الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
البياتي يتحدث عن نازك : افكارها ثابتة .. ولاتقبل المناقشة
الأربعاء 31-12-1969
 
المدى
تكبرني نازك الملائكة بثلاث او اربع سنوات حيث تخرجت في دار المعلمين العالية ايضا قبل دخولي اليها بثلاث او اربع سنوات لكنها في انتمائها تنتمي الى بغداد اذ انها من عائلة دينية ادبية معظم افرادها يكتبون الشعر
فوالدها صادق الملائكة (رحمه الله) كان استاذي في الاعدادية المركزية أي قبل دخولي لدار المعلمين العالية وكان يكتب الشعر ويعشقه وهو الذي حببني في كتاب الاغاني لابي فرج الاصفهاني اذ كان يقرأ لنا فصولاً كثيرة من هذا الكتاب .
في مثل هذا الجو عاشت نازك الملائكة ضمن اسرة محافظة مهتمه بالشعر والادب واذكر انه بعد سنوات طويلة . وعندما كنت ذات مرة في الكويت بدعوة من رابطة الادباء الكويتيين تحدثت عنها في الندوة التي اقيمت لي ففرحت فرحا شديدا ودعتني الى بيتها هي وزوجها الدكتور  عبد الهادي محبوبة،

لبيت الدعوة وكان اغلب المدعوين من الاساتذة العراقيين في جامعة الكويت وفوجئت بانها جاءت وسلمت علي وعليهم ثم اختفت ولم تظهر ثانية على الرغم من انها صاحبة الدعوة يحضرني هذا المثال لاعطي فكرة عن الجانب المحافظ في شخصيتها. هي قارئة جيدة الا ان قراءتها كما اعتقد مثالية وافكارها مثالية كذلك يقترب بعضها من السذاجة وهذا ليس له علاقة بموهبتها اذا عدت الى الرسالة التي ارسلتها لي والمنشورة في كتاب (فتوحات البياتي) وقرأتها ستشعر بما اقول فمثلا وجهة نظرها في الصوفية تنحصر في مفهومها الديني ولاترى اية علاقة للصوفية في الاتجاهات الفلسفية الاخرى بل كانت تندهش وتستغرب كيف يمكن لشاعر مثلي ان يجمع بين اليسارية والصوفية في ان واحد علماً بان الصوفيين كانوا يدافعون عن روح الامة وهذا ما يظهر في شعر جلال الدين الرومي اذ ان اغلب المؤرخين يعتقدون بان اشعار جلال الدين الرومي الصوفية هي التي اججت روح المقاومة لدى الناس الذين صدوا المغوليين والصليبيين.
تعرفت الى نازك في دار المعلمين حيث قمنا انا وبعض الاصدقاء بزيارة الى اسرتها واذكر اننا اختلفنا حين ذاك في كثير من الامور وكما قلت فان افكارها ثابتة لا تتحول ولا تقبل المناقشة ابداً.
وأتذكر اننا تكلمنا حول العروض والايقاع في القصيدة الحديثة ولمست انها تحاسب القصيدة الحديثة المكونة من التفعيلات ومحاسبة الناقد للقصيدة العمودية فتتكلم عن نقصان حركة هنا او هناك وتعتقد بانه لايوجد ايقاع في الشعر العربي انما هناك اوزان الخليل ومن يخرج عليها يكون كمن خرج عن الشعر.
لقد تناولت هذه الناحية في كتابها (عن قضايا الشعر) كما يتناولها عروضي متزمت جداً ولم تفرق بين التفعيلية او الوزن الخليلي وبين الايقاع في القصيدة الحديثة هناك ايقاعات خطيرة موجودة في شعر السياب وكذلك في شعر صلاح عبد الصبور وفي شعري..ولكنها اعتبرت ذلك خارج السياق وخارج الوزن الخليلي وتكلمت في مكان اخر وكذلك في شعر ابي تمام وفحول الشعراء هناك اجازات أي انهم اجازوا ذلك لانفسهم مضطرين من اجل جلال المعنى او جمال الصورة واعني بذلك جواز استبدال همزة القطع بهمزة الوصل.
مااريد قوله: انها كانت متشددة جداً في ارائها حتى ان كتابها قوبل بتحفظ شديد من قبل المعنيين بالشعر بينما هلل له المحافظون جداً وهذه علامة لم تكن في صالحها.
ابديت اهتماماً كبيراً في شعرها اكثر من اهتمامي بشعر السياب ذلك لان لغتها صافية وكانت قصيدتها رومانسية وليست كرومانسية الشعراء الانكليز الرجال مثل بايرون بالقريبة الى شعر الشاعرات الرومانسيات القديمات وشعر المرأة البريطانية الرومانسي يختلف عن شعر الرجل فهو يهتم بالقضايا الصغيرة وبالشؤون الذاتية بينما تجد مجتمع البيت والمجتمع الاسري والذات والمرآة والصوف والابرة وكل شؤون المرأة مجتمعة في شعر المرأة الرومانسية.
لقد اعجبتني هذه اللغة المصقولة التي هي حديثة فعلاًُ بعكس لغة السياب مثلاً الذي كان في القصيدة التي يتمرد فيها على العامود يكتب بلغة كلاسيكية كلغة ابي تمام على سبيل المثال أي لم تتبلور لديه لغة خاصة كان لنازك في بدايتها لغة خاصة تماماً لكن كنت احياناً عندما اقرأ هذه القصيدة او تلك اقول:
و كتبت هذه القصيدة بالشكل العامودي لما فقدت شيئاً اتساءل لم التشديد؟
عندما اقرأ بعض شعرها وليس كل شعرها طبعاً أي انه كان يمكن ان تكتب هذا الشعر بطريقة عامودية وفعلاً كانت هناك قصائد تتناول شؤونها الذاتية بالشكل العامودي انا افضلها على القصائد الاخرى التي لم تلتزم فيها بعدد التفعيلات العروضية يعني هي مدرسة خاصة كما اعتقد انها تختلف عن مدرسة الشعراء الرومانسيين الرجال كعلي محمود طه  و ابراهيم ناجي وتختلف عن فدوى طوقان اختلافاً كبيراً اذ ان فضاء فدوى طوقان اكبر والافاق التي عبرت عنها اوسع ,فدوى خرجت من الذات وعبرت عن قضاياً كثيرة أي اقتربت بامكانياتها الشعرية من الشعر الذي لايمكن ان نصنفه الى شعر رجال ونساء بينما نازك بقيت تكتب شعراً اقرب الى طبيعة النساء وهذه ميزة لها وليست عيباً فيها وهو شيء جميل ونحن بحاجة الى مثل هذا الشعر.
استمرت نازك في الكتابة الا ان ماجرى في العراق وفي العالم العربي من انقلابات وثورات اضعف صوتها ثم بدأ يختفي شيئاً فشياً .. لقد كانت نازك في بداياتها عظيمة حتى مطلع السبيعينيات ولكنها لم تواصل الرحلة وانقطعت عن الكتابة الشعرية وبدأت تكتب في قضايا سياسية فقد صدر لها كتاب لا اتذكر عنوانه بالضبط عن التجزئة في الوطن العربي او شيء من هذا القبيل أي انها صرفت اهتمامها عن الشعر وبدأت تنتج وتكتب عن القومية وماشابه ولكن تناولت ذلك ايضاً بشكل تقليدي كلاسيكي مثلما تحدث بعض القوميين في الاربعينيات (نفس الشعارات الساذجة ) وعلى الرغم من فهمها العميق الا انها اكتفت بالقليل او بالاحرى لم تكن لديها مغامرة وجودية لغوية بل اكتفت بحافة الاشياء حافة التجديد واجادت اجادة كبيرة حقيقية في هذا المجال انا اعتبرها شاعرة كبيرة بل اهم شاعرة عربية في بداياتها ,دواوينها الاولى ( الاول والثاني وحتى الثالث ) من اهم دواوين الشعر العربي ولو استمرت بالتطور وفي ارتياد افاق جديدة لبلغت شأناً كبيراً للمرة الاولى في تاريخ الشعر العربي ولكن مع الاسف كما ذكرت انها لم تواصل الرحلة.

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
جرحى بينهم 6 أطفال بانفجار عبوة في شمال العراق
"خيارات" لحسم مشكلة الحدود البحرية بين العراق والكويت
بعد مقتل جنود إسرائيليين بطائرات مسيّرة من العراق، إسرائيل تمهد لتوجيه ضربة للعراق
مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة 23 بطائرة مسيرة من العراق
"ثورة تشرين" في العراق.. قصة الخيمة رقم 207
شاركت فيها 3 دول.. عملية سرية تحرر إيزيدية من الأسر في غزة
العراق يتذكر احتجاجات تشرين.. حكايات نساء واجهن الرصاص
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الأميركية
إبراهيم ومجتبى.. جرح قمع "احتجاجات تشرين" في العراق لم يندمل
الجيش الإسرائيلي يعلن ارتفاع عدد قتلاه في لبنان
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الأميركية
5 سنوات على احتجاجات تشرين ولا حساب لقتلة المتظاهرين.. ماذا حققت الثورة؟
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة