لمناسبة الذكرى السنوية لثورة الرابع عشر من تموز 1958 والتي اطاحت بالنظام الملكي واعلنت النظام الجمهوري، نظم اتحاد الادباء والكتّاب العراقيين ندوة بعنوان (ثورة الرابع عشر من تموز والثقافة) وذلك ضمن منهاجه الثقافي الاسبوعي ليوم الاربعاء الماضي. وجرى خلال ذلك إلقاء كلمات لعدد من الادباء والباحثين. اضافة الى قراءات شعرية وعرض فيلم وثائقي من اعداد الروائي والاعلامي توفيق التميمي تضمن لمحات من سيرة الزعيم عبد الكريم قاسم مركزاً على محاولات الاغتيال التي تعرض لها. وبيّن مقدم الجلسة الناقد علي الفواز ان هذه الثورة تعد مرحلة مهمة في التاريخ السياسي والثقافي والاجتماعي لقيمتها المتمثله في رموزها الوطنية وقوانينها ومنجزاتها التي تحققت خلال اربع سنوات من عمرها. مشيراً الى ان رمزية الزعيم قاسم بوصفة قائداً لهذه الثورة قد اثارت الكثير من الجدل حوله باحثة عن اجابة بعد سبع وخمسين سنة، هل كان الزعيم بطلاً سياسياً أم شعبياً أم انموذجاً عسكرياً. وقال: البعض يرى ان الثورة اصبحت من حصة التاريخ بعد ان اسهمت في تفجير المعاني الثورية وتأجيج الرفض لدى الشعب العراقي، بعد ان وصل الواقع السياسي والاجتماعي الى مرحلة الانهيار، فكانت الثورة رد فعل طبيعي للكثير من التداعيات.في حديثه ، اوضح الناقد فاضل ثامر ان الثورة استطاعت خلال اربع سنوات من تحقيق انجازات خيالية تعجز أية دولة عن تحقيقها في هذا الوقت الوجيز. مشيراً الى ضرورة استذكار الشهداء الابطال الذين ضحوا لأجل انجاح الثورة. وقال: البعض يحاول ان يشكك في اصالة الثورة ويحاول ان يجمل صورة الأسرة الملكية وحتى صورة نوري السعيد. لكن القضية التي لا خلاف فيها هو انه اصبحت هناك حاجة ضرورية لاجراء تغيير جذري في بنية المجتمع الذي رزح تحت الاحتلال البريطاني لفترة طويلة، وتحت سطوة نظام شبه اقطاعي، وسياسات كانت تخدم المخططات الغربية، آخرها كان دخولنا في حلف بغداد المشبوه. لافتاً الى ان للجيوش اصبحت مسؤولية معينة في حركة التحرر الوطني وقد قامت ثورة 52 بقيادة جمال عبد الناصر باسقاط النظام الملكي، ما أدي الى دفع الكثير من البلدان للاقتداء بهذه التجربة من خلال ايكال دور متميز للقوات المسلحة لتحقيق تحول وطني جذري يعبر عن حاجة الشعب. والدليل على ذلك هو قيام جميع اطياف الشعب مع الثورة لحظة قيامها ونزولهم الى الشوارع مما يدل على ان هذه الثورة تعبر عن حاجة اساسية لا يمكن التشكيك بها لحظة واحدة في كونها ثورة جماهيرية حقيقية.فيما أوضح القاص حسين الجاف ان ثورة الرابع عشر من تموز قد اعادت للشعب العراقي اعتباره الانساني والثقافي بين شعوب العالم، فقد قام الزعيم قاسم بتأسيس عدة مؤسسات ثقافية ولأول مرة في تاريخ العراق بينها مصلحة السينما والمسرح وقد اختار لها رئيساً الفنان يوسف العاني صاحب عمل ( آنا امك يشاكر) عام 57 والذي يعد صرخة بوجه ما كان يتعرض له مناضلو العراق، كما اختير الروائي العراقي ذنون أيوب رئيسا للمديرية العامة للاذاعة والتلفزيون، وجعل تلميذ انيشتاين الاستاذ عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة، وقد اعترض عليه احد رجال الدين في وقتها لأنه من الصابئة المدائين، فكان جواب الزعيم له بأنه لم يختره اماماً لجامع، ولكن مكانته العلمية تؤهله بجدارة ليكون رئيس جامعة. وجعل الاستاذ اكرم فاضل وهو دكتوراه في القانون الدولي والفنون الشعبية مديراً عاماً للثقافة والفنون الشعبية، وغيرهم من الكفاءات التي تم وضعها بعناية فائقة لاستثمار خبراتها في تطوير الوطن واعلاء شأنه ومنهم شاعر الاطفال بهجت الأثري بجعله رئيساً للأوقاف. وقال: في آخر زيارة لي لبيت المرحوم الاستاذ سالم الآلوسي ذكر لي بان الزعيم قاسم يعد انزه وافضل وانظف وأعظم زعيم للعراق.من جانبه ذكر مؤرخ وموثق الثورة هادي الطائي بان الزعم قاسم بكل ما يعنيه من رمزية وطنية توجه قاصداً بيت الشاعر الجواهري بعد يومين من الثورة، وذلك لما كان لقصائده من أثر من قيام الثورة. مشيراً الى انه لم يكن الوحيد وانما ايضاً الرصافي من قصائد ديوانه التي كان يوجه بها العثمانيين، وايضا الشاعر بحر العلوم في قصيده (أين حقي). ولفت الى ان الروائي الايطالي البرتو مورافيا وغيره من مثقي ومفكري العالم عبروا عن دهشتهم واشادتهم بالثورة واعدورها جوهرة في مطاف الثورات العربية.