ضيّف اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين وضمن منهاجه الثقافي الاسبوعي الاربعاء الماضي الباحث آشور ملحم في محاضرة بعنوان (قراءة جديدة لاعياد نيسان اكيتوا في بلاد الرافدين ـ دراسة لغوية تراثية مقارنة).

واوضح مقدم الجلسة الشاعر ابراهيم الخياط ان هذه الاعياد شكلت حيزاً مهماً في الحياة اليومية لأبناء بلاد الرافدين من الكلدانيين والآشوريين والسريان، وهي بالأصل اعياد زراعية وطقوسها موغلة في القدم ، الا انها اصطبغت بالطابع الديني ظناً منهم ان عملية الاخصاب وذبول النباتات وجفاف الأرض سببها قوى خارقة اطلقت عليها تسميات مختلفة. وقد مورست هذه الشعائر والاحتفالات في حضارات عدة معظمها تلتقي في طقوس الزواج المقدس كل حسب بيئة التي انعكست في معتقداته بشكل او بآخر. لافتاً الى ان هذه الاحتفالات اتخذت منحىً سياسياً في بلاد الرافدين بهدف إعلاء شأن السلطة الحاكمة حتى اصبحت فيما بعد من الاحتفالات التي تقام لغرض توحيد الشعب في احتفالية موحدة غايتها توحيد الايمان والكلمة والاعتراف بوحدانية الحكم المطلق المستند الى وحدة الكلمة والمصير. ولإثبات شرعية النظام كان لابد من تذكير الشعب لممارسة تلك الاحتفالات التي غايتها الطاعة المطلقة للمؤسسة الساسية الممثلة بالملك الذي يعد ممثل الآلهة على الارض.ثم قدم الخياط لمحات من سيرة المحاضر مبيناً انه من مواليد الانبار 1945 الحبانية، خريج معهد الطيران المدني لعام 67 وحاصل على بكلوريوس آثار جامعة بغداد. عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الادباء وعضو تحرير مجلة (مابين النهرين) التراثية وأمين مكتب شؤون الثقافة السريانية. ونشر بحوثاً ومقالات ودراسات مقارنة عدة في اللغة والتراث.وفي محاضرتة اشار ملحم الى ان اعياد نيسان لها دلالاتها في الفكر الرافديني، وان جميع الحضارات القديمة تقع ضمن مدار السرطان، ومعظمها اعتمدت الزراعة الديمية (البعلية). مبيناً ان كلمة (بعلية) هي بالاصل وثنية لكنها تستعمل لدى الفلاحين. وقال: ففي الصين مثلاً عندما ينقطع المطر او يتأخر عن موعده يبدأ الكهنة وبمشاركة من الشعب بتلاوة أدعية وصلوات لأجل هطول المطر، وفي النهاية يأخذون برمي سهام مشتعلة لإخافة إله المطر. وفي الهند تأخذ العملية منحىً سلمياً ، فبعد اقامة الصلوات وتقديم البخور والقرابين يقدس الماء من خلال وضعه في اناء ومن ثم يغطس به غصن شجرة ويرش على رؤوس الكهنة والناس والاشجار وهو نوع من محاكاة الطبيعة لعملية الاستمطار. اما في بلاد الرافدين فقد وجدت آثار هذا الطقس في حضارة سامراء منذ الألف السادس قبل الميلاد. مبيناً انه عثر قرب سامراء على اوانٍ طقوسية تدل على ممارسة هذه الطقوس حتى قبل هذا التاريخ حيث كان يجري الاحتفال بيوم الاول من نيسان بمناسبة عيد رأس السنة البابلية الآشورية (اكيتو).. وتؤكد الدراسات التاريخية للسومريين بانهم هم من قاموا بتنظيم الشؤون الزراعية والتجارية والادارية والدينية والعسكرية في ممالك المدن في ارض شنعار، وكما يقال بان الحاجة أم الاختراع فكانت الحاجة تقتضي ان يجدوا ما يعزز هذا التنظيم لتحديد مسار أزمنتهم فكان قياس الوقت مدخلا لمعرفة التاريخ الشمسي وتحديد السنة الشمسية . وهكذا تم تحديد اول ايام الربيع واول ايام الخريف.. ولاننسى بان السومريين هم من اخترعوا الكتابة قبل اكثر من 5300 سنة التي بدات بشكل كتابه صورية رمزية تعبيريه تطورت مع الزمن الى الكتابه اطلق عليها الكتابة المسمارية كوسيلة لتدوين الافكار والابداعات الانسانية فكانت المسمارية اولى الابجديات في التاريخ القديم، وادى الترابط بين اللغة السومرية وبين اللغات الاكّدية والبابلية والاشورية وكذلك اللغة الهتية والاخمينية الى كتابة لغة المتكلم بها بخط مسماري، وهكذا تمكنوا تدوين تجاربهم في مجال علم الطب والادب والفلك وقد تطورعلم الرياضيات السومرية بفعل اكتشاف الابجدية تطوراً كبيراً.