مرثف - مشيكان: جاء في النظام الداخلي لمنتدى الرافدين للثقافة والفنون والذي تأسس قبل أكثر من ثلاثة اعواما: "يرى المنتدى إن ثقافة كل بلد هي انعكاس لواقع تاريخي وحضاري وسياسي واقتصادي واجتماعي، وأنها تتغير بتغير هذا الواقع، وأن للمبدعين دور فاعل في تقدم المجتمع وازدهار الوطن."

كذلك جاء في توجهاته العامة: "يدعم المنتدى الفنانين والمبدعين من ابناء الجالية ويشجع الناشئين منهم واعطائهم الفرص لتقديم انتاجهم للجمهور. ويحافظ منتدى الرافدين على التراث والفولكلور العراقي الاصيل، ويسعى لتواصله للأجيال القادمة."

وجاء حفل استذكار الفنان العراقي الرائد صالح الكويتي الذي اقامه المنتدى يوم الجمعة 24 نيسان 2015، افضل ترجمة لهذه التوجهات والتي ضمت الفنانين والمبدعين من ابناء الجالية، في حفل رائع من اجل المحافظة على التراث والفولكلور العراقي الاصيل، والسعي لإيصالها  للأجيال القادمة.

ولد الفنان العراقي الاصيل الرائد صالح الكويتي في الكويت عام 1908 لأسرة يهودية من أصل عراقي. في عام 1929 قرر صالح واخيه داوود الانتقال نهائيا إلى بغداد حيث عملا كعازفين في الملاهي البغدادية.

تميز صالح الكويتي بألحانه الرائعة وعزفه المميز. اشتهر في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي بوضع الالحان الخالدة لمعظم مطربي ومطربات تلك الحقبة امثال سليمة مراد وزكية جورج ومنيرة الهوزوز وسلطانة يوسف وبدرية أنور وجليلة ام سامي وعفيفة اسكندر وراوية ونرجس شوقي وزهور حسين، كما وضع الكثير من المقدمات واللزمات الموسيقية لداخل حسن وحضيري أبو عزيز. كما كان من معجبيه الفنان محمد عبد الوهاب والسيدة ام كلثوم والتي غنت له اغنية كَلبك صخر جلمود. في عام 1951 تم إسقاط الجنسية العراقية عن الشقيقين صالح وداود وتم ابعادهما عن العراق الذي احبوه واحبهم.

طرح الفنان المبدع رعد بركات، احد الاعضاء المؤسسين لمنتدى الرافدين، فكرة اقامة حفل استذكار لصالح الكويتي منذ فترة طويلة، وكانت هذه الامسية بمثابة حلم تحقق له، وكانت بصماته في كل جوانب الحفل، وادار الامسية بكفاءة وابداع.

زيّن المسرح جدارية كبيرة حملت صور المبدعين الرواد الاوائل الذين قدموا عطاءا كبيرا للثقافة والابداع العراقي.

افتتح الامسية الاستذكارية الفنان رعد بركات مرحبا بالحضور وشاكرا منتدى الرافدين لدعمه لإقامة هذه الامسية.

حضر الحفل نجل الفنان صالح الكويتي سليمان صالح الكويتي وعقيلته واللذان حضرا هذا الحفل خصيصا من خارج الولايات المتحدة بدعوة من منتدى الرافدين للثقافة والفنون.

وابتدأت مسيرة الطرب والتراث والفن الجميل مسطرةً تاريخ الاغنية البغدادية كما لحنتها انامل صالح الكويتي واصوات الفنانين العراقيين الاوائل.

وابتدأت الامسية بمشهد في مقهى "كَهوة" عراقية قديمة ابطالها نادل المقهى الفنان (أكرم السبع) والطالب (طلعت المندوي) والذي يعشق الفن والتراث، ويتوق الى لقاء صالح الكويتي.

ويلتقي الطالب مع صالح الكويتي والذي لعب دوره الفنان (طاهر بركات)، وتدور بينهما محاورة تاريخية موسيقية غنائية، قُدمت من خلالها فقرات الحفل المتنوعة.

وارتقى المسرح مجموعة من الفنانين المبدعين الذين قدموا اغاني والحان صالح الكويتي بإداء رائع ومهنية عالية، حملوا معهم الحضور في رحلة تراثية طربية بغدادية لم يعودوا منها الا في ساعات الصباح الباكر.

صعد الى المسرح وبشكل دوري يتماشى مع حبكة الحوار بين الطالب وصالح الكويتي كل من الفنانين المبدعين سوسن كيزي نجار ورعد بركات وطاهر بركات وعباس العطار وصباح سلمان وثائر العزازي، مقدمين تراثا عراقيا اصيلا بأصواتهم العذبة وادائهم المتميز.

وعزفت فرقة أوروك التراثية الموسيقية الحان الرواد صالح وداوود الكويتي بإداء عالي وامكانيات متميزة. وتكونت فرقة أوروك من الفنانين المبدعين قصي عبد الجبار ونشوان فاضل وحيدر فيصل ومحمد لفتة وعباس طبانة وفادي عزيز.

قدم الفنان أنس ربيع هدية المنتدى للسيد سليمان صالح الكويتي.

في كلمته قال السيد سليمان صالح الكويتي: "انه ممكن ان يخرج الناس من العراق ولكن من الصعب ان يخرج العراق من الناس." مستذكرا غربة والده صالح الكويتي عن العراق.

حضر الحفل جمع غفير من محبي الثقافة والتراث العراقي من ابناء وبنات جاليتنا الكريمة.

جرى توثيق الامسية من قبل الفنان حسن حامد.

وشاركت الفنانة التشكيلية فاطمة الحسيني بمجموعة من لوحاتها.

واشار الفنان رعد بركات في ختام الحفل مقدما الفرقة الموسيقية والفنانين قائلا: "هذا عراقنا بكل الوانه واطيافه واديانه مجتمعا لاستذكار نغم الزمن الجميل، نغم الحب والسلام، هذا عراقنا في قلوبنا وفي وجداننا، لن نتركه."

نبيل رومايا

منتدى الرافدين للثقافة والفنون

نيسان 2015