا مما ادى الى قطيعتنا معهم بشكل نهائي والى يومنا هذا.

ما علاقة الصحاف بعائلة ماجد محمد أمين؟

لقد عرفت خلال اللقاء بالمهندس (رواء) بان والدته هي شقيقة محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام في حكومة النظام السابق اي هو خاله، فسألته ان يحدثني عن ابعاد هذه العلاقة معهم فقال: بعد ان رفض اعمامي استقبالنا جاءنا خاليّ محمد سعيد الصحاف وشقيقه فاهم وكانوا يبحثون عنا وقلقين علينا، خالي محمد كان احد المشاركين في هذا الانقلاب. فاصطحبونا الى مدينة الحلة وبقينا فيها لسنوات ثم عدنا الى بغداد. وبرغم المحاولات العديدة من قبل سلطات النظام السابق عن طريق خالي محمد لاستقبالنا من قبل رئيس النظام السابق إلا ان والدتي رفضت هذا الامر وقد تعرضت للمساءلة والتحقيق لمرات كثيرة من قبل الجهات الامنية في زمن النظام السابق بسبب والدي الذي اتشرف بالافتخار به وبمواقفه الوطنية الشجاعة. وكان كل ذلك من اجل الاستفزاز والاهانة المتعمدة.

وما طبيعة العلاقة التي تربطكم بعوائل وابناء بعض اصدقاء الوالد من ضباط الثورة؟

كانت لنا علاقة طيبة جدا بعائلة المرحوم فاضل المهداوي والمرحوم جلال الاوقاتي الذي اغتيل هو الاخر في منزله. وبعد الانقلاب الذي حصل بسنوات ، التقينا السيدة زوجة المهداوي وذلك بين عامي 1966-1967 في بغداد حين كانوا يسكنون في منطقة الكرادة، وقد بحثت السيدة الفاضلة ام نضال عنا كثيرا حتى عثرت علينا وزارتنا في بيتنا في المنصور برفقة ابنتها الكبيرة نضال الحاصلة على شهادة الدكتوراه بالادب الروسي والتي كانت تعمل في وزارة الثقافة والاعلام سابقا اضافة الى شقيقها مناضل حيث ان للمهداوي اربعة اولاد وبنت واحدة وهم مناضل وثائر وفراس وفرند وعلاقتي جيدة بفراس الذي كان يزورنا باستمرار في بيتنا واود ان اذكر هنا ايضا ان لوالدي علاقة طيبة وجيدة بالاديبين فخري وناجي جواد الساعدي اللذين كانا يضيفانا في البساتين العائدة لهم في كربلاء. برغم ان والدي كانت له علاقة جيدة بالسيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية الحالي، الا اننا لم نلتق احدا سوى السيد مجيد حميد موسى امين عام الحزب الشيوعي العراقي وطلبنا الوحيد من حكومتنا الحالية هو رد اعتبار لوالدي وبجميع الضباط الاحرار الابطال الذين باتوا طي النسيان ولا يتذكرهم احد.

ومن الجدير بالذكر ان للمرحوم ماجد محمد امين ابناء آخرين اضافة الى رواء، الدكتور ولاء تولد 1949 وهو برفيسور في طب الاسنان ورئيس قسم الاسنان في الجامعة الاردنية وثناء وهي معلمة متقاعدة مواليد 1950 وسلام ويحمل شهادة الدكتوراه في طب وجراحة الامراض النسائية وهو من مواليد عام 1952 وثائر وهو متخصص في هندسة طب الاسنان وحاليا في الدنمارك ومحمد رفعت ونداء وهي مهندسة معمارية كانت تعمل في المطار ابان عهد النظام السابق وتركت العمل لكثرة المضايقات التي كانت تتعرض لها من قبل السلطات الامنية آنذاك. أما اخر العنقود فهو صارم وهو مهندس مدني يعمل لحسابه الخاص..

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
رصد طائرات استمطار.. هل تسبب تلقيح السحب بفيضانات الإمارات؟
الأمم المتحدة: 19 ألف طفل يتيم بغزة بعد مقتل 6 آلاف أم
واشنطن وبغداد.. مواصلة البحث بشأن إنهاء مهمة قوات التحالف
على الرغم من الدعوات الدولية إلى ضبط النفس، إسرائيل تواصل التهديد وإيران تحذّر
السوداني يلتقي بايدن في البيت الأبيض
تقرير أميركي: 5 صواريخ إيرانية أصابت قاعدة "نيفاتيم" الإسرائيلية
التحالف الدولي أسقط 30 صاروخاً ومسيرة إيرانية في الأجواء العراقية
بعد الهجوم الإيراني.. مساع أميركية لاحتواء الرد الإسرائيلي
بينها عربية.. دول أقرت بالتصدي للهجوم الإيراني ضد "إسرائيل"
معضلة المياه مستمرة والموارد تحضر مذكرة تفاهم مع تركيا لحلها
الحرس الثوري يعلن قصف "اهداف مهمة للجيش الإسرائيلي"
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة